بيات وغياب، ثم ظهور ارتبط بمناسبات، ورفع الروح المعنوية للقوات..
هل أدخل الذكاء الصناعي يده في رسم هيئة حميدتي خلال ظهوره العلني؟
وزير خارجية جنوب السودان: قيادي بتنسيقية تقدم أخبرني بمقتل حميدتي في مايو ٢٠٢٣م.
بخاري: غياب حميدتي وعدم مشاركته العلنية ترجح فرضية إصابته..
أشرف: حميدتي حي يرزق ويتعالج في الإمارات من التهاب الكبد الوبائي..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
من جديد ظهر القائد العام لميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو ” حميدتي” أمس الأربعاء في مقطع فيديو مسجل، وكلما ظهر حميدتي سواءً في تسجيل صوتي أو مصور، كلما عادت (ساقية) الجدل للدوران من جديد في الأوساط السودانية في الداخل والخارج، بشأن وضعه الصحي حيّاً أم ميتاً، حيث ظل الغموض يكتنف حياة القائد العام لقوات الدعم السريع عطفاً على الأحاديث المتكررة التي سارت بها منصات التواصل الاجتماعي عن إصابته في بواكير حرب 15 أبريل ٢٠٢٣م، ومقتله بعد فشل محاولات إنقاذه من الإصابة القوية التي تعرض لها جراء غارة جوية في الخرطوم، حيث كان آخر ظهور لحميدتي يوم الخامس عشر والسادس عشر من أبريل، متواصلاً بالهاتف مع إحدى القنوات الفضائية، ثم ظهر مرة أخرى وأخيرة قبل غيابه الطويل في العشرين من أبريل ٢٠٢٣م في مقابلة هاتفية مع إحدى القنوات الفضائية.
بيات طويل:
ومنذ ذلك الحين خبأ نجم القائد العام لميليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو ودخل في بيات طويل، حيث لم يظهر على أيٍ من القنوات الفضائية، ولم يُسمع عنه قيادة قواته في جبهات ومحاور القتال، كما كان يقال عن أخيه الأكبر عبد الرحيم دقلو الذي ظهر في أكثر من فيديو مخاطباً القائد العام للقوات المسلحة بقولته الشهيرة التي صارت تريند” بتحاربنا مالك يابرهان”، اختفاء حميدتي عن المشهد، رفع من معدل الحديث عن موته، رغم ظهور صورة للرجل داخل سيارة مع عدد جنوده عند القصر الجمهوري، وقيل إن الصورة اُلتقطت صبيحة الخامس عشر من أبريل حيث كان حميدتي يستعد للتوجه إلى إذاعة أم درمان لإذاعة بيان الاستيلاء على السلطة.
فيديو ضعيف المونتاج:
عدة شهور اختفى خلالها القائد العام لميليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو عن المشهد، ليتعزز الحديث عن غيابه سواءً بالموت أو الإصابة المميتة والمانعة من الظهور، ليرد حميدتي على المشككين في وجوده على قيد الحياة بعدد من تسجيلات صوتية في فترات متباعدة،
وفي يوليو ٢٠٢٣م ظهر القائد العام لميليشيا الدعم السريع في مقطع فيديو مصور بعد عدة شهور وهو بكامل زيه العسكري يمتطي سيارة رباعية الدفع ” تاتشر ” ويجلس بجوار السائق محتضناً بندقيته، ثم ما لبث أن ترجل من سيارته، محاطاً بحماس جنوده مخاطباً إياهم، وقد قوبل ظهور حميدتي بحملة تشكيك واسعة عطفاً على عملية المونتاج غير الاحترافية التي صاحبت فيديو ظهوره، ليرتفع مجدداً صوت الجدل والنقاش الحاد عن موته.
الظهور الكبير:
وعاود القائد العام لميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو ظهوره المتقطع سواءً عبر تسجيلات صوتية أو عبر مقاطع فيديو، وقد تلاحظ أن هذا الظهور غالباً ما يكون مرتبطاً بمناسبات، كالحديث عن عدم إعلان حكومة، مثلما كان البرهان ينوي تشكيل حكومة في بورتسودان، أو ظهوره متزامناً مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك والتي كان قد خاطبها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في دورتين متتاليتين، فظهر حميدتي في فيديو خلال الدورتين عبر منصات التواصل الاجتماعي، بيد أن الظهور الكبير للقائد العام لميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو، كان في ديسمبر ٢٠٢٣م في كمبالا مع الرئيس اليوغندي يوري موسفيني حيث ظهر بحالة صحية جيدة قطع بها قول كل خطيب، رغم أن الكثيرين تحدثوا عن تدخل أيادي ( الذكاء الاصطناعي) في إشارة إلى ما وصفوه باختلاف في الهيئة، إذ ظهر حميدتي أكثر طولاً من ذي قبل، حتى أن البعض أطلق عليه ( الريموت)، ومن كمبالا نفَّذ حميدتي جولة أفريقية شملت أديس أبابا التي وقع فيها اتفاقاً مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، بقيادة دكتور عبد الله حمدوك، ثم ظهر حميدتي في جنوب أفريقيا، وكينيا، قبل أن يختفي لعدة أشهر أخرى، ظل يظهر فيها في فترات متباعدة.
موت غير رسمي:
وكان سفير السودان في ليبيا إبراهيم محمد أحمد، أعلن في أغسطس ٢٠٢٣م عن وفاة القائد العام لميليشيا الدعم السريع دون تحديد تاريخ وفاته، وقال السفير في مقابلة مع قناة “الجزيرة مباشر” إن معلوماته عن وفاة حميدتي استقاها من مصادر موثوقة، وأكدها بقوله لمذيع المقابلة: “خدها مني حميدتي مات.. أنا مسئول عن كلامي”، وقبل عدة أيام تناقلت مواقع إلكترونية تصريحاً لوزير خارجية دولة جنوب السودان جيمس بيتيا مورغان، قال فيه إن قيادياً من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” أخبره بأنهم بعد مقتل محمد حمدان دقلو القائد العام للدعم السريع في مايو ٢٠٢٣م، كانوا قد اتفقوا مع قادة الميليشيا على إصدار بيان نعي يعلنوا خلاله وفاة حميدتي، مبيناً أنه قد تم إعداد البيان بالفعل إلا أن دولة الإمارات تدخلت في اللحظة الأخيرة وطلبت عدم إذاعة البيان وتأخير إعلان الوفاة إلى أجل لم يتم تحديده.
غموض مقصود:
ويرى الكاتب الصحفي والخبير القانوني الأستاذ أشرف خليل، أن (غياب) حميدتي عن المشهد (حاضر) بقوة، وهو عامل مؤثر جداً على أتباعه ومناصريه باعتباره فراغاً لا يمكن ملؤه بغير حميدتي، وأكد في إفادته للكرامة أنه ليس صحيحاً وجود مؤسسية للدعم السريع، وزاد” يسقط حميدتي فتسقط معه كل تلك الرخويات وتلك الأوصال والعلاقات المصنوعة بتأثير المال والنفوذ” وأبان خليل أن الغموض حول مصير القائد العام لميليشيا الدعم السريع مقصود ومبرر تبعاً لخطورة الإقرار والاعتراف بغيابه وصعوبة المسالك الجديدة المطروحة بعد الإعلان عن هذا الغياب القسري، مؤكداً أنه لو كان حميدتي موجوداً الآن في المشهد لتغيرت كثير من الأمور نظراً لما تتمتع به شخصية الرجل من مزاجية وتقلبات وعناد.
لغز محير:
بالتأكيد أن موت حميدتي، وحياته شغلت الأوساط السياسية والعسكرية وحتى المدنية خلال العام ونصف العام من عمر الحرب، هكذا ابتدر الأستاذ بخاري بشير رئيس تحرير صحيفة ( السودان الآن) الإلكترونية إفادته للكرامة، وقال إنه ورغم المداد الكثيف الذي سال بشأن حميدتي إلا أنه حتى الآن لم تعلن أي جهة رسمية من جانب الحكومة أو من جانب الدعم السريع، موت الرجل من عدمه، مبيناً أن الميليشيا المتمردة ظلت لفترات متباعدة تصدر بيانات باسم قائدها محمد حمدان دقلو، في ظل غياب متطاول عن الظهور العلني، بلغ الآن قرابة العشرة أشهر، مكتفياً فقط بإصدار بيانات متفرقة لمحاولة رفع الروح المعنوية لجنوده المنهارة في الميدان، ونوه الأستاذ بخاري بشير إلى بعض الروايات غير الرسمية التي تتحدث عن إصابة زعيم الميليشيا المتمردة محمد حمدان دقلو في غارة جوية في الأسابيع الأولى من الحرب، وزاد” بعض الروايات تحدثت عن وفاته لاحقاً، وأخرى قالت إنه لا يزال يعاني من الإصابة التي تعتبر كبيرة” وأكد رئيس تحرير صحيفة (السودان الآن) الإلكترونية أنه مهما يكن من أمر تظل عدم مشاركة حميدتي العلنية وظهوره كقيادات الجيش، لغزاً محيراً، يرجح فرضية الإصابة.
التهاب كبد وبائي:
وجزم الكاتب الصحفي والخبير القانوني الأستاذ أشرف خليل بوجود حميدتي حياً يرزق وفقاً لما وصفها بالمصادر الخاصة والموثوقة، مؤكداً أنه ولا صحة لكل تلك الشائعات المتداولة حول موته أو حول إصابته في منطقة حساسية، وقال إن حميدتي موجود الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة وبالتحديد في إمارة أبوظبي، حيث يتعالج من مرض التهاب الكبد الوبائي (فيروس سي)، مبيناً أن المرض وصل إلى مراحل خطيرة، وأن المعالجين في الإمارات يدرسون إمكانية عمل زراعة للكبد، وهي عملية معقدة بحسب الأطباء الذين أكدوا أنه حتى بعد توفير كافة الظروف لنجاحها ومع استبعاد إمكانية معاودة الفيروس، فإن المتوفر من زمن لحميدتي بعد العملية لن يتعدى 5 سنوات فقط.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ يستمر الجدل حول موت وحياة القائد العام لميليشيا الدعم السريع، ما لم تخرج جهة رسمية وتعلن وفاته من عدمها، وحتى ذلك الحين يظل غياب محمد حمدان دقلو عن المشهد ذا تأثير واضح على صعيد العمليات العسكرية، وعلى صعيد كبح جماح انفلات قواته وفوضوية ممارساتها على الأرض، ومع ذلك يبقى حميدتي مسؤولاً عن إشعال فتيل هذه الحرب، بعد أن وسوس له شيطان الطموح الأعمى بإمكانية الانقلاب على السلطة، وتقويض نظام الحكم، وإعلان نفسه أميراً على السودان، وعلى نفسها جنت براقش.