نقلا عن (الكــــــــرامة)
التمرد اطلق سراح اثنين من أكبر تجار (البنقو) بالبلاد..
اتجهت الجنجويد لتهريب المخدرات عبر دولتي جنوب السودان وكينيا
استجلاب مرتزقة تشاديين مقابل 450 دولارًا كراتبٍ شهري..
ادخال معدات لمصنعيْن تم تشغيل أحدهما بالجزيرة وتهريب الآخر
تهريب (قوني حامد آدم أزرق) ابن اخت حميدتي من سجن الهدى..
(…..) هذه قصة اليمني محمد يحي والتشادي ( شيخ عثمان)..
2019 عقدت المليشيا صفقاتٍ واسعة لجلب مخدرات عبر مطار الخرطوم
2023 استجلبت المليشيا مصنعا ل(حبوب الكبتاجون)
2023 ضبطت السلطات مليون و(300) الف حبة (الكرونيك)
بمنزل محمد جمعة دقلو
تقرير_ محمـــد جمال قنـــدول
يصعُب على المرءِ أن يتخيل، ناهيك عن أستيعاب ما تفعله ميليشيا الدعم السريع المتمردة من انتهاكاتٍ وجرائم غير مسبوقة، منذ أن بدأت تمردها على الدولة قبل عامٍ وأشهرٍ.
وبخلاف القتل والاغتصاب والتشريد الذي مارسته هذه المجموعات الإرهابية، فإنّها غرقت في وحل عالم المخدرات وعصاباته، سواءً بتعاطي جنودها لها، أو اتخاذها كأحد أهم مصادر دخلها.
(الكرامة) فتحت ملف التمرد وعلاقته بتجارة وتصنيع المخدرات قبل الحرب، فيما تحصلت على تفاصيل صادمة عن علاقة الميليشيا الإرهابية بهذا العالم الإجرامي، وأزاحت الستار عما تفعله يوميًا.
مافيا المخدرات
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ(الكرامة)، بأنّ الميليشيا المتمردة، قامت بعد اندلاع الحرب بإطلاق سراح عددٍ كبيرٍ من تجار المخدرات، أبرزهم (شيخ عثمان) وهو تشادي الجنسية، و(قوني حامد آدم أزرق) ابن اخت قائد الميليشيا من سجن الهدى، حيث قامت بنقلهما إلى منطقة كافوري في بحري.
واستفادت الميليشيا من التشادي الجنسية (شيخ عثمان)، في عمليات استجلاب المرتزقة التشاديين مقابل مبلغ 450 دولارًا كراتبٍ شهريٍ لكل مرتزق، كما استفادت منه في فتح علاقاتٍ خارجية مع زعماء مافيا المخدرات باليمن.
المصادر كشفت لـ(الكرامة)، عن قيام الميليشيا كذلك بإطلاق سراح العقيد بحركة (تمازج) النور سعيد النور محمد، والنقيب (تمازج) رابح عبد الرحمن رابح، اللذان يعدان من أبرز وأعنف تجار (حشيش البنقو) في البلاد، ولكنّ السلطات الأمنية تمكنت من القبض عليهما بعد اشتباكات استمرت لعدة ساعاتٍ بمنطقة الكلاكلة جنوبي الخرطوم.
الميليشيا المجرمة وفي إطار انتهاكاتها وجرائمها غير المسبوقة، أطلقت سراح أجنبي (يمني) الجنسية يدعى محمد يحيى، ومعه دكتور سوداني يدعى مصطفى بشير، ويعتبران أخصائييْن كيميائييْن لتصنيع المخدرات بالبلاد، وكذلك سليمان الشيخ علي بيتاي الذي يتبع للدعم السريع، وهو من عناصر شرق السودان النشطة في تهريب المخدرات.
كما تمكن التمرد من كسر مخازن الضبطيات داخل إدارة مكافحة المخدرات بالمقرن، وبانت، ومخازن محكمة الإرهاب بالسوق العربي، حيث قام بأخذ جميع المخدرات الموجودة داخلها، وعند اندلاع الحرب اكتفت الميليشيا بعمليات توزيع المخدرات على عناصرها لزيادة قدراتهم العسكرية، ثم بدأت بإنشاء أسواقٍ لترويج المخدرات داخل ولاية الخرطوم.
وبعد الخسائر المادية والبشرية التي تلقتها الميليشيا الإرهابية وتحديدًا بعد دخولها إلى ولاية الجزيرة، اتجهت للاعتماد على المخدرات كأهم مصادر لدخلها، حيث كشفت المصادر بأنّها قامت بإدخال 28 طنًا من المواد المخدرة على ثلاث دفعات، فكان نصيب الدفعة الأولى 17 طنًا، وفي الثانية 3 أطنان والثالثة 8 أطنانٍ عبر البحر الأحمر، بينما قامت بتهريب 6 أطنان لدولة مجاورة.
تهريب المخدرات
وأفصحت المصادر، أنّه وبعد سيطرت الميليشيا الإرهابية على ولاية الجزيرة وتشديد الرقابة الأمنية على ولاية البحر الأحمر، اتجهت الميليشيا لتهريب المخدرات عبر دولتي جنوب السودان وكينيا، واعتمدت في ذلك على ميناء (مومباسا) الكيني -ومدينة مومباسا تبعد عن العاصمة نيروبي 470 كيلومترًا، وتطل على ساحل المحيط الهندي- بصورةٍ كبيرة في إدخال المواد المخدرة.
كما قامت بإدخال معدات لمصنعيْن تم تشغيل أحدهما بولاية الجزيرة وتهريب الآخر إلى إحدى الدول لم يتم التعرف عليها.
ولم يكن التمرد بعيدًا عن عالم المخدرات حتى قبل الحرب، وظهر نشاط ميليشيا الدعم السريع في أواخر العام 2019، حيث كشفت المصادر بأنّ الميليشيا عقدت صفقاتٍ واسعة لجلب كمياتٍ كبيرة من المخدرات لصالحها عبر مطار العاصمة الخرطوم، والاستفادة من البحر في عملية التهريب، مستغلةً سيطرتها على مقار البحرية، وتواجدها داخل البحر الأحمر بصورةٍ كبيرة.
وفي تلك الفترة، حسبما ذكرت المصادر، أُوكلت عملية تهريب المخدرات إلى اللواء الهالك مضوي حسين، الذي كان يشغل منصب قائد القطاع الشرقي، واللواء موسى أمبيلو الذي كان يشغل مسؤول المصالحات القبلية بدارفور.
فالأول، أوكلت إليه الميليشيا الإرهابية عمليات تهريب المخدرات عبر البحر الأحمر، وإدخالها إلى البلاد، ثمّ إعادة تصديرها إلى الخارج، حيث كانت الميليشيا تقوم بالاستعانة ببعض الشبكات المشهورة في عمليات تهريب السلاح والمخدرات شرقي البلاد.
وفي العام 2022، نفذت السلطات عمليةً أمنيةً استهدفت مسؤول التخزين التابع للمتمرد موسى أمبيلو ويدعى (القوني حامد آدم)، وهو ابن اخت قائد الميليشيا محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وذلك بعد اشتباكٍ مسلح دام لأربع ساعات بين التيم المنفذ وتيم حراسة المجرم المذكور، فيما تم القبض عليه وحُكم عليه بالسجن المؤبد.
حشيش (الكرونيك)
وفي بداية العام 2023، تمكنت السلطات الأمنية من ضبط مليون و300 ألف حبة من (حشيش الكرونيك)، بعد متابعتها منذ وصولها عبر مطار الخرطوم، وتخزينها داخل منزل في الخرطوم بحي (جبرة) يتبع للمدعو محمد جمعة دقلو، بينما تم القبض على متهميْن اثنيْن يتبعان لحراسات قائد الميليشيا.
وفي يناير من العام 2023، قامت ميليشيا الدعم السريع باستجلاب مصنع لتصنيع حبوب (الكبتاجون) من دولة إيران عبر ميناء (مومباسا) في كينيا، وتم ترحيله إلى جنوب السودان، ومنها إلى ولاية النيل الأزرق محلية (بوط).
وفي الأثناء، تم استلام المصنع من قبل قوات الميليشيا، وقامت بوضعه داخل معسكر يتبع لقوات الهالك (البيشي)، وتم الترتيب لترحيله إلى شرق السودان، فيما تم إعداد موقع متكامل لتركيبه وتشغيله.
وتم ضبط المصنع بولاية النيل الأزرق أثناء تهريبه، كما تم ترحيل المصنع والمتهمين -ينتمون إلى ميليشيا الدعم السريع ضمن قوات البيشي-، بالإضافة إلى كمياتٍ كبيرة من المواد الخام التي تصنع منها الحبوب إلى الخرطوم.
وكان المصنع من ضمن المعروضات المتواجدة برئاسة شرطة مكافحة المخدرات بالمقرن. وبعد قيام الحرب، نقلته الميليشيا الإرهابية إلى المنطقة الاستراتيجية بالخرطوم، ومنها إلى منطقة قري شمالي العاصمة.
سيطرة الميليشيا الإرهابية على الموانئ، مكنها من تحويل عملياتها في تهريب المخدرات إلى غسل الأموال عبر تجارة الصادر، في وقت استفادت فيه من إدخال حاوية محملة بمبردات مياه مخزنة بداخلها كمية كبيرة من المخدرات، حيث تمكنت السلطات في فبراير من العام الماضي، من ضبط 600 ألف حبة من حبوب (الكبتاجون) داخل منزل بحي الأزهري جنوبي العاصمة، كانت تستخدمه الميليشيا المتمردة في عمليات التخزين.
قامت الميليشيا الإرهابية بتكوين شبكات لتهريب الكبتاجون لعدة دول، وذلك للحصول على العائد المادي، إضافةً لاستمرار فاعلية أفرادها القتالية، في حين، استهدفت دولتين جارتين، عبر شبكة مخدرات تتكون من سودانيين وأجانب، بينما استهدفت تشاد عبر المرتزقة التشاديين الذين يقاتلون ضمن صفوفها.
واستهدفت الميليشيا دولتي جنوب السودان وإثيوبيا بصورة كبيرة، مستفيدةً من العناصر الجنوبية والإثيوبية التي تقاتل معها، كما استهدفت ليبيا عبر تهريب كمياتٍ كبيرة من المخدرات عبر عربات الإمداد التي تأتي من ليبيا للميليشيا.