(الموازنة الطارئة ).. الحرب والصحة والتعليم والكهرباء!!

تقرير_ محمد جمال قندول

أجازت اللجان الفنية للقطاعات الوزارية بمجلس الوزراء أمس (الأربعاء)، مشروع الموازنة الطارئة للعام المالي للدولة 2025م.

مشروع الموازنة المجازة فنيًا، حمل مؤشراتٍ إيجابيةٍ أبرزها، أنها خلت من أية ضرائب جديدة.
وتُعدُ هذه الموازنة الجديدة الثانية بعد اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل إثر تمرد ميليشيات الدعم السريع.

وبعد 20 شهرًا من أزمة الحرب، استطاعت الحكومة أن تعبر بالبلاد لبر الأمان، واستطاعت لملمة أطرافها خاصةً على المستوى الاقتصادي، وتمكنت من اجتياز الصعاب، وذلك بفضل الجهود الكبيرة لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، هذا بجانب مؤسسات الدولة الأخرى.
(الكرامة) أجرت قراءةً سريعةً حول مشروع الموازنة المرتقبة وخرجت بالمحصلة التالية:

دوائر الإنتاج

(الموازنة الطارئة)، حملت بشرياتٍ للمواطن أهمها: خلو الموازنة من أية ضرائب جديدة، مع الالتزام بزيادة الصرف على الأولويات المحددة بدعم المجهود الحربي، ودعم قطاع الصحة، والتعليم، والكهرباء، ومطلوبات النازحين من المساعدات الإنسانية، ودعم الهيئات الإعلامية.

وقدم وكيل وزارة المالية والتخطيط عبد الله إبراهيم، مشروع الموازنة الطارئة توطئةً لرفعه لمجلس الوزراء لإجازته بصورته النهائية، وذلك بمجمع الوزارات بالعاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان، حيث حُظي مشروع الموازنة بإجماعٍ تام، بينما تمت الإشادة بجهود وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي. ‏

ويرى الباحث في جامعة إفريقيا العالمية د. وليد الطيب، أنّ مشروع الموازنة المقترح يناسب طبيعة المرحلة وأولوياتها، وهي أقرب لأن تكون ميزانية حرب وطوارئ، وبالتالي ركزت على دعم المجهود الحربي وتوفير مطلوبات القوات المسلحة السودانية، وتوفير مطلوبات النازحين والمساعدات الإنسانية الضرورية، وكذلك توفير الاحتياجات الأساسية من صحةٍ، وتعليمٍ وكهرباء.

ويشير د. وليد إلى أنّه سيكون مُقدرًا للدولة إذا استطاعت تمويل هذه الميزانية وإعادة تشغيل مؤسسات القطاع الصحي، والكهرباء، والتعليم، وصيانتها وإعادة تأهيلها في خطوة مقدرة لتوفير البنيات الأساسية والضرورية لمشاريع إعادة الإعمار لسودان ما بعد الحرب.

وأضاف الطيب أنّ من الجوانب المهمة التي هي بحاجةٍ إلى تسليط الضوء عليها بالميزانية هو: تشجيع البنوك وتوفير ضماناتٍ حكوميةٍ لها، وذلك من أجل دعم المشاريع الصغيرة وصغار المنتجين وإعادة إدخالهم في دوائر الإنتاج من جديد، وهي من الفئات المهمة في تحريك عجلة الإنتاج والاقتصاد.

واستطاع وزير المالية والاقتصاد جبريل إبراهيم بمعاونة وكيل الوزارة د. عبد الله ابراهيم ان يديرا اقتصاد الدولة في ظل حرب مستعرة لم تترك الأخضر ولا اليابس وافقدت خزينة الدولة 80٪ من ايرادتها وحطمت البنية التحتية وخرجت العاصمة باقتصادها عن اقتصاد الدولة ورغم ذلك هذه هي الموازنة الثانية في ظل ظروف بالغة التعقيد وهذا نجاح استثنائي بحسابات المراقبين الإقتصاديين.

الموسم الزراعي

وكان وكيل المالية عبد الله إبراهيم، قد استعرض خلال اجتماع الأمس، أداء الموازنة العامة ، والتزامها بالصرف وفقًا للأولويات ممثلة في دعم المجهود الحربي، والقطاع الصحي، والمساعدات الإنسانية، وتعويضات العاملين، وتوفير السلع والخدمات الأساسية، وتحويلات الولايات، ودعم الموسم الزراعي، والكهرباء، وإيفاء الالتزامات الخارجية.

الكاتبة الصحفية المتخصصة في الاقتصاد سمية سيد رئيسة تحرير صحيفة أخبار السودان، بدورها علقت على معرض الطرح وقالت إنّه وبعد ما يقارب العامين من حرب ميليشيا الدعم السريع، استطاعت وزارة المالية أن تنجح بشكلٍ كبيرٍ جدًا في احداث تماسك للاقتصاد السوداني وعدم تعرضه لانهيار كان متوقعًا بسبب خروج أكثر من80% من الإيرادات، وذلك لأسبابٍ موضوعية معروفة أهمها:

انهيار بنية الاقتصاد السوداني التي من أهم مظاهرها: انهيار تام للقطاع الصناعي في أكبر مدينتين هما (الخرطوم ومدني)، بجانب انهيارٍ تام للقطاع الزراعي خاصة في الجزيرة وعدد من ولايات دارفور الكبرى، مما نتج عنه أيضًا انهيار صادرات الزراعة والثروة الحيوانية في ولايات (الجزيرة، ودارفور وكردفان).

وأضافت أ. سمية أنّه وبالرغم من عدم وجود أي موارد للنقد الأجنبي بسبب توقف الصادرات – عدا صادر الذهب الذي غطى كثيرًا من الفجوة – إلّا أنّ وزارة المالية استطاعت أن توفر أهم المطلوبات لمجابهة (حرب الكرامة)، خاصةً فيما يختص باستيراد السلاح، وقطع الغيار، والمسيرات، وحتى الطائرات، وذلك بفضل مجهود المالية الكبير وعدم حصول البلاد على أي دعمٍ خارجي، تمكن الجيش من التقدم في كافة المحاور والانتصار في جبهات القتال جراء توفير معينات الحرب بالموارد الذاتية.

وتابعت الكاتبة الصحفية سمية قائلةً إنّ الدولة تمكنت بفضل إحكام وزارة المالية، توفير السلع الاستراتيجية خاصةً المواد البترولية، ودقيق القمح، والأدوية خاصةً المنقذة للحياة.

وأكملت: برغم ارتفاع سعر الدولار، لكن لا زال الجنيه السوداني صامدًا ولم يصل مرحلة الانهيار، مقارنةً بالدول التي مرت بنفس ظروف السودان من حربٍ وعدم استقرار، فإنّ العملة الوطنية لا زالت في موقفٍ غير كارثي ولم يرتفع الدولار بالصورة التي تقود للانهيار الاقتصادي.

وترى سمية أنّ كل هذه المؤشرات الإيجابية ظهرت في طريقة إعداد مشروع موازنة العام 2025، الذي جاء واقعيًا، مع توقعاتٍ بهزيمة الميليشيا بشكلٍ كاملٍ خلال فترةٍ وجيزةٍ، مما يعني خفض الصرف على الأقل في مجال التسليح.

ولكن أ. سمية عادت وقالت إنّ الموازنة الطارئة في مشروع موازنة 2025 لم تركز على مشروعات إعادة البناء في بند الصرف بالصورة المتوقعة، بجانب مشروعات إعاشة المواطنين الخارجين من الحرب المدمرة والمعني بها المشروعات (المتوسطة والصغيرة).

Exit mobile version