“في رحلة البحث عن مسارات آمنة نحو مستقبل أفضل، يقف السودان أمام تحديات عديدة. بين الحرب والسلام، والتخلف والتنمية، تتشكل ملامح الوطن من جديد. في هذا العمود الأسبوعي، سنحاول إلقاء الضوء على تلك المسارات، لنعيد رسم خارطة الأمل بمشاركة الجميع.”
في الأول من يناير 1956، وقف السودان بشموخ معلنًا استقلاله، ليصبح سيد قراره وصانع مستقبله. كان ذلك الإنجاز التاريخي نتاج وحدة وطنية جسّدتها مكونات المجتمع السوداني كافة، حيث تضافرت الجهود لتجاوز عقود من الاستعمار. واليوم، بينما نحتفل بهذه الذكرى المجيدة، يواجه الوطن تحديات تهدد وحدته واستقراره، مما يجعل استعادة الوحدة الوطنية ضرورة ملحة لا غنى عنها لعبور هذه المرحلة الحرجة.
درس من الماضي
لم يكن استقلال السودان ممكنًا لولا روح الوحدة التي جمعت بين قياداته ومواطنيه من مختلف الخلفيات. أدرك الجميع حينها أن تحقيق الهدف المشترك لا يمكن أن يتم إلا بالعمل الجماعي والتكاتف. هذا الدرس من الماضي يذكرنا بأن الخلافات السياسية أو الاجتماعية يجب ألا تكون أقوى من حبنا للوطن وإرادتنا المشتركة لتحقيق التغيير.
واقع اليوم: الانقسام والتحدي
في الوقت الراهن، يعاني السودان من انقسامات سياسية واجتماعية تهدد نسيجه الوطني. تفاقمت الصراعات نتيجة السياسات غير العادلة والتهميش، مما أدى إلى تفكك الروابط التي كانت تجمع بين مختلف مكونات المجتمع. إن استمرار هذا الوضع يشكل خطرًا على الاستقرار والسلام، ويعيق أي جهود لتحقيق التنمية.
أهمية الالتفاف حول القوات المسلحة
القوات المسلحة السودانية كانت وما زالت تمثل صمام الأمان للوطن ودرعه الحصين أمام التحديات الداخلية والخارجية. فهي الحامي للسيادة الوطنية ووحدة التراب السوداني. الالتفاف حول القوات المسلحة ودعمها ليس مجرد خيار، بل ضرورة وطنية تفرضها طبيعة المرحلة الراهنة. هذا الدعم يضمن استقرار الوطن، ويعزز من قدرتها على أداء مهامها بكفاءة في حماية الشعب والحفاظ على مكتسبات الوطن.
المسار: استعادة الوحدة الوطنية
لتجاوز هذا الواقع، يجب أن نعمل على استعادة الوحدة الوطنية كأولوية قصوى، وذلك من خلال:
1. إعادة بناء الثقة: يتطلب ذلك فتح حوار وطني شامل يضم جميع الأطراف دون إقصاء، حيث يُسمح لكل صوت بأن يُسمع، ولكل قضية بأن تُناقش بحيادية وشفافية.
2. ترسيخ قيم المواطنة: يجب أن تقوم الدولة على مبدأ المواطنة المتساوية، حيث تُعامل جميع الفئات بدون تمييز. هذا يتطلب إصلاحات قانونية ودستورية تعزز العدالة والمساواة.
3. تعزيز الهوية الوطنية المشتركة: يحتاج السودان إلى إعادة بناء سردية وطنية قائمة على التنوع الثقافي والعرقي كعامل قوة، وليس سببًا للفرقة.
4. الإعلام كأداة للوحدة: للإعلام دور محوري في تهدئة الأوضاع وتعزيز الوعي الوطني، بدلاً من أن يكون وسيلة لنشر الكراهية والخلافات.
نحو غدٍ مشرق
بين أيدينا فرصة لاستعادة روح الاستقلال من خلال توحيد صفوفنا مرة أخرى. الوحدة الوطنية ليست مجرد شعار، بل هي مسار عملي نحو وطن يسوده السلام، التنمية، والعدالة. إذا استطاع أجدادنا أن يتحدوا لتحقيق الاستقلال، فإننا قادرون على الاتحاد لتجاوز التحديات التي نواجهها اليوم.
دعونا نجعل من ذكرى الاستقلال محطة انطلاق جديدة، نضع فيها “الوطن أولاً” ونعمل معًا لبناء مسارات آمنة نحو مستقبل أفضل.