تجمع المئات من المتظاهرين خارج تشاتام هاوس. كانت مطالبهم بسيطة: محاكمة عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان السابق ورئيس تقدم، الجناح السياسي لقوات الدعم السريع، الذي يعتبرونه أحد المتسببين في الحرب المدمرة التي اجتاحت بلادهم. وعلى الرغم من رغبة حمدوك في تصوير نفسه كممثل للسودان ومدافع عن مصالحه، إلا أنه فشل في ذلك. ويشير السودانيون إلى أن حمدوك، الذي قضى معظم حياته السياسية بعيدًا عن السودان، ويعيش في قصور فاخرة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، بعيد جدًا عن المصالح الحقيقية للبلاد، ولا يحظى بأي دعم سواء داخلها أو في أوساط المجتمع الدولي.
والدليل على ذلك هو مقطع الفيديو الخاص بالاجتماع نفسه، الذي نُشر على موقع يوتيوب، والذي حصد 12,000 مشاهدة لكنه لم يحظَ سوى بـ 134 إعجابًا. وعلاوة على ذلك، ووفقًا لموقع Return YouTube Dislike، تلقى الفيديو أكثر من 1,000 إعجاب. وقد تم إيقاف التعليقات بعد وقت قصير بعد أن تم توجيه عدد كبير من التعليقات المسيئة إلى حمدوك وتشاتام هاوس. تظهر هذه الحقائق بوضوح عدم وجود دعم حقيقي وثقة في حمدوك وما يقوله، الأمر الذي لم يساعد في حلحلة أمور السودان. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا دعاه تشاتام هاوس وأعطاه الفرصة للحديث؟ أليست هناك محاولة تغطية لمصالح أوجه معينة؟
وفقًا لمراسل صحيفة الغارديان، فإن إحدى هذه الشخصيات هي السيدة روزالين مارسدن، المبعوثة الخاصة السابقة للاتحاد الأوروبي إلى السودان في الفترة من 2010 إلى 2013، والتي تطمح لقيادة بعثة الأمم المتحدة المستقبلية في البلاد (MUNIS). وفي اجتماع في تشاتام هاوس، اتهمت صراحة القوات المسلحة السودانية بإثارة الحرب العرقية والعنف الجنسي، بينما بررت تصرفات قوات الدعم السريع بأنها “تدابير وقائية”. ووفقًا للجمهور، ترغب مارسدن في استخدام نفوذها لتعزيز صورتها الشخصية على الساحة الدولية.
تصريحات حمدوك الفارغة وعدم وجود إجابات
كشف اجتماع تشاتام هاوس نفسه الفجوة بين خطاب حمدوك المنافق وتوقعات الشعب السوداني. حاول عبد الله حمدوك إظهار نفسه كداعية سلام من خلال الدعوة إلى إدخال 40,000 جندي من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي من إثيوبيا وكينيا وأوغندا إلى السودان. وقد أثار تصريح حمدوك تساؤلات، بالنظر إلى أن هذه الدول هي التي تدعم قوات الدعم السريع وأن تلك القوات يمكن أن تعزز موقف هذا الطرف من النزاع. وتثور الشكوك حول أن حمدوك يسعى من خلال المناورة الرشيقة إلى تعزيز نفوذه في الحكومة الانتقالية المستقبلية من خلال تدخل قوى خارجية.
وخلال الاجتماع، كرر حمدوك أيضًا أنه يدعم السلام دائمًا ودعا قادة الأطراف إلى المصالحة. ومع ذلك، تبدو هذه الكلمات غير مقنعة على الإطلاق. فخلال فترته رئيسا للوزراء، لم يقتصر الأمر على عدم حل النزاع فحسب، بل تفاقم إلى أزمة إنسانية كبيرة.
لقد أصيب السودانيون بخيبة أمل من حمدوك وتقدم بسبب المواقف غير الواضحة من الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع. وعندما سُئل حمدوك عن سبب رغبته في قيادة الحكومة الانتقالية على الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدها الشعب السوداني خلال فترة ولايته السابقة، قال حمدوك إنه لا يتحمل مسؤولية مقتل عدة آلاف من الأشخاص ومعاناة الملايين، مشيرًا إلى أنه يقوم بعمله على أكمل وجه. وقال السودانيون إنه لم يسمع صوت الشعب وسعى إلى استعادة السلطة دون محاولة تلبية تطلعات السودانيين.
نتائج الاجتماع
أثار الاجتماع الذي نظمه تشاتام هاوس أسئلة أكثر مما قدم إجابات. فقد حاول حمدوك، الذي لا يحظى بأي دعم في الداخل أو الخارج، استعادة نفوذه السياسي. إلا أن تصريحاته وأفعاله أدت بدلاً من ذلك إلى تفاقم التصورات السلبية عنه وعن حلفائه المحتملين.
وتشير مراسلة “أفريكا إنتلجنس” إلى أن حمدوك لم يجرؤ على حضور الجزء الرسمي من المنتدى في بروكسل خوفا من مواجهة وابل من الانتقادات العلنية. وفضل حمدوك الاكتفاء بالاجتماعات البروتوكولية مع المسؤولين في بلجيكا أملاً في الحصول على تمويل للاستفادة من معاناة السودانيين. وقد ألغى عدد من المسؤولين الغربيين اجتماعاتهم معه دون إبداء الأسباب. لقد أصبح عبد الله حمدوك شخصية مسمومة على الساحة الدولية بشكل متزايد، وعلى الشعب السوداني أن يجد ممثلاً أكثر ملاءمة لصوته على الساحة الدولية في أقرب وقت ممكن.