رصد : الحاكم نيوز
قتلت قوات الدعم السريع عشرات المدنيين وكذلك جرحت، واغتصبت، واختطفت كثيرين آخرين في موجات من الهجمات في ولاية جنوب كردفان في السودان
تشكّل الانتهاكات جرائم حرب، وشملت القتل والاغتصاب واختطاف السكان من الإثنية النوبية ونهب المنازل وتدميرها. وتسببت كذلك في نزوح جماعي، وحولّت كُلّا من هبيلة وفايو المجاورة إلى مدينة أشباح.
وثقت هيومن رايتس ووتش اغتصاب 79 فتاة وامرأة، في حالات شملت العبودية الجنسية، بناء على مقابلات مع ضحايا، وشهود، وأقارب الضحايا وأصدقائهن.
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن ميليشيا الدعم السريع بين ديسمبر/كانون الأول 2023 ومارس/آذار 2024 قتلت عشرات المدنيين وكذلك جرحت، واغتصبت، واختطفت كثيرين آخرين في موجات من الهجمات ضد هبيلة وفايو، وهما بلدتان في ولاية جنوب كردفان السودانية. الهجمات التي تقع بمعظمها ضد الإثنية النوبية، التي لا تحصل على تغطية كافية، تشكّل جرائم حرب. قال جان باتيست غالوبين، باحث أول في الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: “تشكّل انتهاكات قوات الدعم السريع بحق المدنيين في جنوب كردفان مثالا على الفظائع المستمرة في جميع أنحاء السودان. تؤكد هذه النتائج الجديدة على الحاجة الملحة لنشر بعثة لحماية المدنيين في السودان”. على مدار 16 يوما في أكتوبر/تشرين الأول، زار باحثو هيومن رايتس ووتش مناطق جبال النوبة في جنوب كردفان الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال (الحركة الشعبية)، وهي جماعة مسلحة نوبية تسيطر على أجزاء من الولاية منذ عقود. زار الباحثون مناطق تستضيف عشرات آلاف النازحين – معظمهم من النوبة – ممن فروا من المناطق التي تتنازع عليها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بهدف السيطرة على البلاد، في جنوب كردفان وأماكن أخرى في السودان. أجرى الباحثون مقابلات مع 70 نازحا، 40 منهم ناجون من هجمات قوات الدعم السريع على هبيلة وفايو والقرى المجاورة، وحللوا صور الأقمار الصناعية للمنطقة بين ديسمبر/كانون الأول 2023 وأكتوبر/تشرين الأول 2024. تحدث الباحثون أيضا مع 24 شخصا آخرين، منهم عمال إغاثة، ومسؤولون محليون، وآخرون لديهم معرفة بالمنطقة. وثقت هيومن رايتس ووتش، بناء على مقابلات مع شهود، مقتل 56 شخصا أعزل في هذه الهجمات، منهم 11 امرأة وطفل واحد. أعدمت قوات الدعم السريع أشخاصا في منازلهم وأطلقت النار على آخرين في الشارع وقتلتهم. قد تكون الأرقام الفعلية أكبر بكثير نظرا لفرار الكثيرين في اتجاهات مختلفة بعد الهجمات. كما وثقت هيومن رايتس ووتش اغتصاب 79 فتاة وامرأة، في حالات شملت العبودية الجنسية، بناء على مقابلات مع ضحايا، وشهود، وأقارب الضحايا وأصدقائهن. وجّهت هيومن رايتس ووتش في 25 نوفمبر/تشرين الثاني رسالة إلكترونية إلى المتحدث باسم قوات الدعم السريع المقدم الفاتح قرشي تضم ملخصا تفصيليا لنتائجها مع أسئلة محددة، لكنها لم تكن قد تلقت أي رد حتى وقت النشر. منذ اندلاع النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، فر مئات الآلاف إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحركة الشعبية، والتي شهدت نزاعا طوال سنوات الـ 2010، ولكنها حاليا إحدى أكثر المناطق استقرارا في السودان. شهدت أجزاء أخرى من جنوب كردفان المتاخمة للمناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع اشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والحركة الشعبية. تشمل المناطق المتضررة بلدتَيْ هبيلة وفايو والقرى المجاورة، وكلها في محلية هبيلة. في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، هاجم مقاتلو قوات الدعم السريع بلدة هبيلة، التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية. في ذلك اليوم وفي الأيام التالية، قتلوا في هجمات متعمدة وعشوائية قرابة 41 مدنيا ومقاتلا أعزل، وجرحوا آخرين، واغتصبوا نساءً وفتيات، كما نهبوا المنازل على نطاق واسع. قالت ثلاث نساء إن قوات الدعم السريع قتلت في وقت مبكر من صباح 31 ديسمبر/كانون الأول ثمانية أشخاص على الأقل، بينهم أقاربهن، في الحوش العائلي الذي لجأت إليه أسرهن في حي الصفا. قالت إحدى النساء: “عندما وصلت قوات الدعم السريع، قالوا للرجال: ʹأخرجوا أسلحتكم!ʹ. رد الرجال بأنهم لا يحملون أي أسلحة؛ فقالت القوات: ʹأحضروا أموالكمʹ. رد الرجال بأنهم لا يملكون أموالا. عندها بدأت قوات الدعم السريع في إطلاق النار عليهم”. قال أربعة ناجين إن معظم السكان فروا من هبيلة بعد استيلاء قوات الدعم السريع عليها، وإن المدنيين تعرضوا لإطلاق النار وقُتلوا أثناء فرارهم. كما أعدمت قوات الدعم السريع جنودا ورجال شرطة عزّلا من القوات المسلحة السودانية، في أماكن شملت منازلهم. واجه المدنيون الذين بقوا انتهاكات جسيمة على أيدي قوات الدعم السريع، التي نهبت، واغتصبت النساء والفتيات، وقتلت من حاول التدخل من رجال وفتيان. عاد بعض من فروا بعد بضعة أيام لجمع متعلقاتهم ووجدوا أن البلدة تعرضت للنهب. في 1 يناير/كانون الثاني، هاجمت قوات الدعم السريع مدينة فايو، على بعد 17 كيلومتر إلى الجنوب، والتي كانت أيضا تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية. كان هذا أول هجوم من هجمات عدة قتلت فيها قوات الدعم السريع 21 مدنيا على الأقل، واختطفت 18 امرأة وفتاة وخمسة رجال على الأقل، ونهبت ودمرت ممتلكات مدنية، وقالت امرأة من فايو، فرّت مع سكان نوبيين آخرين بعد الهجوم الأولي في 1 يناير/كانون الثاني، إنها عادت بعد بضعة أسابيع لجمع ممتلكاتها. قالت: “لم يتبقَّ شيء. دُمر كل شيء ونُهب بالكامل… أخذوا سريري والملاءات وجَرّارنا مع مقطورته وملابسنا وكل مقتنياتنا [في منزلنا]… وحتى الباب”. فر عشرات الآلاف من منازلهم في جميع أنحاء المنطقة مع استمرار الهجمات، التي وقع جزء منها ضد المدنيين، والاشتباكات بين قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها والحركة الشعبية للسيطرة على حبيلة وفايو. وفقا لـ “المنظمة الدولية للهجرة”، بحلول أبريل/نيسان 2024، نزح أكثر من 47 ألف شخص من محلية حبيلة إلى مناطق أخرى في جنوب كردفان. تُظهر صور الأقمار الاصطناعية علامات نهب وحرائق في حبيلة وفايو، وأضرارا ناجمة عن الحريق في أربع قرى مجاورة. حددت هيومن رايتس ووتش في مقطع فيديو الموقع الجغرافي لإحدى هذه القرى، تونجول، وهي قرية تقع على بعد 13 كيلومترا جنوب غرب حبيلة. يُظهر المقطع رجالا يرتدون زي قوات الدعم السريع يركبون دراجة نارية في القرية. يمكن رؤية المنازل تحترق على طول الطريق. تُظهِر تحليلات صور الأقمار الاصطناعية احتراق المنازل في بعض الأحيان بين 11 و14 فبراير/شباط، في حين أظهرت بيانات الشذوذ الحراري حريقا فوق تونغول في 12 فبراير/شباط. يشكّل القتل المتعمد للمدنيين، والاغتصاب والأشكال الأخرى للعنف الجنسي، والنهب، والتدمير المتعمد للممتلكات المدنية جرائم حرب. وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا في أماكن أخرى في السودان ارتكاب قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها انتهاكات جسيمة، منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضمن حملة تطهير عرقي في غرب دارفور. لم تتخذ الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي خطوات ملموسة لحماية المدنيين. في تقرير رُفِع في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2024 إلى مجلس الأمن، والذي قدم توصيات لحماية المدنيين، أقر الأمين العام للأمم المتحدة بأحقية مطالبة المدنيين السودانيين ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بإنشاء بعثة لحماية المدنيين، لكنه لم يقترح كيف يمكن نشرها. قال غالوبان: “ينبغي للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي اتخاذ خطوات حاسمة لنشر بعثة يمكنها حماية المدنيين السودانيين من القوات التي تعيث فسادا. يمكن نشر بعثة لحماية المدنيين في المناطق التي لجأ إليها المدنيون ولكن حيث الاحتياجات الإنسانية ماسة، مثل مناطق جنوب كردفان التي زرناها”. قتلت قوات الدعم السريع خلال هجومها على هبيلة في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023 مدنيين، وجنودا عُزّل من القوات المسلحة السودانية، ورجال شرطة. قالت رُبى (20 عاما) إن رجالا عربا بملابس مدنية دخلوا الحوش الذي تسكنه في ذلك الصباح وأمروها والمدنيين الآخرين في المنزل بتسليم مقتنياتهم الثمينة. قالت إن الرجال سألوا زوجها بعد ذلك عما إذا كان جنديا. قالت إنه عندما أجاب بأنه مدني، سألوه عن قبيلته. قالت إنه عندما أجاب بأنه نوبي قالوا له: “يا نوبيون، نحن غاضبون منكم، اليوم يومكم”. ثم أطلقوا النار عليه وقتلوه فورا. قال شاهدان آخران إنه في صباح يوم 31 ديسمبر/كانون الأول أيضا، أطلق رجل يرتدي زي قوات الدعم السريع النار على عبير (25 عاما)، وقريبها عبد الرحمن، وأصاب رجلا آخر في منزل عبير. قالت جارة عبير، حواء إدريس، التي كانت في المنزل وقتها، إنها رأت المهاجم يطلق النار على عبير، التي كانت في سريرها، في صدرها، وإن عبير وعبد الرحمن توفيا فورا. أضافت أن عبير كانت قد وضعت مولودها، محمد، قبل أربعة أيام، وإن الطفل نجا من الهجوم لكنه مات بعد خمسة أيام جرّاء الجوع. قالت نفيسة عبد الرحيم، وهي ممرضة، إن قوات الدعم السريع أعدمت ميدانيا في 31 ديسمبر/كانون الأول ابن أخيها منادل (18 عاما) مع رجال آخرين في حيّ تي. أصيب صادق (34 عاما)، شقيق منادل، برصاصة في ساقه، لكنه تظاهر بالموت ونجا ليخبرها بالقصة. أضافت أنه كان أحد ناجيَيْن فقط. أطلقت قوات الدعم السريع كذلك النار على المدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار وقتلتهم. قال عبد الجليل جمعة إنه كان يحمل أطفاله ويركض لينجو بحياته، عندما رأى مهاجمين ملثمين على دراجات نارية يطلقون النار ويقتلون جاره، وهو سائق في أواخر العشرينات يدعى يوسف عمير، كان يفر أيضا. قال عبد الجليل: “جاؤوا بدراجات نارية، وتوقفوا وبدأوا بإطلاق النار”. خلال المراحل الأولى من الهجوم، اشتبكت قوات الدعم السريع مع القوات المسلحة السودانية الموجودة على الجبل المجاور للبلدة وبالقرب منه. لكنها قتلت أيضا أفرادا غير مسلحين من القوات المسلحة السودانية ورجال الشرطة في الأحياء السكنية. قالت زهرة موسى إن قوات الدعم السريع اعتقلت ثلاثة من جيرانها من منازلهم، جميعهم جنود عزل من القوات المسلحة السودانية، وأعدمتهم ميدانيا. قالت إنه عندما خرجت هي وأقاربها من منزلها في الساعة 5 فجرا لدى سماع إطلاق النار، واجهوا مقاتلين من قوات الدعم السريع يرتدون الزي الرسمي والعمامات: كان جيراني جنودا… إنهم أشقاء، في أوائل العشرينات… [كانوا يرتدون] ملابس مدنية عادية لأنهم كانوا في المنزل وقتها… وضعهم عناصر الدعم السريع صفا واحدا وهم يركعون على الأرض وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم… قالوا لهم: “انضموا إلينا!” وكان رد الجنود، “لقد أقسمنا [بالولاء] للجيش، ولا يمكننا الانضمام إليكم!”… أطلقوا النار عليهم أمامنا… واحد في رأسه، وواحد في صدره، واحد في بطنه… بكينا عندما أطلقوا النار عليهم، لكن هددتنا قوات الدعم السريع بإطلاق النار علينا إذا بكينا مجددا. قالوا: “نحن هنا لنحكمكم. سبق أن طردنا الجيش، ونحن من سيحكم المنطقة”.قالت إجلاء أم عمر إن مقاتلي قوات الدعم السريع أطلقوا النار على مركز الشرطة وأصابوا شقيقها مجاهد (30 عاما)، وهو شرطي، وشرطي آخر في العشرينات من عمره، يُدعى كباشي، وحارس عمره 40 عاما يدعى جعفر. توفي الثلاثة، رغم أن مجاهد نجا في البداية من إصابته ووصف الحادث لإجلا. أكد قريبان آخران لمجاهد عمليات القتل. قال شهود إن قوات الدعم السريع استمرت في ارتكاب انتهاكات جسيمة، منها القتل، بعد هزيمة القوات المسلحة السودانية في هبيلة. قال بيتر جادول (47 عاما)، وهو مزارع: “بعد أن طردوا الجيش من القاعدة، عادوا [إلى المناطق السكنية]”. قال إن 13 رجلا بزي قوات الدعم السريع جاؤوا إلى منزله وبدأوا بضربه بالعصي، وسألوه: “هل أنت جندي؟ هل أنت متمرد؟” نهبوا المنزل، وسرقوا 7 ملايين جنيه سوداني (حوالي 3,200 دولار أمريكي)، و40 كيسا من الذرة البيضاء، وبرميلا، وجميع الملابس، ثم أحرقوا المنزل. قال وليد كافي (40 عاما)، إنه بعد ساعة من انتهاء القتال، جاءت إلى حيه مجموعة من سبعة مقاتلين من قوات الدعم السريع بزيها الرسمي تركب سيارات ودراجات نارية، ودخلت منزله ونهبت الملابس وأغطية الأسرّة وأواني الطبخ وكل شيء آخر. أضاف، “قال لي أحدهم،” إذا تكلمت سنطلق النار عليك”. أضاف كافي، الذي قتلت قوات الدعم السريع شقيقيه المزارعين، محمد كافي (50 عاما)، وآدم سيليك (40 عاما): “سمعت طلقات نارية، وركضت ووجدتهما ميتين في غرفتيهما”. قال محمود عبد العزيز، الذي فر وشاهد الهجوم من مسافة بعيدة، إنه رأى عناصر الدعم السريع “يتنقلون من منزل إلى آخر”، ويأخذون “ما يحتاجون إليه…” ثم يحرقون البيوت. تُظهر صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023 عمودا من الدخان ينبعث من موقع عسكري على الجانب الشرقي من المدينة. كما رُصِد شذوذ حراري في الموقع نفسه، وكذلك في منطقة سكنية جنوب السوق مباشرة.
1 يناير/كانون الثاني والأيام التالية
استمرت الانتهاكات الجسيمة في الأيام التالية، حيث قتل مقاتلو قوات الدعم السريع مدنيين وضربوهم واغتصبوهم، ونهبوا الممتلكات، ودمروا المنازل. كما ارتكبت قوات الدعم السريع في فبراير/شباط ومارس/آذار انتهاكات عديدة إضافية ضد المدنيين خلال المعارك المتقطّعة مع الحركة الشعبية، التي حاولت السيطرة على هبيلة. قالت مامزولا داود إنها عندما عادت مع عائلتها إلى هبيلة في 1 يناير/كانون الثاني لمحاولة استعادة بعض الممتلكات، دخل رجال قوات الدعم السريع إلى منزلها في الحوش وقتلوا ابنها العجب (25 عاما) وعمها عبد الرحمن (85 عاما). قالت نسرين إنه في 3 يناير/كانون الثاني، جاء ستة رجال على دراجات نارية بزي بلون البيج إلى منزلها. تتذكر أنهم قالوا: “أيها النوبيون، اليوم يومكم!” قالت إن الرجال الستة اغتصبوها وقتلوا زوجها البالغ من العمر 40 عاما وابنها البالغ من العمر 25 عاما، اللذين حاولا حمايتها. كانوا يقولون، “يا نوبية، سنغتصبك أنت وزوجك”. لم تتمكن حسينة من المغادرة لمدة أسبوعين بعد الهجوم. خلال تلك الفترة، كان ستة رجال بأزياء كاكية وخضراء يأتون إلى منزلها. أضافت: “كان من الواضح أنهم من قوات الدعم السريع … [لأنها] كانت القوات الوحيدة في المدينة وقتها. جاؤوا إلى منزلنا وحاولوا سرقة ماشيتنا”. قالت حسينة إنه عندما صرخ زوجها دانيال (40 عاما) عليهم ليتوقفوا، أرداه أحد الرجال قتيلا على الفور، ثم غادروا ومعهم ماشية الأسرة. أضافت أنه في الأيام التالية، جاء رجال باللباس ذاته واغتصبوها جماعيا، وكانوا يعودون كل يوم حتى سيطرت الحركة الشعبية على المدينة بعد حوالي شهر.
قالت بخيتة أنجالو إنها عادت إلى هبيلة بعد حوالي ثلاثة أيام من الهجوم لتجد أن منزلها قد نُهِب. قالت: “أخذوا ماعزنا وأسرّتنا وكل شيء”. عادت جميلة نيامان إلى حبيلة لاحقا ووجدت أن “كل شيء قد نُهِب”. هربت مع نساء أخريات نحو كورتالا، في أراضي الحركة الشعبية، لكن أوقفهن عشرة رجال يرتدون الزي البيج والأخضر. قالت: “أجبرونا على الاستلقاء أرضا وأمرونا بتسليم أموالنا… ضربوا والدتي التي كانت معنا. وما زالت تعاني الألم”. وبحسب تقارير، هاجمت الحركة الشعبية بلدة هبيلة في 9 فبراير/شباط واستعادت السيطرة عليها في 10 فبراير/شباط، ما تسبب في نزوح نحو 15 ألف شخص. في أواخر فبراير/شباط، أفيد أن قوات الدعم السريع هاجمت حبيلة مجددا، ما تسبب في فرار 40 ألف شخص. تُظهر بيانات الشذوذ الحراري التي الْتُقِطَت للحرائق في 9 فبراير/شباط والصور الفضائية من اليوم نفسه و10 فبراير/شباط علامات حرائق جديدة في ضواحي حبيلة، بما يشمل المناطق السكنية. ظهرت بين 20 و22 فبراير/شباط علامات حريق كبير في منطقة سكنية على الجانب الشرقي من المدينة. تُظهر صور الأقمار الاصطناعية بين 8 و10 مارس/آذار مناطق سكنية محترقة جديدة في جنوب التل المطل على المدينة. قال صلاح بشير إنه خلال الهجوم الذي وقع في مارس/آذار، “منعت قوات الدعم السريع المدنيين من الفرار. وكان لديهم نقاط تفتيش عند مداخل البلدة وكانوا يطلقون النار على أي مدني يحاول الفرار”. أضاف أنه في ذلك اليوم وجد جاره كوندا، الذي كان في الستينات من عمره، ميتا خارج منزله، إلى جانب ستة مدنيين آخرين كانوا يحتمون هناك. منذ ذلك الحين، يبدو أن هبيلة أصبحت مدينة أشباح. قال عبد الجليل جمعة: “لا يوجد أشخاص هناك الآن”. تُظهِر صور الأقمار الاصطناعية بين يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول نموا نباتيا تدريجيا في البلدة. كما تُظهر صورة الأقمار الاصطناعية الملتقطة في 11 أكتوبر/تشرين الأول النباتات متفشية في المناطق التي عادة ما تكون خالية منها خلال موسم الأمطار في أكتوبر/تشرين الأول، مثل المسارات والساحات المحيطة بالمنازل وقرب السوق. تُظهر صور الأقمار الاصطناعية عالية الدقة الملتقطة في 12 نوفمبر/تشرين الثاني مدى الضرر والنهب في المدينة. في المناطق التي كانت آثار الحرائق مرئية فيها في فبراير/شباط ومارس/آذار، تم تدمير معظم المنازل والسياجات. في أماكن أخرى من المدينة، في المناطق التي لا توجد فيها علامات واضحة على حريق، تمت إزالة غالبية أسطح المباني المصنوعة من الصفيح المموج.
القتل والنهب والاختطاف في فايو
قال شهود إن قوات الدعم السريع وميليشيات عربية محلية هاجمت مرارا فايو، وهي بلدة صغيرة ذات أغلبية من النوبة جنوب حبيلة، في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، وقامت بعمليات قتل وإطلاق نار عشوائي واختطاف، بما في ذلك اختطاف النساء والفتيات، اللواتي احتُجزن لاحقا في ظروف العبودية الجنسية. يوثّق تقرير منفصل قادم من هيومن رايتس ووتش جرائم العبودية الجنسية. وقال سكان إن قوات الدعم السريع هاجمت فايو لأول مرة في 1 يناير/كانون الثاني، عندما كانت تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية. قال إبراهيم بخيت إن أحدا لم يحاول الدفاع عن البلدة وإنّ 15 مدنيا قُتلوا. ذكر أن جنود القوات المسلحة السودانية كانوا قد غادروا عندما استهدفت قوات الدعم السريع قاعدتهم. بينما كان يختبئ في المنزل، رأى مدنيين يتحركون مذعورين. قال إنه رأى أربعة مقاتلين من الدعم السريع يأمرون اثنين من جيرانه – تاجر عمره 35 عاما، وسائق عمره 25 عاما، بالخروج من منزلهما: كان مقاتلان من قوات الدعم السريع يعرفانهما، بينما لا يعرفهما الاثنان الآخران… اختلف الأربعة: “هل يمكننا قتل هؤلاء الناس؟” “لا، نحن نعرفهما!” أطلقوا النار على أحد جاريَّ بمسدس. وطعنوا الآخر بحربة، ثم أخذوا فأسا وقتلوه. قالت كلثومة إدريس (45 عاما) إنها حاولت الفرار مع مدنيين آخرين عندما بدأ هجوم قوات الدعم السريع؛ كان مقاتلو قوات الدعم السريع يتحركون في أرجاء القرية ورأت مقاتلا يقتل رجلا في الستينات برصاصة في رأسه ويقتل آخر في السبعينات. قالت إن ابنها البالغ من العمر 25 عاما أصيب في ساقه برصاصة مرتدّة. قالت هانية إنها وثمانية مدنيين آخرين واجهوا مسلحين يرتدون زيا فاتح اللون ورؤوسهم مغطاة بالأوشحة ويستقلون خمس مركبات خضراء: “طاردونا وفتحوا النار علينا. انبطحتُ. أطلقوا النار على عمي، كان عمره 50 عاما، والرجل الآخر الذي كان معنا، [عمره] 40 عاما”. قال ثلاثة شهود إن قوات الدعم السريع اختطفت خمسة شبان على الأقل. قالت كلثومة إدريس إن قوات الدعم السريع اختطفت ابنيها، 15 و22 عاما، وإنها لم تسمع أخبارهما منذ ذلك الحين. قال إبراهيم بخيت إنه يعتقد أن قوات الدعم السريع جنّدت قسرا ابنه البالغ من العمر 18 عاما وجارين بنفس عمره، بعد أن طلبوا منهم الانضمام إليهم في أكتوبر/تشرين الأول 2023 لكن بدون جدوى. عاد العديد من السكان الذين تمكنوا من الفرار ليجدوا أن ممتلكاتهم قد نُهبت. قال إبراهيم بخيت، “نهبوا [قوات الدعم السريع] أشياء كثيرة. نهبوا المحلات، واستولوا على ممتلكات المدنيين، وأخذوا الحيوانات. دمروا كل شيء”. في 6 فبراير/شباط، أخذت الحركة الشعبية فايو من قوات الدعم السريع لمدة وجيزة بدون قتال، لكن قوات الدعم السريع شنت هجوما مجددا في اليوم التالي، بحسب اثنين من السكان. قتلت قوات الدعم رجالا ونساء مدنيين، واغتصبت واختطفت نساء وفتيات، ونهبت ممتلكات المدنيين ودمرتها. قالت سارة إن ثلاثة مسلحين عربا محليين تعرفهم دخلوا منزلها وقالوا لزوجها البالغ من العمر 45 عاما، “أنتم النوبيون، سنقتلع أعينكم!” أضافت سارة إن المهاجمين اغتصبوا ابنة أختها بعد ذلك. أضافت أنهم سألوا زوجها عن مكان ابنتهما. وعندما أجاب بأنه لا يعرف، أطلق المهاجمون النار عليه فقتلوه. ذكرت فاتنة إبراهيم أسماء 12 شخصا قُتلوا خلال هجوم 7 فبراير/شباط، منهم خمسة مدنيين. قالت إنها رأت جثة جارها محمد، صاحب محل للشيشة في أواخر الثلاثينات من عمره، وقد أصيب برصاصة في ظهره. قالت عُنيدة ذهب، التي كانت تعمل في منظمة غير حكومية تركز على التغذية، إنها شاهدت مقاتلي قوات الدعم السريع يطلقون النار ويقتلون رجلين كانا يحاولان الفرار أثناء هجوم فبراير/شباط، وإنها شاهدت لاحقا جثتَيْ زميليها، وهما رجلان بعمر 50 عاما و35 عاما. قال السكان إن قوات الدعم السريع اختطفت أربع نساء وفتيات على الأقل في ذلك اليوم. حللت هيومن رايتس ووتش صورة أقمار اصطناعية بتاريخ 4 أبريل/نيسان 2024 تُظهر منازل محترقة في الجزء الجنوبي من المدينة، وإزالة غالبية أسطح المنازل المعدنية المموجة وأكشاك السوق، والحطام من حولها. بحلول شهر مارس/آذار، كان قد دُمِّر كل شيء في فايو، كما قال إبراهيم بخيت الذي عاد إلى القرية. “كان الأمر أشبه بالأدغال”.