تعرضت لضربات متتالية وتواجه ضغوطاً داخلية وخارجية.. ميليشيا الدعم السريع،، انهيار وفقدان بوصلة

..

خلافات تضرب المنظومة، وهيمنة واضحة للرزيقات على بقية الإثنيات..

غياب القيادة الميدانية، قاد إلى فوضى وسط الصفوف..

مواقف المكونات القبلية الداعمة للجيش كسر مجاديف الميليشيا..

توقعات بتمزق الميليشيا إلى كتل ومجموعات واستسلام الكثير من القيادات..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.
تواجه ميليشيا الدعم السريع المتمردة أوضاعاً صعبة على صعيد منظومتها وبنيتها العسكرية بفقدانها عدداً كبيراً من قيادتها الميدانية البارزة خلال الأونة الأخيرة في محاور القتال المختلفة وتحديداً في محيط مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، وعلى تخوم ولاية سنار، حيث راح ضحية مغامرات الميليشيا للتمدد الميداني قائد عملياتها في الفاشر اللواء علي يعقوب جبريل، فيما فقدت في محور ولاية سنار المقدم عبد الرحمن البيشي ومعه آخرون من ضباط برتب رفيعة في منظومة الدعم السريع، يأتي ذلك في وقت تشهد فيه الميليشيا المتمردة وميض خلافات بدأت تتحرك من تحت رماد اتهامات متبادلة بين بعض قادتها الميدانيين ومستشاريها السياسيين، ويتوقع مراقبون أن تتحول الاتهامات إلى حرب بين مكونات الميليشيا التي بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة في ظل الضربات المتلاحقة التي ظلت تتلقاها من القوات المسلحة والقوات المساندة لها في عدة محاور قتالية في العاصمة والولايات.
جلحة وعمران:
وسارت منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمخاشنة كلامية نشبت بين مستشار ميليشيا الدعم السريع المتمردة عمران عبد الله حسن، والقائد الميداني للميليشيا المتمرد جلحة رحمة مهدي، على خلفية نعت الأول للثاني في مقابلة على إحدى القنوات الفضائية بأنه مجرد جندي في صفوف الدعم السريع وليس قائداً، فثارت ثائرة جلحة الذي أعلنها مباشرة أنه لا يتبع للدعم السريع وإنما يقود جنوداً تتبع لما اسماها ” قوات التدخل السريع” وهي قوات حسب تعبيره موقِّعة على ميثاق مع الدعم السريع بالقتال معاً، وطالب جلحة، كلاً من المتمردين، قُجَّة، ومدثر، والساكن محمد، بالإضافة إلى التوم، وعلاء الدين محمد سليمان، بتسليم ٩٢ عربة قتالية تابعة له، كما أصدر أوامراً لجنوده بالانسحاب الفوري من ولاية الجزيرة خلال “٧٢” ساعة، ومن لم ينفذ الأوامر ستُتخذ معه الإجراءات اللازمة .
رياح عاتية:
ويبدو أن الرياح العاتية للتوتر الصارخ بين جلحة وعمران قد ضربت منظومة ميليشيا الدعم السريع التي حاولت أن تداري على شمعتها من عيون هذه الرياح، إذ كشفت مصادر صحفية متطابقة عن انعقاد اجتماعات سرية لقيادات بالدعم السريع من قبيلة الرزيقات لاحتواء حالة التذمر والتململ التي تفشت بين الجنود التابعين لقبيلة المسيرية في صفوف ميليشيا الدعم السريع عقب الملاسنة التي وقعت بين قائدهم جلحة رحمة مهدي ومستشار الميليشيا عمران عبدالله حسن عقب حديث الأخير عن وضعية جلحة وتراتبيته العسكرية داخل منظومة الميليشيا المتمردة، وقد توافقت قيادات الرزيقات بحسب المصادر على سحب الأسلحة الثقيلة من أبناء المسيرية والتحفظ على بعض قياداتها، لحين إذابة جليد التوتر وإعادة الأمور إلى نصابها مع ضرورة تحييد جلحة ومنعه من نشر فيديوهاته المصورة على منصات التواصل الاجتماعي.
وفجرها أبوكلْتَم:
ووضع أبوكلِْتَم حماد أحد أهم قيادات المسيرية بميليشيا الدعم السريع رسالة في بريد القائد العام لميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو ونائبه عبد الرحيم حمدان دقلو، يطالب بضرورة إجراء إصلاحات عاجلة في منظومة الدعم السريع التي قال إن قبيلة الرزيقات تسيطر على مفاصل القيادة بإقصاء المكونات القبلية الأخرى بما فيها المسيرية، واصفاً مستشار الميليشيا عمران عبد الله ( بالمُلَقَّط ) الذي لا ينتمي إلى قبيلة معروفة، ويتطاول على جلحة الذي قال إنه ينتمي إلى قبيلة المسيرية العريقة، وحذر أبوكلْتَم من استمرار عميات التهميش داخل منظومة الدعم السريع، مطالباً بترفيع أبناء المسيرية إلى رتب قيادية خلفاً للواء علي يعقوب جبريل ومضوي، منوهاً في هذا الصدد إلى أن قبيلة المسيرية فقدت ٥٥٠٠ من أبنائها منذ اندلاع الحرب، وانتقد حماد علاقة الدعم السريع بمن وصفهم بالجلابة من أبناء محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي وتنسيقية القوى الديموقراطية المدنية تقدم التي قال إنها تكرس للإقصاء، حيث لا يوجد بين قياداتها من ينتمي إلى قبيلة المسيرية.
فوضى ميدانية:
ويعكس هذا الخلاف حقيقة ما يتم تداوله من فوضى عارمة تضرب ميليشيا الدعم السريع المتمردة بعد افتقادها للقيادة الميدانية منذ الاختفاء الغريب والمريب لقائدها العام محمد حمدان دقلو، وهروب قائدها الثاني عبد الرحيم دقلو من ميادين القتال، واختفاء الرجل الثالث اللواء ركن عثمان محمد حامد، الشهير بعثمان عمليات، والذي تُرجِّح بعض المصادر بوجوده قيد الإقامة الجبرية، ولابد من الإشارة إلى أنه بعد هلاك اللواء علي يعقوب جبريل والمقدم عبد الرحمن البيشي، آلت مقاليد الأمور الميدانية لبعض القادة الذين حملتهم الولاءات القبلية والمناطقية ليكونوا في مقدمة الصفوف مثل كيكل، وقجة، وبرشم، وغيرهم ممن حملوا راية القيادة الميدانية لميليشيا الدعم السريع وصاروا يديرون المعارك على طريقة حرب العصابات بالفر والكر، الأمر الذي أفقدهم الكثير من الميزات وجعل القوات المسلحة ومنذ السادس عشر من فبراير ٢٠٢٤م، تأريخ عملية الاقتران الناجح في منطقة المهندسين بأم درمان، تمتلك زمام المبادرة على كافة المسارح والجبهات.
موقف أعيان الرزيقات:
وفي الفضاء الخارجي لمنظومة ميليشيا الدعم السريع يبدو الأمر مختلفاً تماماً، حيث تبرأت التنسيقية العامة لأبناء الرزيقات داخل وخارج السودان من تمرد قوات الدعم السريع ووصفتها بالميليشيا، وقطعت في الوقت ذاته بقدرتها على سحب أبنائها وإعادتهم إلى حضن الوطن والجيش وحفظ حقوقهم، وكان الناطق الرسمي باسم تنسيقية الرزيقات الضيف عيسى عليو قد أعلن عن وقوفهم مع الشعب السوداني والدولة السودانية، ورفض الحجج التي ساقتها المليشيا لتبرير دخولها في الحرب لإنهاء دولة 56 ومحاربة دولة الجلابة والدفاع عن الديمقراطية.

موقف أعيان المسيرية:
وكانت قبيلة المسيرية قد أكدت موقفها الرافض لتمرد ميليشيا الدعم السريع، وأنها مع حماية البلاد حتى يعود الأمن والاستقرار إلى كل ربوع السودان، وقال القيادي بقبيلة المسيرية أحمد الصالح صلوحة إن قبيلته وكافة المكونات الإثنية بغرب كردفان المتمثلة في النوبة، والداجو، ودينكا نقوك، تقف جميعها صفاً واحداً مع القوات المسلحة لنُصرة الوطن، ونوه صلوحة إلى الخسائر التي أحدثتها الحرب في القتل وتدمير البنى التحتية، رافضاً اتهام المسيرية بأنها حاضنة لقوات الدعم السريع، معلناً عن تبرؤهم من المجرمين الذين ارتكبوا انتهاكات ضد المواطنين.

وعي وضغط:
ومن هنا فقد وضح ارتفاع صوت الوعي وتغليب الوطنية لدى قبيلتي الرزيقات والمسيرية اللتين كانتا توصفان بالحواضن الاجتماعية لميليشيا الدعم السريع عطفاً على أن الغالبية العظمى من منسوبي الميليشيا المتمردة ينتمون إلى هاتين القبيلتين اللتين أدركتا كنه هذه الحرب التي تمثل استهدافاً للسودان وتنفيذاً لأجندة خارجية تحاول النيل من ثروات ومكاسب البلاد، ويرى مراقبون أن غسل الرزيقات والمسيرية أياديهم من ميليشيا الدعم السريع، قد كسر مجاديف الميليشيا وشكل ضغطاً كبيراً على القيادة المتبقية من ميليشيا الدعم السريع قبل أن تمثل خطوة متقدمة ستعقبها خطوات ربما تقود المسيرية والرزيقات إلى تسليم أبنائهم للقوات المسلحة في حال استمر بعضهم في التعنت ورفض وضع السلاح والانضمام إلى حياض القبيلة الرافض للميليشيا وجرائمها المروعة وانتهاكاتها الفظيعة، باعتبار أن القاتل ليس له قبيلة.

خاتمة مهمة:
على كلٍّ تبدو الميليشيا المتمردة في حالة احتضار ميداني وتنظيمي، فمع شروق شمس كل يوم، تفقد ميليشيا الدعم السريع، عنصراً مهماً من عناصرها القتالية، ويزيد عليها الجيش الخناق بقطع خطوط الإمداد في منطقة الزُرق، الأمر الذي يلقي على عاتق الميليشيا بهموم جديدة ترفع من ثيرمومتر الضغط الموجود أصلاً داخل المنظومة في ظل حالة التهميش والإقصاء الذي يمارسه الرزيقات على بقية الإثنيات، وهو أمر سيقود وبحسب متابعين إلى انفجار يمزق الميليشيا إلى كتل ومجموعات قد تقاتل كل واحدة على حدة، أو تسارع كل واحدة إلى الاستسلام ووضع السلاح أرضاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى