أخر الأخبار

بروفيسور إبراهيم محمد آدم يكتب : خواطر حول وحدة المصير السوداني المصري على هامش معرض الكتاب

 

في معرض الكتاب الدولي لدورته رقم 55 للعام 2024م وبدعوة كريمة من الدار العربية الحديثة للنشر دربالة – التقت مجموعة من اساتذة الجامعات والمعاهد العليا في جناح الدار ومنهم البروفيسور عمر محمد التوم الوزير الولائي السابق والوكيل الاسبق لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس مجلس أمناء كلية دار العلوم والتكنولوجيا والبروفيسور المعتز بالله بكري أحمد مدير جامعة بخت الرضا والبروفيسور علي يونس مدير جامعة الضعين، والبروفيسور محمد جلال عميد كلية المدائن للعلوم والتكنولوجيا والبروفيسور محمد شنان نائب عميد كلية عزة للبنات والاستاذ حسن خلف الله رئيس مجلس أمناء كلية أم درمان لعلوم وتكنولوجيا الطيران.
كان الموضوع المشترك في الجلسة هو العلاقات السودانية المصرية الماضي والحاضر والمستقبل وكيف كشفت الأزمة الأخيرة عن عمق العلاقات وأن تلك المقولة ليست عرضية ولكنها واقعاً معاشاً، فمنذ البدايات الأولى للحرب توجه الناس جميعهم صوب مصر وكأنهم ينتقلون في حالة نزوح من مدينة سودانية إلى أخرى ولم يختاروا بقية دول الجوار إلا بعد تعليق بعض إجراءات تأشيرة الدخول لأسباب موضوعية تتعلق بالأمن القومي المصري وحتى الذين لجاؤا للدول الأخرى سرعان ما توجه بعضهم نحو مصر لاحقا لقناعتهم جميعاً أن الإنسان السوداني لا يعيش إحساس الغربة في مصر والعكس صحيح بالنسبة للمواطن المصري في السودان.
تلك الوشائج والحميمية ضاربة الجذور في أعماق التاريخ يغذيها الإرث الثقافي المشترك منذ أقدم العصور والذي تمثل في وحدة القيم والموروثات الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدرجة تبادل الأسر الحاكمة في مصر والسودان لتأخذ ذات التسلسل في فترة الحكم دون أن يسمى هذا احتلالاً هنا أو هناك .
ولعل مسسببات التوتر الذي حدث في فترات تاريخية معينة مرده إلى تدخلات استعمارية في البلدين بدأت منذ عهد محمد علي باشا حاكم مصر التركي الذي غزا السودان إنابة عن الباب العالي في الاستانة وارتبط عهده بحملات الدفتردار الانتقامية التي لم تفرق بين مذنب وبريء في انحاء كثيرة من السودان، وكان الحكام الذين تولوا بقسوة وغلظة عملية الحكم وجمع الضرائب الباهظة جميعهم من عائلة محمد علي باشا وليس الأسر المصرية الأصيلة ورغم ذلك رسخ في مخيلة المواطن السوداني العادي ان تلك المعاملة غير الانسانية قام بها الموظف المصري، وفي عهد الحكم الثنائي الذي سمي كذلك لم يتول مصرياً واحداً منصب الحاكم رغم أن اتفاقية عام 1899 شملت نصاً فضفاضا يقر ويقرأ أن الحاكم العام هو مواطن مصري تعينه الحكومة الانجليزية بأمر عالي خديوي.
وكما هو معلوم أن فترة الحركة الوطنية الأولى ضد الحكم الإنجليزي لمصر والسودان قد شهدت اتفاقاً عاماً حول وحدة المصير منذ جمعية الاتحاد السوداني وجمعية اللواء الابيض وتداعيات ثورة 1924م في السودان التي افرزت مزيد من التضييق على عناصر الوحدة ولكن ذلك لم يبدد أشواق وآمال من ينادي بالوحدة فنشأت الأحزاب الأتحادية التي بلغت خمساً ثم توحدت لاحقاً قبيل الأستقلال لأن الهدف واحد في نهاية المطاف.
اتفق المجتمعون في ذلك النقاش إن جذور الأزمة والتنازع تعود إلى فترة الاستعمار التي جعلت المصري في مواجهة مع أخيه السوداني من خلال التعامل اليومي في إدارة البلاد وفقاً لمطالح المستعمر الذي يقف بعيداً ويتدخل ليحل المشكلات فيرسخ صورة ذهنية إيجابية لدى المواطن السوداني البسيط الذي يذكره بالخير حتى عند خروجه وتولي الحكومات الوطنية قائلاً ( يا حليل زمن الإنجليز) .يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى