حسن السر يكتب : الموردة الكُبْرَى : (عبقرية المكان، وموزاييك السُكَّان)

.

مدخل 1:

نوستالجيا Nostalgia*
(ذِكريَاتنَا الحِلوَة عَاشَتْ فِينَا مِن أيَّام طُفُولة)
………………..

مدخل 2 :
هذا، وللموردة الكُبرَى نصيب وافر مشترك في قِسمة (مَقْرَن النِّيلين) جهة بر أم درمان {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانْ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاْ يَبْغِيَان}، فمنها (مع شركاء المقرن) العظيم، تبدأ مسيرة نهر النيل النبيل The River Nile نحو مصبِّه، بِفَرْعَيهِ الإسكندرانيين، في البحر الأبيض المتوسط The Mediterranean sea .. وسبحان الله، مرج هنا، وهناك إفتِراقٌ!

أَوَلَيْسَ هذا الجَّمال الربَّاني المخصُوص، والفضل الكامل غير المنقوص، الذي وُجِدت عِندَه المُوردة الكُبرى، أدْعَي بالشَّرفِ والمُبَاهَاةِ، والمَجد، والذِّكرِ الحَمِيد ..!؟
كلما – وكثيراً ما “كلما” – أنزل صوب بحر النيل في الموردة، أستعيد عنده (فردوسي المفقود في الزمن). هنا، كان مسبحنا المفضل؛ وهناك، كنا نصِيد السمك والحُوت أشكالاً وأجناساً (القَرْقُور، والبُلطِي، والعِجِل، والبيَاض، والَكَبَرُوس، والشِّلبِي، والكَاسْ أحمر الذيل)؛ وهناك كنا ننصب شراكنا للطير (الغَبَّاشِي، وأم قَيْرَدُون الحاجَّة، والحباري، والقماري، والدَّبَاس ..)، وهنالك، في ما وراء السلاح الطبي، كنا نطارد ونصطاد “الكُدُنْدَار” العَطِر، الملون، الزاهي، الجميل، ونقطف “النَّبَق” الناضج من سِدْرِهَا الخَضِل، النَّضِر، ونستظل بظل هَشَابِهَا الممدود. وهناك، عند الجرف المقابل للبرلمان، كنا، ونحن صبية أشقياء، في مدرسة الرشاد الأولية، أنا وصديقاي فوزي المرضي، والرشيد الفاضل، نسرق ونأكل، خِفْيَة، بنَهَم، الطماطم الناضج اليانع الشهي، والعَجُّور الرُّخُس.
وتجدنِي أردِّد، بشجن، مع التجاني يوسف بشير، من قصيدته النبيلة المهيبة، هيبة النيل الفردوسي العظيم ..
“أَنتَ يا نَيلُ يا سَليل الفَرادِيسِ
نَبِيلٌ مُوَفقٌ في مَسَابِك
مِلءُ أَوْفَاضِكَ الجَّلالُ فَمَرَحِي بِالجَّلالِ المَفِيضِ مِن أَنْسَابِك*
حَضَنَتْكَ الأَمْلاكُ في جَنَّةِ الخُلْدِ
وَرَقَّتْ عَلَى وََضِيءِ عُبَابِك
وَأَمَدَّتْ عَلَيْكَ أَجنِحَةً خَضْرَاً
وَأَضْفَتْ ثِيابها في رِحَابِك
فَتَحَدَّرتَ في الزَّمَانِ وَأَفْرَغَتَ
عَلَى الشَّرقِ جَنَّة مِن رضَابِك
بَينَ أَحْضَانِكَ العِراضِ
وَفِي كَفَّيْكَ تَارِيخَه وَتَحْتَ ثِيابِك”
،
والمُوردة الكُبْرَى، موزاييك mosaic سُكَّانِي متجلِّي في بَيانِه، وكَيَانِهِ، ولِيْنِهِ وحَنَانِه؛ “وُحْدَة مع التَّنَوُّع”، بالمعنين، الحَرْفِي، والمَجَازِي. وطن صغير قد تماهي مع الوطن الكبير (نعشقه ونعشقها) ..
.

وبعدُ ..
“وَيْحَ قَلبِي الْمَا انْفَكَ خَافِق
فَارَق أُمْ دُرمَان بَاكِي شَافِق
يَمْ قََبَايِل مَا فِيك مُنَافِق
سَقَا أرضِك صَوب الْغَمَام”

خليل_فرح_ بدري

[1]

تبدأ عبقرية المكان لحي الموردة الكُبرَى (بِتَنْيَتْ حِلْوَه للشَبَّالْ)، من خاصرة جسر النيل الأبيض الشمالية اليُمنَى عند بداية شارع الموردة، المتجه شمالاً حتى محطة أم درمان الوسطى، في قلب سوق أم درمان (السوق الكبير).
على يمين الشارع المارق، وفي مبتداه ومبتغاه، مبنى مجلس الشعب “البرلمان” (وكان في زمان مضى ضريحاً للشيخ الوَلِي “بُر أبُو البتُول”؛ يجاوره، شمالاً، المقر العسكري”مركز تعليم”، التابع لقوة دفاع السودان Sudan Defence Force “S.D.F ..
(يِجُوا عَايْدِين ..
إنْ شَاالله عَايْدِين، يَا الله
يِجُوا عَايْدِين ..
ظُبَّاط مَرْكَز تَعْلِيم، يَا الله
يِجُوا عَايْدِين ..
الفَتَحُوا “كَرَنْ” بَايْنِين، يَا الله …).
يلي البرلمان، مسجد النيلين، فريد العمارة؛ ثم جامعة القرآن الكريم (كانت في زمان مضى موقع حديقة النيلين، وكانت حديقة سُمَّار وكُؤوسٍ تُدار، فسُبحانَ مُغيِّر الأحوالِ من حَالٍ إلى حَال!!). ثم خور أب عنجة (وما أدراك ما خور أب عنجة!)؛ فحديقة الجَّندُول؛ مباشرة بعد قنطرة “كبري اب ريش”؛ يليها سوق السمك (وكان في زمان مضى مبنى بوستة الموردة).

غرب شارع الموردة، من أوله، هناك، عند انعطافة الجسر الأنيقة، مبنى قصر الشباب والأطفال، قُبَالة مبنى البرلمان (وكان في زمان مضى، موقع السجن الحربي، قبل الاستقلال) ويطل، شمالاً، على الخور الصغير الفاصل بينه وبين البرلمان ومسجد النيلين؛ وبعده، مدرسة الضَّوْ حَجُّوجْ المتوسطة، متاخمة لمدرسة الرشاد الأولية؛ ثم مبنى لجامعة القرآن الكريم، يجاور مدرسة المؤتمر الثانوية من جهة الجنوب.

هذا، وللموردة ذكر في قصيدة خليل فرح “الرِّحْلَة”، وكانت مشوار ذهاب من الخرطوم إلى أم درمان، هو ومرافقيه، في عربة ‘مورس’. وبعد عبورهم كبري النيل الأبيض، ودخولهم في شارع الموردة، قاصدين “دار فوز”، في شارع كرري، جهة حي المسالمة ..
“نِحنَا جِينَا قصَاد “الصَّبَاب”
بَقَّ نُور “المُورَدَة” امْ عُبَاب
دِيْك مَشَارِع خَوْلَة ورَبَاب
ودِيْك بيُوتِن تِحت الضَّبَاب
في “مَحَطَّة شَوقِي” العِتَاب
قِفْ قليلاً نَطوِي الكِتَاب
دَاك رَسُولِن هَدَو جَانَا تَاب
رَبِّي هَوِّنز لينا المَتَاب”

الصَّبَاب = يقصد حي “الصَّبابِي” في بر الخرطوم بحري.
محطة شوقي = محطة الترام (الطرماج) في فريق عباس بالموردة. وكان لخليل علاقة وثيقة مع ندمائه في منتدى “قصر مبروكة” الشهير في فريق عباس الذي ذكره في القصيدة ..

[2]

بداية من مقر قصر الشباب والأطفال، وشمال غرب مدرسة المؤتمر الثانوية، المطلة على الخور الكبير، تَنْشَر رقعة سكانية موردابية، شمالاً، وشرقاً، وغرباً، جنوب الخور، حتى حدود “شارع الفيل”. من مشاهير سكانها، الطبيب الفنان د. أدهم؛ وأسرة عمنا حسن عباس، والد ضابط إنقلاب مايو اللواء خالد حسن عباس، وجيرانهم أسرة التوم الجِرِّقْ، والد لاعب الموردة والفريق القومي (الأهلي السوداني) الحريف عمر التوم، وقطب وإداري فريق المريخ الحاج التوم، وقطب الموردة وخبير التخطيط الإداري مختار التوم، والقاضي ولاعب كرة القدم الحريف عبد الله التوم؛ وقريباً منهم ديمتري البازار؛ والوزير الإتحادي عبد الماجد ابو حسبو؛ وصلاح عبد العال مبروك؛ والفنان رمضان زايد (الذي كان يعيش مع آل بريمة الودودين)؛ والفنان إبراهيم إدريس “ود المقرن”؛ وكان يسكن مستأجرا فيها، زمان، الفنان د. أنس العاقب. ومن مشاهيرها لاعب فريق الموردة القديمة، الهداف كابتن دِرَار بريمة، زميل اللاعب الموردابي الفنان تِرْنَة (تِرْنَة العمل الحركة، ودِرَار القَدَّ الشَّبَكَة)؛ وأسرة مدافع فريق الموردة القديمة الكابتن حامد الجزولي، وابنه الموردابي الأصيل، رئيس رابطة مشجعيها، والصحفي الرياضي، محمد حامد الجزولي؛ ولاعب وسط فريق الموردة حسون السيد خوجلي، والمستأجر في الحي، في زمان مضى، لاعب الهلال والفريق القومي الحريف الماكر مصطفى شاويش. وفي الزقاق المطل على خور ابو عنجة، أستاذ طب المخ والأعصاب الشهير بروف أبَّشَر حسين، وجارهم الرئيس الأسبق لنادي الموردة عمنا عبد المحمود أبو صالح (شقيق البروف أخصائي المخ والأعصاب، والسياسي والوزير سليمان أبو صالح)؛ وعمنا وهدان مفتش الترام؛ والإداري الوزير في حكومة نميري فرح حسن؛ وأسرة الفيل، وشهيرهم السياسي السيد الفيل، زعيم الفيليين “الفيليست”، المشاكس اللدود للشوقيين “الشوقيست” في نادي الخريجين ..

[3]

شارع بيتنا الضيق العرض (بضعة أمتار)، القصير الطول (100 متر، قد تزيد، أو تقل)، شمال خور أب عنجة مباشرة، بداية من بيت المأمور أبو بكر حسن يسار الشارع، حيث نشأ الشاعر الفذ، ابنه محمود أبو بكر حسن، الملقب “بالنسر”، شاعر القصيدة الوطنية العظيمة الذائعة ..
“صَه يا كَنَارُ وَضَعْ يَمِينَك فِي يَدِي
وَدَعِ المزَاحَ لِذِي الطَّلاقَةِ والدَّدِ
صَهْ غيرَ مأمُورٍ وهَاتِ هَواتِنَاً
كالأُرجُوَانَةِ وابلِ غيرَ مُصَفَّدِ
فإذا صَغُرتَ فَكُنْ وَضِيئاً نَيِّرَاً
مثلَ اليَرَاعَةِ في الظَّلامِ الأسوَدِ …”
والتي قال عنها د. عبد الله علي ابراهيم، في واحدة من كتاباته الجزلة العميقة، قصيدة فريدة وجديدة في نوعها، يمكن أن يقال عنها (سوبر_وطنية)، كما وَسَمَهَا، معجباً وجازماً.
وقصيدته الغنائية Lyric العذبة الشجية ..
“زَاهِي فِي خِدْرُو ما تَألَّمْ
إلاَّ يُوم كَلَّمُو .. تَكَّلمْ
حَنَّ قَلبُو ودَمْعُو سَال
هَفَّ بَىْ الشُّوق
قالُوا قَال” ..
وقصيدته “الّليريك” الأخرى ..
“إيهِ يا مَولايَ إيِهِ
من حَدِيِثٍ أشْتَهِهِ ….
،
عَسْعَسَ اللَّيلُ ونَامَا
واكْتَسَى الوَادِي ظَلاَمَا
إنْ يَكُنْ صَمْتِي رَهِيبَاً
إنَّ فِي الصَّمْتِ كَلاَمَا”
وهو صاحب ديوان الشعر الفخيم “أكوابُ بَابِل مِن ألْسِنَةِ البَلاَبِل”.
وبيت المامور “الكسلاوي الحلنقي” البكباشي أبو بكر حسن هذا، المطل، جنوبا، على الخور، هو جار بيتنا (الحيطة بالحيطة)، وكان صديقي الموردابي الراحل الصحفي عبد المجيد الصاوي قد كتب، قبل، مقالاً ضافياً في جريدة الأيام، عن حي الموردة، وذكر فيه أنه (يفصل بيني وبين الشاعر محمود أبو بكر، خمسون عاما وحائط!).
يواجه بيت المامور وبيتنا، بيت أخوالي؛ خالي وأبي وصديقي التوم عبد الجليل، وشقيقه الأصغر إبراهيم عبد الجليل “عصفور السودان”؛ يجاورهما، يمين الشارع، بيت الشاعر والكاتب والناقد الأستاذ صلاح يوسف الحسن، شقيق الراحل عمر إنجليزي، هداف فريق الهاشماب المشهور، رفقة لاعب الهلال الفلتة مصطفى النقر؛ ويجاوره حوش عمنا عثمان أحمد عامر “سكي” عظيم السمك الأكرم (أبي وصديقي وحبيبي)، باذخ السيرة عطرها، حاضر البديهة الفكهة (السنس أوف هيومر Sense of humor). يواجه بيت عمنا سكي، بيت صغير – حدثونا – لما سمعنا وسألنا نستوثق – والعهدة عليهم – أن الفنان العظيم إبراهيم الكاشف، كان، في زمان مضى، قد سكنه مستأجراً، على أيام ورشة نجارته الصغيرة في سوق الموردة. وفي نهاية هذا الشارع العجيب منزل عمنا محمد حسين ريحان، زوج الخالة “ستنا علي عبد اللطيف”، ابنة المناضل علي عبد اللطيف وزوجته المناضلة الجسورة العازَّة. وسميا ابنهما الأصغر، “علي”، على اسم جده.

هذا، وفي الشارع الموازي، من جهة الشرق، لشارعنا، بيت أسرة الفنان، وأحد أعلام الموردة، بهاء الدين عبد الرحمن “أب شِلَّة”، وشقيقه الأكبر فيصل. في صالون بيت بهاء الدين سكن، لعدة سنوات خصيبة، أخي ورفقة عمري وخِدنِي الأثير الفنان الكبير أبو عركي البخيت. ومن هذا الصالون، خرجت للناس ألحان وأغنيات روائع لأبي عركي البخيت: لو كنت ناكر، بخاف، حكاية عن حبيبتي، بريق الصحو، واحشني، وغيرها ..)، وأغنيات لبهاء الدين، وورش، وجلسات إستماع لأشهر الأغاني والفنانين. وكان هذا البيت ملتقى فنانين، وشعراء، وملحنين، وعازفين، وأساتذة موسيقيين. وبهاء الدين، نفسه، مطرب منسي، ومن تسجيلاته في إذاعة هنا ام درمان “واحة وربيع، أنا مخاصمك، نشيد بلادي، وشارك الموسيقار محمد الأمين بأداء الجملة اللحنية في نشيد الملحمة، بالترديد المتتالي بينه وبين خليل إسماعيل، وأم بَلَّيْنَة السنوسي (وكان في الخطوة بنلقى شهيد
بدمو بيرسم فجر العيد).
جيران بهاء الدين، الصحفي الرياضي المعروف عوض أبَّشَر؛ وعلى بعد خطوات، جيرانهم أسرة عمنا سليمان الفيل، والد سكرتير نادي الموردة المحنك – أيام عزها – كمال سليمان الفيل.
وفي بداية هذا الشارع من جهة الجنوب، منزل الخالة القابلة الأنيقة، الحازمة، الكريمة، الروضة محمد عثمان، المطل على خور أب عنجة، وهي جدة فني التسجلات الإذاعية الحاذق الرشيد احمد فضل الله “أب احمد”، والتي وُلد الغالبية من أبناء جيلنا، وأجيال بعدنا في الموردة الكبيرة، على قِبَالتها الماهرة. والروضة هي عمة لاعب الهلال قاسم أحمد عثمان؛ وغير بعيد عن بيتها – شرقا – في الشارع الصاعد إلى مطاعم ودكاكين “الشوَّايات” المطلة على شارع الموردة، منزل شقيقها أحمد محمد عثمان، والد عاصم، وحاتم (رفقة وصديق عمري)، وقاسم، وشقيقاتهم. ونسيبهم، زوج أختهم، هو صديقي العزيز الودود (رفقة كورة ومدارس وحي) فوزي المرضي “الأسد”، كابتن الهلال والفريق القومي الأشهر. وفي هذا المنزل الأنيق، سكن، مستأجراً، لسنوات، الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي، في بدايات مجد فنه الخالد الرفيع، ومن هذا المنزل خرجت ألحان روائع، وأشعار خرائد، وغناء رائع من أعذب ما يكون الغناء، كان أبرزه لحن وأداء رائعة الشاعر الكبير تاج السر الحسن “آسيا وأفريقيا، عام 1960 كما يثبت التوثيق”.
وصعوداً، في هذا الشارع، كان منزل الملحن العبقري، والعوَّاد الأمهر، برعي محمد دفع الله (الذي انتقل إلى حي بانت غرب، على شارع الأربعين، مقابل سينما بانت (عقب توزيع أراضي سكنية هناك على أسر في الموردة لفك الضيق السكني عنها). يواجه هذا البيت، بيت جارهم النقابي عوض الله ابراهيم، والبيتان يطلان على “ميدان البَيَان”، ومسجد حسن حسين، وخلوة الفكي متولي، وهذه هي حِلَّة (المواليد)، التي ولد فيها ونشأ، شاعر حقبة الحقيبة الفذ صالح عبد السِّيد “أبو صلاح”، قبل أن ترحل أسرته عنها. ويجاور منزل عوض الله ابراهيم، منزل الشاعر والسياسي عبد الرحمن شوقي؛ يليه، وعلى امتداد الشارع – إلى حدود جنوب شرق سوق الموردة، وخلف شوايات الموردة، مباشرة – حوش الأمير المهدوي خلف الله خالد، زعيم عمراب الموردة، وخُصِّصَت فيه ‘خلوة’ ذكرى لجدهم الولي “حامد أبْ عَصَا”، جد الجعليين العمراب (كثير من الأسر العمرابية سكناهم الموردة).
جنوب حي المواليد سكن الأستاذ الموسيقار جمعة جابر؛ وقريبا منه، مطلاً على الخور، من الشرق للغرب، منزل عمنا المستنير، الخلوق، عميد أسرة سوميت، الأستاذ إبراهيم سوميت، مؤسس مدرسة سوميت الأهلية بالموردة. وقريبا منه، جيرانهم أسرة حسيب، خال صديقنا الشاعر صلاح أحمد عبد الفتاح “صلاح حسيب”، شاعر غنائية (الأماني السندسية الشهيرة/ لحن وأداء صديقنا د. يوسف الموصلي) ..

[4]

فريق ريد : قائم شرق شارع الموردة، ويمتد، في رقعة جغرافية مستقيمة، من مثلث حديقة الموردة، جنوباً، إلى حدود الشارع الفاصل بينه وبين مستشفى القابلات، المعروف “بمستشفى الدايات”، ودار الرياضة أم درمان. يطل غربه على شارع الموردة، وشرقه إلى حدود مساكنه، ومنها نادي الفنانين، المطلة على البحر (النيل)، وحديقة الريفيرا، والمعلمين المهدويين التاريخيين الطابية (المقابلة النيل)، وبوابة عبد القيوم.

في هذا الحي الموردابي، حسن التخطيط، المسمى على الخواجة المستعمر الإنجليزي مستر “ريد”، بيوت، ومرافق، وأسماء لامعة .. نادي الضباط “الأصل” العريق القائم حتى الآن، بمبناه العتيق، المطل على شارع الموردة؛ يجاوره، مدرسة الموردة الأولية، ومدرسة البنات الأولية “مدرسة بِسْمِلَّه”، المطلتان على شارع الموردة من جهتي الشرق والغرب؛ ودار الرياضة أم درمان (كانت بيت مال دولة خليفة المهدي عبد الله التعايشي، مؤسس العاصمة الوطنية لدولة المهدية).
ومن البيوت الأعيان العريقة حوش العمدة عباس رحمة الله، وباسمه سمي الجزء الغربي المطل على شارع الموردة “فريق عباس”.
ويسكن فريق ريد أسرة القاضي – قبل الاستقلال – وعضو مجلس السيادة – بعد الاستقلال – الدرديري محمد عثمان، خال العبقري النابه معاوية محمد نور (وما أدراك ما معاوية!)، الذي تربى في كنفه، بعد وفاة والده وهو في العاشرة من عمره، وجد صديقنا د. متوكل محمود متوكل لأمه، وجد صديقنا بروف حسن السبكي خالد لأمه. ويسكن الحي، منذ تأسيسه، ضباط أبطال عظام، وشعراء وأدباء. آل مرسال، وآل زاهر السادات (والد الدكتورة خالدة زاهر، وهلال، وعدلان)؛ وآل كافي (أقرباء الشاعر الكبير عوض أحمد خليفة)؛ وآل سليمان إبراهيم؛ وآل عبد الفراج؛ وآل سوار الدهب (وابنهم قتيل النميري بابكر النور سوار الدهب، بتآمر من القذافي في إنقلاب يوليو)؛ والسياسي الاتحادي الوزير حماد توفيق. ويسكنه أدباء وشعراء : عبد الله عشري الصديق (دابي الليل)، وشقيقه محمد عشري، من “جماعة الهاشماب الأدبية” – صنو جماعة “الأبروفيين”، الفابية اليسارية التوجه السياسي والأدبي – ومن مؤسسيها بحي الهاشماب محمد احمد المحجوب، وقريبه الدكتور عبد الحليم محمد. ومن أبناء الحي المشاهير الإعلامي المذيع المحترف، ومبتدع ومقدم البرنامج الفني الشهير “صالة العرض” الأستاذ علم الدين حامد؛ والصحفي الرياضي الهلالي محمد أحمد دسوقي؛ وحكم كرة القدم عبد الله القرقور. ويسكنه لاعبو كرة قدم أفذاذ .. ختم ادريس أبو شوشة، لاعب فريق الموردة الحريف، عم لاعب الموردة والمريخ هيثم شوشة؛ وجمال “ابو عنجة” لاعب وسط فريق المريخ الدؤوب، والشبل المدافع الجسور ‘بندر’ لاعب فريق الشاطي القديم، وطُرفة مذيع مباراة للهلال والشاطي (لولا براعة الشبل بندر …).

أما شارع النيل، المتفرع من شارع الموردة، فيضم مقرات ومنازل حكومية تابعة لوزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة والإعلام. وفي واحد من هذه البيوت الحكومية، المطلة على النيل، سكن الأستاذ المربي الفاضل المستنير الأستاذ عبد المجيد طلسم، والد البلابل، ومن هذا البيت المستنير، خرجت أغنيات البلابل الشهيرة.
وعلى امتداد هذا الشارع، حديقة الريفيرا، والطابية (المقابلة النيل)، ومدرسة أم درمان الثانوية للبنات، العريقة، ومقرات قنوات فضائية (النيل الأزرق، والخرطوم)؛ والمسرح القومي، والتليفزيون. وفي هذه الجغرافية، أيضا، مبنى إذاعة “هنا امدرمان”، وإدارة ومسرح الفنون الشعبية (التي كانت لها أيام، وصولات وجولات!) يطلان على سجن “السَّاير” المهدوي الأثري (حالياً سجن أم درمان)، جهة الملازمين؛ وكلية تدريب المعلمات (ومن معلميها المبدعين من خريجي معهد الموسيقى والمسرح (حاليا، كلية الموسيقى والدراما/ جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا)، الموسيقار والملحن محمد سراج الدين (الحزن النبيل، والشجن الأليم، والله أيام يا زمان، وغيرهم)؛ وزوجته أستاذة الدراما، والممثلة المسرحية، منى عبد الرحيم؛ والفنان المعتزل العذب، أمير الطرب والتطريب، محمد ميرغني؛ والفنان العظيم مصطفى سيد احمد ..).

[5]

“سوق الموردة” العتيق، كان يشغل في محلات جزارته العامرة، مدافع فريق الموردة القديمة عبد الوهاب سلمان، والد صديقنا وزميلنا اللاعب الفذ الموهوب كمال عبد الوهاب (الدكتور)، وشقيقه حارس مرمي فريق الهاشماب سامي عبد الوهاب؛ وحامد محمد أحمد، والد لاعب الموردة المهاجم الحريف حسن حامد؛ ومبارك مارقيت، حارس مرمى فريق الموردة القديمة، وعضو إدارة ومدرب فريق أبو كدوك؛ وسليمان المحينة لاعب فريق الموردة القديمة والفريق القومي (الأهلي السوداني)؛ وعبد الله الحاج، لاعب فريق أبو عنجة زمان كانت في دوري الدرجة الأولى، والخضري أنور الفكي، قطب فريق الموردة، وقطب نادي الموردة الترزي عبد القادر الطيب “توتو ترزي”، ودكان عمنا سكي (سِيد السمك) الأشهر والأمهر والأطعم.

غرب السوق، وشماله، ديار ومسجد الصوفية السادة الأدارسة؛ وبيت الموسيقار والملحن علاء الدين حمزة؛ والفنان عبد الدافع عثمان؛ وفنان الحقيبة “عطا كوكو” فردة اولاد الموردة (عطا ومحمود عبد الكريم)؛ والإعلاميات الشهيرات سهام، وليلى، وهيام المغربي؛ وفي السنوات الأخيرة إشترى منزلاً وسكن بجوارهم الملحن عمر الشاعر؛ وسكن قرب جامع الأدارسة، مستأجراً لسنوات، وحتى عهد قريب، قبل أن يرحل إلى “الثورة”، الفنان سيف الجامعة. وفي هذه الرقعة السكنية، أيضاً، البيت الكبير لأسرة ضيف الله، ومنهم اللواء القائد حمد النيل ضيف الله، وشقيقه الرياضي الهلالي، والمربي الفاضل الصارم المنضبط، الأستاذ هاشم ضيف الله، وأخيهم الأصغر، الناشط السياسي في حزب الأمة، ميرغني ضيف الله. وجيرانهم الفنان عثمان عوض الله. ومن أفذاذ لاعبي كرة القدم، سليمان المحينة، ومدافع فريق الهلال القديم محمد أحمد الأشول “ود الأشول”؛ وجناح فريق الموردة القديمة، والفريق القومي (الأهلي السوداني) اللاعب المزعج الماكر محمود الزبير (ود الزبير). وفي هذا الجزء، وحدُّه شارع الفيل، لاعب فريق الهلال والفريق القومي (الأهلي السوداني) الفذ الأشهر صديق منزول. ويطل على الشارع، غرباً، جهة حي العباسية، منازل الشعراء العوض وداعة الله “عوض أحمد خليفة”، والشاعرين مبارك وشقيقه شمس الدين حسن الخليفة. ويسكن في هذا الشارع، أيضاً، بروف سليمان أبو صالح، والمايوي موسى المبارك.

هذا، وفي الموردة الكُبْرَى، خمسة فرق أندية رياضية، في درجات مختلفة، هي أبوعنجة، وقلب الأسد، وحي الضباط، وأبو كدوك، والهاشماب.
،
نسأل الله سبحانه وتعالى، الرحمة والمغفرة والقبول الحسن للراحلين ممن ورد ذكرهم في هذا الجزء من المقال، والصحة والعافية والعطاء للأحياء منهم.

ملحوظة مهمة:
أدعو، آملاً، إخواني وأصدقائي، وأبناء حي الموردة، من قرأ منهم هذا المقال، وأخص بالدعوة أصدقائي أنور “ود الحوش”، وبروف أبشر، وصلاح يوسف، وكامل شبيكة، ومحمد حامد الجزولي، وسراج يعقوب، أن يصححوا ما التبس، أو غُمَّ علي، ويكملوا ما سقط من ذاكرتي، سهوا، أو جهلا. والله من وراء القصد.
،
وللمقال جزء آخر يكمله، عن بقية أحياء الموردة الكُبْرَى ..
– حي الضباط.
– حي أ بو كدوك.
– حي الهاشماب
……………..

Exit mobile version