.
يبدو أن حالة التعجل التي أصابت قائد مليشيا الدعم السريع حميدتي بالوصول إلى سدة السلطة والتي كانت في الزمن( البشير) من( المستحيلات) حيث أصبحت في زمن (قحت) من (الممكنات) ،قد كانت سببا رئيسيا في نهايتها بهذه الصورة الدراماتيكيا والخروج من دائرة الفعل السياسي و العسكري و الجماهيري بسرعة لم يتخيلها( الحبيب)ولا (الخصيم) لهذه المليشيا ،والسبب أن الإعداد لهذه المليشيا بعد نهاية الحكم البشير أخذ يتصاعد بسرعة البرق وقفز عدد جنودها في عام ٢٠١٩م من عشرين ألف جندي ليصل خلال ثلاث اعوام فقط إلى( ١٢٠ )ألف جندي مع تطور كبير في امتلاك السلاح( كما) و(نوعا) ،الامر الذي أثار انتباه العديد من المراقبين والخبراء العسكريين.
ويبدو أن هذا الإعداد في الجند والعتاد والحالة السياسية والأمنية (الهشة) قد (أغرت) قادة الدعم السريع وحلفائهم في الداخل والخارج من( تزيين) فكرة القفز( فوق المراحل) بدلا سياسة( التدرج في المراحل) في الوصول إلى الهدف الرئيسي وهو الاستيلاء على السلطة.
ولكن يبدو أن سياسة( حرق المراحل) والاستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية قد جاءت بنتائج عكسية،لم يتحسب لها (مستشاروا) الدعم السريع في الداخل ولا (خبراء) الدعم السريع في الخارج.
وأول هذه الخسائر أنها فقدت صفتها الرسمية من( قوة مساندة) للقوات المسلحة إلى (مليشيا متمردة) وبالتالي فقدت الحاضن العسكري الذي نشأت وترعرت تحت نظره.
حاولت مليشيا الدعم السريع في سياسة( تدرج المراحل) في كسب الحركات المسلحة في دارفور، وضمنت ولائها بعد أن حققت لها مكاسب سياسية ودستورية من خلال إتفاق جوبا،ولكن تلك الحركات ظلت في حالة حياد حفاظا على تلك المكاسب أو توقعات بإنتصار الدعم السريع ،ولكن قرار مهاجمة مدن دارفور من قبل المليشيا قد أدخل الحركات في حرج وكان لها خياران أم أن تخرج من حالة الحياد وتنضم للقوات المسلحة أو تعلن انضمامها للتمرد ،ويبدو أنها فضلت الخيار الاول لحسابات سياسية وعسكرية ،وكانت هذه اولى (المراكب) التي حرقت نتيجة لسياسة( حرق المراحل) في الوصول إلى السلطة.
عمل الدعم السريع الى كسب الإدارة الأهلية في سياسة تدرج المراحل ونال (ود) كثير منها بعوامل قبليةوجهوية ومادية ،ووزع لقيادتها سيارات فاخرة وقدم بعض الخدمات لعدد من مناطقها ،ولكن سياسة (حرق المراحل) في الوصول إلى السلطة قد حرقت (مركب) الإدارة الأهلية ،حين هاجمت المليشيا مناطق الإدارة الأهلية في كردفان ودارفور والخرطوم( الجموعية والبطاحين وفي الجزيرة ،وحتى مناطق المليشيا وعاصمة الرزيقات التي ينحدر منها قادة المليشيا ، (الضعين) لم تأمن من الهجوم لولا التحذير الذي أطلقه ناظر القبيلة مادبو لقادة المليشيا من مغبة إنفاذ هذا الهجوم.
وبسبب سياسة حرق المراحل والوصول إلى السلطة فقدت المليشيا تعاطف مواطني اكبر ولاية في السودان من حيث السكان هي ولاية الخرطوم بسبب سياسة التدمير والخراب والنهب والسلب والسرقة التي تعرضت لها ممتلكات المواطنين من قبل المليشيا وبالتالي فقدت اكبر سند شعبي كان من الممكن أن يشكل لها خطوة مهمة في سياسة تدرج المراحل بالتالي تم( حرق مركب)مهم في الوصول إلى السلطة عبر (تدرج المراحل).
وبسبب سياسة (حرق المراحل) فقدت مليشيا الدعم السريع قوتها العسكرية والبشرية ،وفقدت صوابها وأصبحت تهاجم وتقتل وتدمر من غير (هدى) ولا( حكمة)ولا( كتاب منير).