بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة كلمة نائب المندوب الروسي الدائم بمجلس الأمن الدولي السيدة انا ايفوستنتيفا، في إحاطة لمجلس الأمن الدولي و المنعقد بشأن السودان
ترجمة: تاج الدين بشير نيام
(علي الرغم من أهمية الخطاب و القضايا التي اثيرت، لم تر الاهتمام الكافي في تقديري)
السيد الرئيس،
نحن ممتنون للسيدة روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، والسيد راميش راجاسينغام، مدير قسم التنسيق بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، على تقاريرهما. ونرحب بمشاركة الممثل الدائم للسودان، السيد الحارث إدريس محمد، في هذا الاجتماع.
قد استمعنا باهتمام إلى ممثل المجتمع المدني.ولكن للأسف الشديد فإن الصراع المسلح في السودان أصبح طويل الأمد، فقد مضى أكثر من (18)شهرا منذ أن بدأت مرحلتها الدموية.
ولقد كانت أولويتنا في ذلك الوقت وحتي الآن هي وقف الأعمال العدائية بشكل فورية، ولكن الجهود الدولية لتسوية الصراع كانت متعثرة. والاتفاق الوحيد الذي توصل إليه الطرفان حتى الآن هي ” اتفاقية جدة” الذي تم توقيعها في جدة,ولكن حتى هذا الإعلان لم يتم تنفيذها. وفي الوقت نفسه، ونظراً للتأثير الخطير الذي يخلفه الصراع على السودانيين وعلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي والإنساني هناك،
فإننا نسمع مراراً وتكراراً مقترحات مختلفة بشأن التسوية؛ والعديد من هذه المقترحات لا علاقة لها بالواقع بل تبدو وكأنها أفعال زائفة.
إننا على قناعة بأنه لا سبيل لحل الموقف دون تحليل معمق للأسباب الجذرية للنزاع، بما في ذلك محاولات التلاعب من خلال ما يسمى” بالقوى التقدمية” التي لا تحظى بدعم غالبية الشعب السوداني والتي أثبتت عجزها عن معالجة الأسباب الرئيسية للصراع في الوقت الذي أتيحت لها فيه الفرصة لتحقيق ذلك. وهناك ضرورة أيضًا إلى تقييم موضوعي لكيفية تغير الوضع الأمني والمشهد السياسي والمزاج العام في السودان، والنهج الإقليمي على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية. فما لم ينجح في مايو 2023 من غير المرجح أن ينجح الآن.
في الوقت الحاضر، ومع تعرض الوحدة السودانية للخطر بشكل خطير، أصبح الجيش السوداني هو العمود الفقري للدولة السودانية، ويهرب الناس إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني طلبا للحماية. و بالتالي هناك أهمية قصوى لدعم المؤسسات الدولة
التي يمكن أن تشكل أساساً لحوار سوداني داخلي- حيث يمكن لجميع القوي السياسية والعرقية والدينية والزعماء الإداريين،و بدون استثناء أن يقرروا معاً مسارات التنمية الوطنية. و كذلك يطب لجميع المشاركين في الحوار أن يتمتعوا بدعم جميع السودانيين وأن يتحدثوا نيابة عنهم ولصالحهم، بدلاً من إرضاء القوة الخارجية. وينبغي أن يؤدي الحوار إلى رسم الخطوط العريضة للسلطات المستقبلية في البلاد، بما يتوافق عليه جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك مخاطبة القضايا الرئيسية المتمثلة في توحيد القوات المسلحة السودانية.
وتعتبر روسيا الاتحادية، أن مجلس السيادة هي أعلى سلطة ذات شرعية في السودان.و روسيا تدعم الحفاظ على وحدة السودان، وسلامة أراضيها وسيادتها.
وفي هذا الصدد، تدعم روسيا جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان السيد مارتن كوبلر.إننا نعتقد بأن مهمة المبعوث الخاص هي جمع جهود الوساطة الإقليمية والدولية المختلفة بشأن السودان. ونتمنى له كل النجاح في تنفيذ خططه لإطلاق مفاوضات بوساطة مع الأطراف السودانية. ومع ذلك، فإننا ليس من المناسب الدفع بأي صيغ تفاوضية من طرف ثالث لمعالجة الوضع في السودان ، إذا تجاهلت مشاركة الحكومة السودانية الحالية في البلاد د ولم تأخذ في الاعتبار وجهات نظرها في إيجاد حلول للأزمة في السودان.
إننا مقتنعون ان الأساس المتين لضمان حماية للمدنيين في السودان، هو رفع الحصار المفروض علي المدن بواسطة قوات الدعم السريع وتحقيق وقف إطلاق نار مستدام.
وأي خطوات غير هذه خاصة إذا لم يتم الاتفاق عليها مع الحكومة لن تحقق نتائج عملية. وعلى وجه الخصوص، نجد أنه من غير المناسب في هذه المرحلة الحديث عن أي ارسال لقوات للأمم المتحدة، أو قوات حفظ السلام الأفريقية في السودان . وكما أشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين في السودان بحق، فإن الظروف لذلك لا تزال غير ناضجة. وفي هذه المرحلة، ننظر إلى مثل هذه الدعوات على أنها تشتيت و صارخة، حيث لا أحد يستطيع الإجابة على السؤال في أي اراضي ( ولاية) بالضبط سيتم نشر مثل هذه القوات ؟؟؟
وما هي الأهداف التي تسعي لها ؟؟؟
وبالاضافة على ذلك، فإن طلب مثل هذا الوجود يجب أن يأتي من الحكومة السودانية الحالية فقط، وإلا، فإن أي جهود لحفظ السلام خلال الفترة الانتقالية لن تكون كافية
.واي محاولة غير الذي ذكرناها سوف تكون كارثة. اذا حصل مثل هذه” السناريو” سوف يؤدي زعزعة ثقة السودانيين في منظمة الأمم المتحدة، وسوف يعرض سمعة الأمم المتحدة للاشانة والتي تعرضت اصلا بالنشاطات المتناقضة،التي مارستها بعثة الأمم المتحدة لدعم التحول في السودان والمعروف اختصارا ب( UNITAMS) والتي ماتت تدريجيا.
و كما ذكرنا سابقاً، فان اتفاقية”جدة” هي الاتفاقية الوحيدة السارية الان، والتي تغطي القضايا الإنسانية،حماية المواطنين والبحث عن خل سلمي للأزمات القائمة.من الضرورة بمكان أن تطبق كل بنودها بما في ذلك سحب المسلحين من المدن والقري.
السيد الرئيس،
أن الوضع الإنساني في السودان لا زالت عصيبة، تقريبا ثلثي المؤسسات الصحية خارج العمل، و نقص في الدواء و ترتب علي ذلك عدم استيعاب المواطنين في المؤسسات الصحية.هناك تفشي للأمراض موثقة، وعدم تغطية احتياجات البلد لضعف التمويل، و شكل ذلك أمرا خطرا وتحديات صعبة.
أن الحكومة السودانية تتخذ الخطوات الضرورية لإيصال المساعدات للمتضررين.هناك محاولات لفتح منافذ علي
البر
والجو
و البحر
لنقل المواد الإغاثية الإنسانية، بما في ذلك منفذ” ادري” الحدودية بين السودان وتشاد.
إننا علي ثقة أنه يمكن نقل الاغاثة بهذه المنطقة، سيما إذا التزمت و طبق الممثلين للشؤون الإنسانية العاملين في السودان خاصة” اوشا” بمعايير التي اقترحتها الحكومة في بورتسودان.
وينبغي وجود ممثلين للحكومة في تلك المنطقة الحدودية والاليات المناسبة كذلك.و نعتقد أي عذر من العاملين غير مناسب وغير واقعي،بما في ذلك اتهام القيادة عدم رغبتها في التعاون.
إن العديد من الدول في العالم العربي والإسلامي ثبتت أنها إذا توفرت الإرادة، و نزع الطابع السياسي عن المساعدات الإنسانية، فيمكن تقديم المساعدات بشكل صحيح، بما في ذلك إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها في السودان.
وتبدو هذه الادعاءات أكثر غرابة نظرًا لأن المشاكل الرئيسية في توصيل المساعدات الإنسانية ناجمة عن قوات الدعم السريع. ومن الأهمية بمكان أن تعمل الوكالات الإنسانية بالتعاون مع الحكومة السودانية وليس العكس. وفي الوقت نفسه، فإن القرار النهائي بشأن استخدام معبر حدودي معين لتسليم المساعدات هو مسألة سيادية تقررها الحكومة السودانية.
كما نعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن خطر المجاعة الوشيكة في السودان. فهناك غذاء في البلاد، على سبيل المثال، كان هناك حصاد قياسي من الذرة الرفيعة( ماريك)’ والسؤال هو كيف يمكن توصيله إلى المحتاجين في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.
ومن المهم أن يقدم العاملون في المجال الإنساني تقييمات موضوعية، وأن يتحققوا من استنتاجاتهم مع الحكومة السودانية.
السيد الرئيس،
نحن نعتقد أن استجابة مجلس الأمن للوضع في السودان يجب أن تكون مدروسة ومبنية على الحقائق الفعلية في البلاد. وأي تدخل خارجي مدمر في شؤون السودان من جانب اصدقائنا، بما في ذلك التدخل السياسي أمر غير مقبول. ونحن على ثقة من أن الأمم المتحدة سوف تسترشد بهذه المبادئ وستدعم القرارات السيادية بدلاً من فرض الوصفات التي يقترحها الفاعلون الخارجيون.
وتقف روسيا في دعم ثابت للجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية مستدامة، ونحن على قناعة بأن الشعب السوداني قادر ويجب عليه أن يحل مشاكلها الداخلية بنفسه.
شكرا جزيلا
12 نوفمبر 2024
ترجمة: تاج الدين بشير نيام
ملحوظة:
1- خطاب نائب المندوب الدائم الروسي، علي الرغم ماةحواها من قضايا في غاية الأهمية ولكن لم تسلط الضوء الكافي.
2- المترجم علي *استعداد تقبل أي تصحيح أو تعديل أو إضافة* .