حمدوك وعبد الرحيم في كينيا،، الميليشيا و( تقدم).. خيوط المؤامــرة جدا

..

تحشيد سياسي وإقليمي لدعم موقف الميليشيا المتراجع عسكرياً..

استمرار مواقف الرئيس روتو المعادية للسودان، والمساندة للميليشيا..

دكتور راشد: لابد من تحرك سياسي ودبلوماسي وعسكري لإيقاف تمدد الميليشيا..

أشرف خليل: على المخابرات الاضطلاع بدورها، ومحاولة إنجاز اختراقات استباقية..

مطالبات للجيش بفك اللجام، واستخدام القوى المميتة للإجهاز على الميليشيا..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

لا تزال الكثير من الأسئلة الحائرة والباحثة عن إجابات شافية وكافية عن مضمون ومخرجات اللقاء الذي جرى بين رئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله حمدوك، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم”، وقائد ثاني ميليشيا الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو، والذي احتضنته العاصمة الكينية نيروبي الأسبوع الماضي، اللقاء الذي تم بتنسيق من رجل الأعمال السلطان أحمد علي دينار المقيم في تركيا، حضره من تنسيقية “تقدم” كلٌّ من عمر مانيس، طه عثمان إسحق، ونصر الدين عبد الباري، ويأتي اللقاء في ظل تراجع مريع، وفشل ذريع يواجه ميليشيا الدعم السريع، التي عجزت عن اجتياح مدينة الفاشر، ونكصت بالتالي عن الإيفاء بالتزامها تجاه داعميها من المحاور الإقليمية والدولية الذين تدين لهم بوعد كانت قد قطعته بإسقاط مدينة السلطان وإعلانها عاصمة لدولة آل دقلو في دارفور، حتى يسارع المجتمع الدولي بالاعتراف بها، تمهيداً لتنفيذ مشروع تقسيم السودان بشكله الجديد.

طائرة إماراتية:
مصادر متطابقة كشفت للكرامة عن تخصيص دولة الإمارات طائرة خاصة أقلت قائد ثاني ميليشيا الدعم السريع من مطار نيالا صوب مطار نيروبي، وكان عدد من المواطنين في مدينة نيالا البحير قد أكدوا هبوط طائرة في الساعات الأولى من فجر السبت الماضي في مطار نيالا الدولي، وتبدو هي ذات الطائرة التي أقعلت وعلى متنها عبد الرحيم دقلو الذي وصل إلى كينيا لملاقاة دكتور عبد الله حمدوك رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم”، حيث دخل الرجلان في اجتماع مطول بحثا خلاله التطورات العملياتية على صعيد المشهد الميداني الذي تتلقَّى فيه الميليشيا المتمردة وفقاً لقرائن الأحوال ضربات موجعة من القوات المسلحة والقوات المساندة لها على كافة جبهات القتال ولاسيما في محور الفاشر الذي فقدت فيه ميليشيا الدعم السريع عدداً كبيراً من قادتها الميدانيين، وبحسب المصادر فإن عبد الرحيم دقلو سيقوم بسحب أموال من أرصدة مالية وودائع من الذهب الخالص، مملوكة للميليشيا المتمردة، وتتزين بها خزائن البنوك الكينية.

تماهي مع الميليشيا:
ويرتبط الرئيس الكيني وليام روتو بعلاقات وثيقة تجارية واستثمارية مع قائد ميليشيا الدعم السريع ( الهالك) محمد حمدان دقلو، لذلك كان موقف كينيا داخل منظومة الإيغاد متماهياً في بواكير الحرب مع ميليشيا الدعم السريع، وجناحها السياسي قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ” قحت”، والذي تحول إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” ولعل ذاكرة السودانيين ( غير السمكية ) تحفظ الكلمات التي قال بها الرئيس الرئيس الكيني وليم روتو، في مؤتمر صحفي عقده في بواكير الحرب في إديس أبابا بأن الوضع في السودان مقلق ويتطلب بشكل عاجل قيادة جديدة تكون قادرة على إخراجه من الكارثة الإنسانية، الأمر الذي اعتبره السودان تدخلاً سافراً في شؤونه، وعدم احترام لسيادته، وعلى ضوء ذلك صنفت الحكومة السودانية كينيا بطرف غير محايد وغير معترف به في الجهود الإقليمية الساعية لمعالجة الأزمة السودانية.

تمادي في المواقف:
وبدلاً من أن تحاول كينيا تبيض وجهها أمام السودان، وتبدد شبح المخاوف التي تعتمل في دواخل الحكومة السودانية، زادت الطين بلة، فاستضافت في مايو 2024م، كلاً من دكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء المستقيل، وزعيمي المعارضة المسلحة، عبد العزيز الحلو، قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، وعبد الواحد محمد أحمد النور، رئيس حركة جيش تحرير السودان، حيث وقع ثلاثتهم اتفاقاً في العاصمة الكينية نيروبي، ونص الاتفاق الذي تم بوساطة من الرئيس الكيني وليام روتو، على العمل من أجل مواجهة المشاكل التي تواجه السودان، وعقد لقاء للقوى السياسية والوطنية، وبناء منظومة عسكرية وأمنية والوصول إلى جيش واحد بعقيدة وطنية جديدة، وترسيخ الوحدة الوطنية الطوعية على أساس المواطنة والعمل على إقامة دولة مدنية.

دعم واضح وفاضح:
وفي أغسطس الماضي استقبل الرئيس الكيني وليام روتو بقصره الرئاسي بالعاصمة نيروبي كلاً من نصرالدين عبدالباري، وطه عثمان إسحاق، كموفدين من قبل دكتور عبد الله حمدوك رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” حيث قدما تنويراً للرئيس روتو عن الأوضاع السياسية والأمنية في السودان، وفرص تحقيق السلام والتحول الديمقراطي عبر المسارات والمبادرات المطروحة حالياً، والدور الذي يمكن أن تلعبه كينيا في دعم وتعزيز وحدة القوى المدنية الديمقراطية في السودان، هذا فضلاً عن معرفة مدى استعداد الرئيس الكيني وليام روتو للاعتراف بحكومة ميليشيا الدعم السريع حال إعلانها من دارفور، وهكذا يصرُّ الرئيس الكيني على الانتقاص من سيادة السودان، وإعلان دعمه الواضح والفاضح لميليشيا آل دقلو الإرهابية، فلا غرو إذن أن يستقبل قائدها عبد الرحيم حمدان دقلو، وزعيم ظهيرها السياسي عبد الله حمدوك.

تحشيد إقليمي:
ويرى دكتور راشد محمد علي الشيخ أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية، أن لقاء حمدوك وعبد الرحيم دقلو، يأتي بغرض التحشيد السياسي الداعم والمساند لميليشيا الدعم السريع المتمردة، وأبان دكتور راشد في إفادته للكرامة أن الرئيس الكيني وليام روتو يمثل محوراً لحشد الدعم الإقليمي عطفاً على العلاقات الشخصية التي قال إنها تلعب دوراً كبيراً في تهيئة المسرح في المجال الإقليمي، تمهيداً للمزيد من الأدوار تجاه تقوية موقف ميليشيا الدعم السريع الذي ضعُف جراء فشلها العسكري في ميادين وساحات القتال، فطفقت تبحث عن شراكات إقليمية تعيدها إلى الواجهة.

تمومة جرتق:
هدف الاجتماع المنعقد في نيروبي هو الفاشر، وتجميع أكبر قدر من الجهود والأموال لإسقاطها باعتبارها مفتتحاً ومنصة أساسية لرفع علم الدولة الجديدة، هكذا ابتدر الخبير القانوني والكاتب الصحفي أشرف خليل إفادته للكرامة، وقال إن جميع أطراف اجتماع نيروبي بما فيهم المسهِّل السلطان أحمد دينار، ينتمون إلى الحاضنة الاجتماعية للدعم السريع، أو يمثلون أبناء الدولة الجديدة المراد قسمتها، بعيداً عن تنسيقية “تقدم” وبما فيها من (الجلابة) و(أولاد البحر)، منوهاً إلى أن هنالك بعض الجيوب تحاول فرض واقع جديد يتماشى مع خريطة (برنارد لويس)، مؤكداً أنها ليست صدفة أن يتم استبعاد بقية مكونات “تقدم” من الاجتماع، معتبراً تنسيقية ” تقدم” (تمومة جرتق) في خطة مفعلة لتقسيم السودان، وزاد أشرف ” من الواضح أن الدولة الجديدة لا تحظى بالقبول والتأييد لدى بقية مكونات “تقدم” وتُواجه بانتقادات حادة وآراء سالبة، لذا فإن اختيار الحضور في الاجتماع تم بعناية واحتراز، وهي توليفة ستبقى حاضرة حتى لو تم إجهاض الدولة المزمعة وإفشالها”

تحرك سياسي ودبلوماسي:
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية دكتور راشد محمد علي الشيخ، أن تزوَّد ميليشيا الدعم السريع من أرصدتها المالية وودائعها من الذهب المُودّع في خزائن البنوك الكينية، يؤكد حقيقة أن الدعم السريع، عندما كان شريكاً في الحكم كان يستنزف في موارد وأموال البلاد دون مراعاة أحوال المواطنين وضائقتهم المعيشية، ودون النظر إلى حاجة الوطن إلى هذه الأموال، وإنما كانت تهرِّب هذه الأموال مستغلة الفوضى التي ضربت بأطنابها خلال الفترة الانتقالية، من أجل الاستفادة منها في تنفيذ مخططها الانقلابي الهادف إلى الاستيلاء على السلطة، وشدد دكتور راشد على ضرورة أن يتحرك السودان سياسياً ودبلوماسياً بممارسة ضغوط على رؤساء الدول والحكومات الداعمة والمتعاونة مع الميليشيا وحصارها، عبر بوابة التحالفات السياسية، هذا فضلاً عن التدخل العسكري بقطع الطريق عن الإمداد والعتاد الذي يستهدف الميليشيا بضربه عن طريق القوى الجوية.

ثقوب مخابراتية:
ويعود الخبير القانوني والكاتب الصحفي أشرف خليل ليختم إفادته للكرامة بإرسال صوت لوم إلى المخابرات مشدداً على ضرورة رتق الثقوب المتجددة في أدائها من حيث المعلومات الشحيحة الواردة، ومحاولة سد الثغرات فيما يتعلق بالتيقظ للأحداث والحوادث والعلم بها، ومحاولة إنجاز اختراقات استباقية، باعتبار أن المعلومات تلعب دوراً مهماً في عملية حسم الحرب الطاحنة والضروس وتقصير أمدها، مطالباً بأهمية الاستفادة من حالة الالتفاف الشعبي الجارف حول معركة الكرامة وإمكانية تنويع المصادر واستحداث الأدوات، وتطوير أداء (الحرس القديم) ليرتقي إلى تضاعيف المرحلة الحساسة والدقيقة.

خاتمة مهمة:
على كلٍّ يبدو أن ميليشيا الدعم السريع المتمردة، ستسعى بكل ما أوتيت من بقية قوة وطاقة في جسدها المتهالك، لتؤكد وجودها على مسرح الحياة، ولتبرهن لداعميها ومسانديها الإقليميين والدوليين، أنها ما زالت على قيد الحياة وذلك من أجل كسب المزيد من الدعم والإسناد والتأييد، وهو الأمر الذي يتطلب من القوات المسلحة والقوات المساندة لها ( فكّ اللجام) واستخدام أقصى درجات القوى المميتة للإجهاز على هذه الميليشيا المتمردة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتفرفر كالمذبوح، بحثاً عن طوق نجاة، يعيدها من جديد إلى الحياة.

Exit mobile version