تولي مصر الأزمة السودانية إهتماما كبيرا وتسعى بالتعاون مع الشركاء الاقليميين والدوليين في بحث سبل إنهاء الحرب السودانية ، وبحث المسؤوليين في الحكومة المصرية أزمة السودان خلال لقاءاتهم مع وزير الخارجية الأميركي الذي زار القاهرة مؤخرا ومع المبعوث الخاص للسودان توم بيرللو الذي كان قد زار القاهرة قبل اسابيع مضت ، وتؤكد الحكومة المصرية دعمها للسودان ووحدة وسلامة اراضية في كافة المحافل ، وتعتبر مصر دولة محورية في المنطقة ولا يمكن تجاوزها في حلحلة الأزمات حيث تلعب دورا بارزا بحكم علاقتها المتميزة مع دول المنطقة ، و خلال زيارة بلينكن الأخيرة إلى مصر أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ، رفض مصر لمحاولات تصعيد الصراع وتوسعة نطاقه إقليميًا ، مشيرًا إلى ضرورة تحلي جميع الأطراف بالمسؤولية ، ومجددًا تأكيد دعم مصر للبنان في مواجهة الهجوم السيبراني التي تعرضت له ، جاء ذلك خلال استقبال الرئيس المصري ، الأربعاء ، أنتوني بلينكن ، وزير الخارجية الأمريكي ، والوفد المرافق له ، بحضور الدكتور بدر عبدالعاطي ، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج ، واللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية ، إضافة إلى هيرو مصطفى جارج ، السفيرة الأمريكية بالقاهرة ، وقال الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج ، إن العلاقات مع الولايات المتحدة قوية ومتينة تمتد لعقود طويلة من العمل والتفاهم والمصالح المشتركة ، مشيرًا إلى أهمية العمل على تعزيز هذه العلاقات في إطار المصالح المشتركة ، ومصر دولة إقليمية كبيرة والولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى وهناك تفاهم وحرص على تعزيز هذه العلاقات.
وحدة السودان :
وفيما يلي الأزمة شدد عبد العاطي على أهمية وقف إطلاق النار في كافة أنحاء السودان ، والأهمية البالغة في عدم وضع الجيش السودانى الوطنى مع أى أطراف أخرى والعمل على تعزيز دور الدولة السودانية في الحفاظ على وحدة السودان والأراضى السوداني ، وتناول اللقاء أهمية القرن الإفريقى والحفاظ على وحدة وسيادة الدولة الصومالية، ومكافحة الإرهاب ، مشيرًا إلى وجود مصلحة مشتركة مع مصر والولايات المتحدة الأمريكية ، خاصة وأن مصر لديها تجربة رائدة في ذلك، بما في ذلك عنصر مكافحة الفكر المتطرف ، والمنحرف خاصة مع وجود الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء.
واكدا علي أهمية الاستقرار في الشرق الأوسط وإخلائها من كافة أسحلة الدمار الشامل ، مع الاستمرار في مجالات التعاون في صالح البلدين الشقيقين ، وعلينا مسئولية مشتركة في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
دور مصري عميق :
أكدت السفيرة منى عمر ، التي شغلت منصب مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقي ، على الأهمية الكبيرة التي تلعبها مصر في منطقة الشرق الأوسط ، خصوصاً في جهودها لإنهاء من النزاع القائم في السودان ، وأشارت إلى أن مصر تبذل قصارى جهدها لحل الأزمة السودانية ، مما يعكس التزامها العميق تجاه استقرار المنطقة، و طبقا لـ “الجمهور”، أوضحت السفيرة مني عمر أن الدور المصري في معالجة الأزمة السودانية لا يمكن تجاهله ، حيث أثنت على الجهود التي تبذلها مصر لتقديم المساعدات الإنسانية واستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين ، وأكدت أن هذه الجهود تعكس حرص مصر على دعم الشعب السوداني في أوقات الأزمات.
أبوسمبل 2 :
وقبل ايام استقبل ميناء بورتسودان باخرة مساعدات انسانية قدمتها مصر لدعم المتضررين من السيول والامطارتحمل حوالي 200 طن من المواد المختلفة مقدمة من القوات المسلحة المصرية ووزارة الصحة والسكان ووزارة التضامن الاجتماعي ووزارة الأوقاف المصرية وجمعية الهلال الأحمر المصرية ، وتعتبر سفينة أبو سمبل 2 من أضخم المساعدات التي تصل السودان مقدمة من الحكومة المصرية ، تحمل مختلف المساعدات الإنسانية ، وتأتي هذه السفينة ضمن جهود مصر المتواصلة لتقديم مختلف المساعدات الإنسانية لتجاوز محنة الحرب التي اندلعت في 15 أبريل من العام الماضي ، و قال السفير المصري بالسودان السفير هاني صلاح ، إن السفينة التي وصلت بورتسودان اليوم تحمل 200 طن من المواد المختلفة مقدمة من القوات المسلحة المصرية ووزارة التضامن الاجتماعي ، ووزارة الصحة والسكان ووزارة الاوقاف وجمعية الهلال الاحمر المصرية ، واكد هاني ان هذه السفينة خرجت بتوجيهات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واشراف القائد العام للقوات المسلحة المصرية وان الرئيس السيسي ظل يردد دوما : (مالناش غير بعض) ويوجهنا بقوله : خلو بالكم من السودان ، واوضح هاني ان الشحنة ستوزع وفق رؤية الحكومة السودانية ، وان ما قدمته مصر للسودان دور طبيعي لمصر وان مصر والسودان بلد واحد ، مؤكداً ان البعثة المصرية مستمرة في منح التأشيرات للسودانيين بتعليمات مباشرة من القيادة السياسية في مصر ، مشيراً الي وصول مليون و200 الف مواطن سوداني لمصر بعد الحرب في السودان وقال إن القاهرة مستمرةفي كافة المبادرات التي تعني بالشأن السوداني.
جهود سياسية :
وكانت مصر قد استضافت يوليو الماضي مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية ، من أجل بحث سبل إنهاء الأزمة الراهنة ، وذلك في إطار حرص جمهورية مصر العربية على بذل كافة الجهود الممكنة لتجاوز الأزمة ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السوداني وأمن واستقرار المنطقة، لاسيما دول جوار السودان، وكذلك انطلاقاً من الروابط التاريخية والاجتماعية الأخوية والعميقة التي تربط بين الشعبين المصري والسوداني ، وتأسيساً على التزام مصر بدعم كافة جهود تحقيق السلام والاستقرار في السودان ، واستعرض الدكتور عبد العاطى جهود مصر الإنسانية مند بدء الأزمة ، حيث استقبلت مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين الذين انضموا إلى ما يقرب من خمسة ملايين مواطن سوداني يعيشون في مصر منذ سنين عديدة، كما قدمت الحكومة المصرية مساعدات إغاثية عاجلة تضمنت مواد غذائية وإعاشية ومستلزمات طبية للأشقاء السودانيين المتضررين من النزاع داخل الأراضي السودانية، بالإضافة إلى استمرارها في عدد من المشروعات التنموية لتوفير الخدمات الأساسية لهم ، كمشروع الربط الكهربائي ، وإعادة بناء وتطوير ميناء وادي حلفا، وشدد وزير الخارجية على أن مصر ستستمر في بذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السوداني الغالي، والحفاظ على مكتسبات شعب السودان ، والمساعدة في تحقيق تطلعات شعبه ، والعمل على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضي المصرية وأكد على أن أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لابد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، ودون إملاءات أو ضغوط خارجية وبتسهيل من المؤسسات الدولية الإقليمية ، وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والدول الشقيقة والصديقة المهتمة بالسودان.
ونوه د. عبد العاطي بأن النزاع الراهن هو قضية سودانية بالأساس ، وبأن أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية ، وفي إطار احترام مبادىء سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية ، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها ، مشدداً على أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها في حماية السودان والحفاظ على سلامة مواطني ، مؤكداً أن مصر ستظل دائماً وأبداً داعمة لكافة الجهود الساعية لعودة الاستقرار والتقدم والازدهار للسودان الشقيق ، داعيا كافة الأطراف السودانية إلى إعلاء مصلحة الوطن.
توجيهات بدعم الطلاب السودانيين :
و في غضون ذلك كشف الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري عن توجيهات القيادة السياسية المصرية بضرورة توفير كل الدعم اللازم للطلاب السودانيين الدارسين في الجامعات المصرية لضمان استمرار مسيرتهم التعليمية وتحقيق أحلامهم.
وأكد الوزير المصري خلال الاجتماع المشترك وقتها بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة مع الفريق أول عماد الدين مصطفى عدوي، سفير جمهورية السودان بالقاهرة على اهمية تعزيز التعاون الثنائي في المجالات التعليمية والبحثية.
واشار عاشور الى حرص مصر الدائم على دعم السودان الشقيق وتقديم كل أوجه المساعدة له، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها.
ووجه وزير التعليم العالي المصري رسالة طمأنة للشباب السوداني، مؤكدًا أن مصر ستظل ملاذًا آمناً لهم وأنها ستبذل قصارى جهدها لتوفير كل سبل الدعم لهم لتحقيق أحلامهم وتطلعاتهم، تناول الاجتماع العديد من المحاور الهامة التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في المجال التعليمي،
وتسهيل إجراءات التحويل الأكاديمي، واتفق الجانبان على تسهيل إجراءات تحويل الطلاب السودانيين الراغبين في استكمال دراساتهم العليا أو الجامعية في الجامعات المصرية، وذلك من خلال توفير كافة التسهيلات اللازمة وتبسيط الإجراءات البيروقراطية.
وشدد الجانبان على أهمية تبادل البرامج الأكاديمية والخبرات البحثية بين الجامعات المصرية والسودانية بما يساهم في تطوير العملية التعليمية في كلا البلدين.
واتفق الجانبان على إتاحة فرص تدريبية للطلاب السودانيين في مختلف التخصصات العلمية والهندسية وذلك بالتعاون مع الجامعات المصرية والمؤسسات البحثية, وأكد الاجتماع على أهمية تعزيز التعاون في مجال البحث العلمي، من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة وتبادل الباحثين والعلماء.