تجرى حاليا تحركات دولية على نطاق واسع، لاحتواء الحرب الدموية في السودان، والتي خلفت وراءها آلاف القتلى، والمصابين، وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد جلسة الثلاثاء، لمناقشة الأوضاع في السودان، واستمع لإحاطات من مسئولي الأمم المتحدة، حول حقيقة ما يجري في السودان.
ويدرس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة إجراء محادثات غير مباشرة مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تركز على حماية المدنيين.
كما فرضت واشنطن عقوبات على قائد ميليشيا الدعم السريع بولاية غرب دارفور، الجنرال عبد الرحمن جمعة بارك الله، لتورطه في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وفقا لبيان وزارة الخزانة الأمريكية.
الأمم المتحدة تدرس عقد مفاوضات غير مباشرة مع الجيش والدعم السريع
ومن جهتها قالت وكيلة الأمين العام للشئون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، في إحاطة قدمتها إلى مجلس الأمن، إن المبعوث الشخصي للأمين العام لعمامرة يدرس المرحلة المقبلة انخراطه في مباحثات مع الطرفين المتحاربين، بما في ذلك عقب جولة أخرى من المحادثات غير المباشرة تركز على الالتزامات المتعلقة بحماية المدنيين.
وكشفت أن لعمامرة يعتزم السفر إلى السودان ودول أخرى في المنطقة، في الأسابيع المقبلة، للقاء أصحاب المصلحة الرئيسيين، كما سيعمل مع الجماعات المدنية السودانية لضمان انعكاس وجهات نظرها في مساعيه.
وشددت على أن الهجمات التي تشنها الدعم السريع في ولاية الجزيرة تعد من أسوأ أعمال العنف وأكثرها تطرفًا، حيث قُتل عدد كبير من المدنيين وفقد الكثيرون منازلهم وأُجبروا على الفرار.
وأضافت: “نتلقى تقارير عن انتهاكات مروعة، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، فيما تستمر المعارك في الفاشر والخرطوم ومناطق أخرى، حيث يتعرض المدنيون لمعاناة مروعة”.
وتابعت: “الشعب السوداني في حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، حيث إن إنهاء القتال هو السبيل الأكثر فعالية لحماية المدنيين”.
وأكدت أن إنشاء “آلية الامتثال”، بدعم من الشركاء، سيكون خطوة حاسمة لتحميل الأطراف المسئولية عن التزاماتهما، كما أن هناك حاجة ماسة إلى إحراز تقدم بشأن وقف إطلاق نار محلي لفتح سبل الحوار.
وكان من المقرر أن تطرح بريطانيا مشروع قرار على مجلس الأمن، يقضي بإنشاء “آلية امتثال” لرصد ومراقبة التزامات الطرفين المتحاربين الواردة في إعلان جدة الموقع في 11 مايو 2023.
ومن جهته قال راميش راجاسينغام، مدير قسم التنسيق بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، إحاطة إلى مجلس الأمن شدد فيها على توقعات مثيرة للقلق بشأن تصعيد وشيك للصراع.
وقال إننا نتلقى تقارير عن سقوط ضحايا مدنيين نتيجة القتال العنيف وعمليات القتل الجماعي والعنف الجنسي المروع الذي أصبح سمة مميزة لهذا الصراع، فيما تظل النساء والفتيات في قلب المعاناة حيث يعرضهن النزوح والجوع لخطر العنف والاستغلال والإساءة.
وأكد أن المنظمات غير قادرة على الوصول إلى غالبية الأشخاص في مناطق الصراع الساخنة، حيث إن بعض المناطق معزولة تمامًا، بينما لا يمكن الوصول إلى البعض الآخر إلا بعد المرور بإجراءات معقدة.
ومن جهتها أعربت ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة عن بالغ قلقها إزاء الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع في الجزيرة.
ودعت ممثلة الولايات المتحدة إلى وضع حد للأعمال العدائية ووقف إمداد الأطراف المتقاتلة بالأسلحة، معلنة دعم بلادها لإنشاء “آلية امتثال” والمساءلة عن الفظائع التي ارتكبت خلال النزاع.
بدورها، قالت ممثلة روسيا في الأمم المتحدة إن الأولوية في السودان تتمثل في إنهاء الأعمال العدائية، غير أن الجهود الدولية لتسوية النزاع لم تحقق هدفها بعد، كما أن إعلان جدة لم يُنفذ.
وأضافت: “نظرًا لخطورة تأثير النزاع، نسمع اقتراحات للتسوية، بعضها يبدو منقطعًا تمامًا عن الواقع، حيث إننا على قناعة بالحاجة إلى تحليل معمق بشأن أسباب الصراع”.
وشددت على أن وحدة السودان معرضة للخطر، مما يتطلب دعم مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش الذي أصبح العمود الفقري لكيان الدولة، حيث يهرب السكان إلى مناطق سيطرته بحثًا عن الحماية.
وتمسكت بأن دعم مؤسسات الدولة ينبغي أن يكون أساس أي حوار سوداني ـ سوداني لبحث مستقبل البلاد، حيث إن أي مبادرة لا تجد دعمًا من هذه المؤسسات لن تحقق نجاحًا.
وترأس جلسة مجلس الأمن وكيل وزارة الخارجية البريطانية للشئون الأفريقية ورئيس الإحاطة الوزارية لمجلس الأمن بشأن السودان، كولينز أوف هايبري.
وقال هايبري إن الطريقة المثلى لحماية المدنيين هي وقف فوري للأعمال العدائية، داعيًا إلى دعم جهود الأمم المتحدة الساعية لحمايتهم وحث أطراف النزاع على ضرورة الانخراط في المحادثات غير المباشرة المرتقبة بنية حسنة.
ونادى بضرورة التحرك الفوري لاتخاذ تدابير لحماية المدنيين، بعد تقييم الأمين العام للأمم المتحدة بأن الظروف غير ملائمة لنشر قوات أممية في السودان.
وأبدى عدد من أعضاء مجلس الأمن دعمًا لآلية الامتثال التي يبدو أن الوصول إلى اتفاق بشأنها يتطلب وقتًا، نظرًا لتباين الآراء في مجلس الأمن حيال الوضع في السودان.
واشنطن تفرض عقوبات على قائد بارز في الدعم السريع
وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية، الثلاثاء، عقوبات على قائد قوات الدعم السريع بولاية غرب دارفور، الجنرال عبد الرحمن جمعة بارك الله، لتورطه في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وقال بيان أصدره المتحدث باسم وزارة الخزانة ماثيو ميلر، إن الوزارة فرضت عقوبات على عبد الرحمن جمعة بارك الله، قائد قوات الدعم السريع بولاية غرب دارفور”.
وأوضح البيان أن بارك الله يخضع كذلك لقيود التأشيرة الأمريكية لتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تشمل اختطاف وقتل والي غرب دارفور خميس عبد الله أبكر.
وقُتل خميس أبكر في 14 يونيو 2023 بمدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، بعد وقت وجيز من ظهوره معتقلًا على يد قائد قوات الدعم السريع في الولاية.
وأعرب ميلر عن ترحيب الولايات المتحدة بالتحرك الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي، مشيرًا إلى أنه يعكس استعداد المجلس لمحاسبة المسئولين عن الانتهاكات ضد المدنيين في دارفور.
وأشار إلى أن تحرك الولايات المتحدة يشكل جزءًا من الجهود الدؤوبة التي تبذلها لدعم الشعب السودانى واستخدام الأدوات المتاحة لفرض التكاليف على الذين يرتكبون الفظائع ويواصلون الصراع.
وفي الثامن من نوفمبر الجارى، فرضت لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي عقوبات على كل من عبد الرحمن جمعة وقائد عمليات قوات الدعم السريع عثمان عمليات بسبب زعزعة استقرار السودان من خلال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وتضمنت العقوبات حظر السفر الدولي وتجميد الأصول.
ملاحقة الانتربول
وفي السياق أصدرت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول” الثلاثاء نشرة زرقاء بأسماء القائدين بالدعم السريع عثمان عمليات وعبد الرحمن جمعة، بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي الصادر الأسبوع الماضي، بهدف تنبيه الدول الأعضاء لمنع تحركاتهم عبر أراضيها وتجميد أي أرصدة مالية تخصهم.
الأطفال ضحايا للصراع المستمر
وفى سياق آخر، كشف المجلس القومي لرعاية الطفولة بالسودان، عن أن 8000 طفل بين قتيل وتائه ومختطف بسبب الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، المشتعلة منذ 15 أبريل 2023.
وقال الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة، عبد القادر الأمين أبو، في مؤتمر صحفي ببورتسودان، إن أكثر من 15 مليون طفل خارج التعليم المدرسي بسبب اعتداءات الدعم السريع، موضحًا أن عدد الأطفال بالبلاد يصل إلى 24 مليون طفل، أي بنسبة 60% من السكان، وفقا لصحيفة سودان تربيون.
وأشار إلى مليشيا الدعم السريع مارست أعمالًا وحشية ضد الأطفال في عدد من الولايات، مبينًا أن أكثر من 2500 طفل تم اختطافهم، وأكثر من 2500 آخرين تائهون، بينما توفي 3000 طفل أثناء النزوح.
وأضاف أبو أن قوات الدعم السريع جندت أكثر من 8000 طفل للقتال في صفوفها.
ارتفاع عدد ضحايا هجمات الدعم السريع على الهلالية إلى 382
واستمرارا لأعمال العنف الممنهج في ولاية الجزيرة، كشف مؤتمر الجزيرة، وهو كيان مدنى، عن وفاة نحو 23 شخصًا على الأقل، الثلاثاء، في بلدة الهلالية، ليرتفع بذلك عدد الضحايا منذ فرض قوات الدعم السريع حصارًا على البلدة إلى نحو 382 ضحية.
ومنذ أكثر من أسبوعين، فرضت قوات الدعم السريع حصارًا على مدينة الهلالية، قبل أن تسيطر على البلدة وترتكب انتهاكات واسعة طالت المدنيين، ويأتي اجتياح البلدة في سياق حملة انتقامية بدأتها الدعم السريع منذ 21 أكتوبر الماضي على عشرات القرى المترامية في شرق الجزيرة، عقب انشقاق قائدها أبوعاقلة كيكل وانحيازه للقوات المسلحة.
وقال مؤتمر الجزيرة إن عدد الشهداء من مواطني الهلالية الذين تحاصرهم مليشيا الدعم السريع ارتفع إلى 382 شهيدًا، حيث ارتقى منهم الثلاثاء 23 شهيدًا بسبب مضاعفات التسمم وغياب الرعاية الصحية، بينهم 9 نساء و6 أطفال”.