ميلشيا الجنجويد،، أمنت العقوبات، فتمادت في الانتهاكات

واصلت في ارتكاب جرائم الحرب ،،

..

الجيش: المجتمع الدولي يعلم حجم الانتهاكات التي ارتكبتها ومازالت ترتكبها الميليشيا..

العميد نبيل: القوات المسلحة ملتزمة بقواعد القانون الدولي وقواعد الاشتباك..

الاغتصاب سلاح ممنهج للميليشيا يستهدف إذلال المجتمع السوداني..

تاي الله: الاغتصاب جزءٌ من الحرب وعمل ممنهج ومخطط تدربت عليه الميليشيا قبل القتال..

اخصائية نفسية: كل من ينتهج سلوكاً مشيناً أو معادياً للمجتمع يكون مضطرباً نفسياً.

مطالبات للمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وتجريم الميليشيا ومعاقبتها..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

قلل الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد ركن نبيل عبد الله من تقرير الأممي الذي أصدرته بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، وأكد العميد نبيل في تصريحات خاصة للكرامة أن
التقرير يفتقد إلى الشفافية والمصداقية، وأن المجتمع الدولي يعلم حجم الانتهاكات التي ارتكبتها ومازالت ترتكبها ميليشيا الدعم السريع التي قال إنها تهاجم المدن وتجتاح القرى الآمنة التي لا يكون فيها وجود عسكري أو حتى شرطي على شاكلة ما يحدث منها من انتهاكات في حق قرى ولاية الجزيرة وولاية سنار، وفي أم درمان التي تتعرض لقصف يومي يودي بحياة الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، مؤكداً أن المجتمع الدولي يشاهد هذه الجرائم، ولكنه يصمت حيالها إلا من بعض الإدانات الخجولة من المنظمات الحقوقية والإنسانية، مؤكداً أن العالم لا يزال يتذكر تأريخ ميليشيا الدعم السريع ( الجنجويد) سئ الذكر في دارفور منذ العام 2003م وما قبلها، وزاد “انتهاكات الميليشيا لا تستطيع أي جهة مهما بلغت أن تغطي عليها”، ودعا الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، المنظمات الدولية أن تتحمل مسؤولياتها وتتحلى بالشفافية والوضوح وتلتزم الصدق في كتابة مثل هذه التقارير التي لن تنطلي على أحد، مبيناً أن مثل هذه التقارير تشجع الميليشيا المتمردة على الاستمرار في انتهاكاتها.

تقصي الحقائق:
وكانت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، قد ساوت في الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب بين القوات المسلحة وميليشيا الدعم السريع، وقالت في بيان لها إن الأطراف المتحاربة في السودان ارتكبت مجموعة مروعة من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان والجرائم الدولية، بما في ذلك العديد منها التي قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأشارت في تقريرها الأول إلى كلٍّ من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وكذلك حلفائهم، وقالت إنهم مسؤولون عن أنماط الانتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الهجمات العشوائية والمباشرة التي يتم تنفيذها من خلال الغارات الجوية والقصف ضد المدنيين والمستشفيات والمدارس وشبكات الاتصالات وإمدادات المياه والكهرباء الحيوية.

التزام بالقانون الدولي:
ورفض الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد ركن نبيل عبد الله مساواة القوات المسلحة كجيش وطني معترف به منذ استقلال السودان، بميليشيا أُنشئت في الأساس لتساعد الجيش وأصبحت جزءً من القوات المسلحة ولكنها تمردت عليها، وأكد العميد نبيل في إفادته للكرامة أن القوات المسلحة ملتزمة بقواعد القانون الدولي وقواعد الاشتباك، وأن ملفها ظل على مدار تأريخها الطويل خالياً تماماً من جرائم الحرب ومن الانتهاكات في حق الناس وحق المدنيين، مبيناً أن القوات المسلحة ومنذ اندلاع هذه الحرب تدير عملياتها القتالية دفاعاً عن وحداتها ومناطقها العسكرية.

قتل وإخفاء:
وقبل أن يجف المداد الذي كتبت به بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان تقريرها، أعلن ناشطون في ولاية شمال دارفور، العثور على جثمانين لشقيقين وُجدا مقتولين بعد نحو شهرين من اعتقالهما بواسطة ميليشيا الدعم السريع من مدينة مليط، بزعم موالاتهما للجيش السوداني والحركات المسلحة، ومنذ أن سيطرت ميليشيا الدعم السريع على البلدة التي تبعد نحو 57 كيلومتراً شمال الفاشر، في أبريل الماضي، لاحقتها اتهامات بارتكاب انتهاكات وجرائم واسعة طالت المدنيين، شملت القتل والنهب والإخفاء القسري للعشرات، بينهم أعضاء في لجنة الطوارئ التي كانت تتولى مسؤولية إدارة منطقة مليط على خلفية الفراغ الأمني والإداري الذي خلفته الحرب.

اغتصاب وتعنيف:
وكانت منصات التواصل الاجتماعي ضجت خلال اليومين الماضيين بمقطع فيديو يُظهر عدداً من منسوبي ميليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة وهم يتناوبون في اغتصاب فتاة قاصر لم يتجاوز عمرها 15عاماً بولاية الجزيرة، كما تداول ناشطون مقطع فيديو آخر لأفراد من ميليشيا الدعم السريع وهم يضربون طفلة ويرغمونها على حفر الأرض تحت وابل من السباب ولغة التهديد والوعيد، واستنكر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي الحادثتين وأبدوا امتعاضاً وأسفاً كبيراً على سلوك الميليشيا المتمردة، وعلى ضعفهم وعدم قدرتهم على الثأر ورد الاعتبار.

مخطط الاغتصاب:
ويرى الإعلامي والخبير القانوني الأستاذ تاي الله محمد سليمان أن ميليشيا الدعم السريع وبجانب استخدامها للآلة الحربية في القتال فقد جنحت لاستخدام سلاح الاغتصاب بتصوير الجريمة وتوثيقها كوسيلة لتخويف وإذلال وإضعاف مكونات المجتمع وليس بغرض المتعة، معتبراً العملية في رمتها جزءً من الحرب وعملاً ممنهجاً ومخططاً يتم تدريب الجنود عليه قبل دخولهم إلى ميادين القتال رغم مخالفة ذلك للقانون الدولي والإنساني وحتى أعراف الحرب، وأكد الأستاذ تاي الله في إفادته للكرامة أن تصوير الجريمة ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي يتم مع سبق الإصرار والترصد، حيث إن الناشر يعي تماماً ما يفعله، قاصداً إهانة كرامة الأسرة، ووضعها في مرمى نيران الضغوط النفسية والاجتماعية والثقافية، مبيناً أن وصمة العار التي تلحق بالضحية تجعلها لا تُبلِّغ عما حدث لها لتنال حقها القانوني، فتفقد بذلك الهوية وتضعف لديها الثقة في النفس وتقدير الذات، وقطع تاي الله بتحريم القانون الدولي للاغتصاب وتعنيف الأطفال وتجنيدهم، وأبان أن سلاح الاغتصاب ليس بجديد على ميليشيا الجنجويد التي كانت قد استخدمت ذات السلاح في حرب دارفور التي انطلقت شرارتها في العام 2003م، مبيناً أنه على الرغم من ما تم رصده من هذه الانتهاكات بواسطة منظمات محلية ودولية إلا أن هذه الجرائم لم تجد الردع اللازم لحفظ حقوق الإنسان، ولم تتم محاكمة الجناة لأن مبدأ تطبيق القانون ظل غائباً طوال فترة حكم النظام البائد، الأمر الذي مما جعل الجناة يفلتون من العقاب.

اضطراب اجتماعي:
إننا كمعالجين نفسيين لا نتحدث عن هوية الشخص الذي يقوم بالسلوك الخاطئ وإنما دائماً نكون على الحياد التام، حيث إن أخلاقيات المهنة تحتم علينا ذلك، هكذا ابتدرت اخصائية نفسية حديثها للكرامة، وقالت الاخصائية النفسية التي فضّلت حجب اسمها إنه يتم تشخيص من ينتهج أي سلوك مشين على أنه يعاني من اضطراب الشخصية، وهذا الاضطراب يسمى السييوباثي وهو الاضطراب أو الاعتلال الاجتماعي ويسمى أيضاً بإضراب الشخصية المضادة للمجتمع { السسيوباثية sociopathy}، وهي حالة نفسية مرضية يتميز أصحاب هذه الشخصية بالرفض أو التجاهل المستمر للمعاير الاجتماعية، وكذلك يتجاهلون معايير الصواب والخطأ، وهم أشخاص يتسمون بالعنف والتهور والقساوة، ولا يبدون أي تعاطف أو ينتابهم أي إحساس بالندم تجاه سلوكياتهم وأفعالهم، مبينة أن هؤلاء الأشخاص دائماً ما يقعون تحت طائلة القانون ويتسمون بالخداع والكذب، ويشتغلون بالتزوير، وهم اندفاعيون عدوانيون يميلون إلى إيذاء الآخرين، مبينة أنهم ورغم وقوعهم المستمر في أيدي القانون، ولكنهم يفتقدون إلى القدرة على التعلم، ويتميزون بعدم الوفاء بالوعود.

خاتمة مهمة:
على كلٍّ فإن قواعد الحرب المتعارف عليها وفق القانون الإنساني تسعى إلى الحد من أثار الصراع على المدنيين أو غيرهم ممن لا يحملون السلاح وينغمسون في أتون القتال، ولكن ما يجري في حرب السودان فيه انتهاك واضح وفاضح للقانون الإنساني باستهداف المدنيين مع سبق الإصرار والترصد من قبل ميليشيا الدعم السريع التي لم تكتفِ بارتكاب الفظائع في حق المدنيين فحسب، وإنما حرصت على تصوير جرائمها بما في ذلك عمليات الاغتصاب في مسلك يعكس همجية وبربرية هذه الميليشيا وسط صمت دولي غريب ومريب، ومن أمن العقاب أساء الأدب.

Exit mobile version