إنَّ إحدى عجائب القطاع الخاص في السودان بعد تمرد مليشيات الدعم السريع تمثّل في كيفية التعامل مع العمالة الكبيرة التي كانت تحتضنها الشركات والمؤسسات الخاصة والبنوك داخل العاصمة الخرطوم ، ومن الطبيعي أن يشهد القطاع الخاص تخفيض الموظفين تناسباً مع أزمته الطاحنة التي بسببها فقد كل الموارد بالخرطوم، وهذا التخفيض يبنبغي أن يكون مبنياً على أُسس وضوابط تحكم العامل وفق قانون العمل السوداني للعام 1997 ولقد تحدّث القانون صراحةً عن الفصل ( التعسفي ) أو الإستغناء عن العمل ولقد وضع لذلك حقوق تحفظ للطرفين حقهما .
في معيتنا اليوم قصة غريبة جداً تدور أحداثها داخل شركة BABC وكيل شركة المساح الدولي CWM وهي إحدى شركات القطاع الخاص بالبلاد ذات الإنتشار الدولي، أحد الأصدقاء عملوا في هذه الشركة وكغيره من الموظفين المتضررين من الحرب ولقد فقد وظيفته بهذه الشركة وهو أمر طبيعي ليس عجب في ذلك أن يفقد الموظف وظيفته في القطاع الخاص بسبب الظروف التي تعيشها الخرطوم، ولكن الغير طبيعي هو عدم إحترام القانون وهو محور حديثنا .
صديقنا الذي يعمل بهذه الشركة تقاضى مرتب إبريل 2023 بعد شهرين أي في يوليو ولم يعترض على هذا الأمر نسبة لما حدث للشركة بالخرطوم ومن ذلك الحين لم تتم مخاطبته عن وضعيته في المؤسسة، إستفسر عن هذا الأمر أخبروه شفاهةً : ( ليس هنالك عمل ولا مرتبات وإن لم يعجبك الأمر فأعتبر نفسك في إجازة بدون مرتب )
إحدى السقطات الإدارية التي وقعت من هذه الشركة بعد أن داوم صديقنا على الإستفسار عن وضعه كتابةً عن كيفية مواصلته للعمل أو الإستغناء عن خدماته أو تسوية وضعه بصورة قانونية وكان ذلك في إيميله الذي أرسله لهم بتاريخ 17/9/2024 ولكنهم آثروا الصمت وعدم الرد على الإيميلات التي بطرفنا، وظلّ يُرسل مراسلات عبر الإيميل لأكثر من ثلاث مرات، فقامت الشركة بإرسال رد لإيميله فأرسلوا له قرار الإستغناء عن العمل بعد عام ولكن هذا الإستغناء كان بتاريخ قديم أي في 20/9/2023 اي قبل عام والمفصول لا يعلم!! . بتوجيه المدير العام عبد الشكور هارون وجّهت الشركة مدير العمليات بتسوية ما تبقى من رواتبه للأشهر المنصرمه حتى منتصف سبتمبر 2023 وفق ما تحصلنا عليه.بل وان الشركة ابدت تبرما على لسان مديرها العام عندما طالب الموظف الصديق بحقوقه بعد الفصل في خطابه لهم بتاريخ 7/11/2024 وماطلت في الرد بل وقال المذكور انه غير موافق ،، غير موافق على ماذا هل هي عطية منه ام حق مكفول؟! بل واسترسل متهما الموظف المفصول باثارة التحريض للموظفين الاخرين ضد الشركة ليأخذوا حقوقهم ،، عجبي فهل يحتاج صاحب الحق الى التحريض لاخذه؟! وبين طيات هذا تناسى المدير لجهله بقانون العمل ابلاغ الموظف انه مفصول الا بعد عام من فصله وهذا ما يوجب للموظف على الشركة حقوقا تسترد ولو بعد حين شاء المدير ام لم يشأ وكذلك بقية الموظفين
بلا شك هذا التصرف الذي وقعت فيه الشركة يعكس جهلها بقانون العمل السوداني الذي بيّن ووضّح العلاقة بين العامل والمؤسسة وهو ما لم تلتزم به وكيل شركة المساح الدولي بالسودان ، وهو يعكس البيروقراطية وسوء الإدارة، وما كان هذا ليحدث لو أن قامت الشركة لا أقول بالرد على مراسلات الموظفين فحسب بل هو واجبها أن تُسارع في تقنين أوضاعهم إن كانوا سيواصلون أم سيتم تخفيضهم مع الإلتزام بحقوقهم وهذا التصرف يعكس مدى الإهمال الذي وقعت فيه الشركة وهو ما يفتح الباب واسعاً للتساؤلات لماذا لا تلتزم بقانون العمل ؟ وهل حقاً قامت الشركة بتسوية حقوق موظفيها الذين كانوا معها في الخرطوم ؟ فهو حق لا يسقط بالتقادم .