بقلم : الباحث الأكاديمي
الدكتور / طاهر موسى الحسن
Tahermusa2010@yahoo.com
نواصل في هذه الحلقة الثالثة والأخير توجهات المواقف الخارجية وعلاقتها بالشأن في السودان ..
2/ الماسونية واللوبي الصهيوني المتحالف معها, والمسيحية المتشددة, كانوا داعمين للإتفاق الذي يحمل القيم الغربية، ويضمن عدم قيام أي نموذج لحكم ذي توجه إسلامي, حتى لو كان معتدلاً في السودان, الذي يعتبر بوابة الإسلام لإفريقيا جنوب الصحراء. وهي فرصة لفرض تلك القيم بحماية سلاح الدعم السريع, ومُرَوج لها بواسطة حليفها في الحرية والتغيير المجلس المركزي.
3/ بعض دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اللتان ساهمتا في الإتفاق الإطاري، ولعبتا دوراً كبيراً في تمويل ودعم أحزاب قحت، وهي أنظمة تتخوف من تجربة الإسلام السياسي وتجربة الديمقراطية عموماً، ولكن تختلف دوافعهما ومنطلقاتهما، فالسعودية بالرغم من عدم أطماعها في موارد وأمكانيات السودان خلافاً للإمارات، لا تخفي تخوفها من أي تجربة ديمقراطية حقيقية، ولكنها تعلم أن الإتفاق الإطاري لا يسعى لإقامة نظام ديمقراطي حقيقي، إنما هو شعار مرحلي للإستهلاك السياسي وهذا مبعث إطمئنانها. أما الإمارات صاحبة المشروع الإبراهيمي فهي تمثل الموقف الداعم للرؤية (اليهودية). ولم يعد دعمها العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع خافياً لأي متابع، فقد أشارت صحيفة النيويورك تايمز إلى الدعم الإماراتي للدعم السريع الذي يتم عبر مطار أم جرس، الواقع في أقصى الحدود الشمالية الشرقية لتشاد، وإنشائها لمستشفى ميداني (تحت ستار إنقاذ اللاجئين السودانيين، في عملية متقنة تقوم من خلالها بتزويد قوات الدعم السريع بأسلحة، وطيارات بدون طيار، وعلاج المقاتلين المصابين، ونقل الحالات الأكثر خطورة جوا إلى أحد مستشفياتها العسكرية)، كما أفادت الصحيفة بقيام الإمارات بتوسيع مطار أم جرس ليلاً لتفادي صور الأقمار الصناعية). فتم تزويد القوات التي تمرد بمدافع الكورنيت وأسلحة القناصة والمدافع المختلفة والمدرعات وأجهزة الرؤية الليلية، وكل أنواع الذخائر لمختلف الأسلحة، والتي يستحيل أن تتحصل عليها قوات الدعم السريع إلا بواسطة طرف ثالث، ذو صلة وتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية، فضلاً عن الدعم الإعلامي بتسخير وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الإجتماعي والقنوات الفضائية (اسكاي نيوز نموذجاً)، كإسناد إعلامي مؤثر. ولا يخفى على المتابع أطماع الإمارات ورغبتها في الهيمنة على الأراضي الزراعية، ومناجم الذهب والثروة الحيوانية، والإستثمار في المواني المطلة على البحر الأحمر، لضمها لسلسلة الموانئ التي تديرها شركة موانئ دبي العالمية .
ترتيبات مطلوبة .
حسب المعطيات ووقائع المعركة الدائرة الآن, نجد أن كفة القوات المسلحة هي الراجحة لحسمها، لإمتلاكها أدوات ذلك الحسم من قوة عسكرية وإلتفاف شعبي، تستطبع من خلاله إخضاع القوات المتمردة عبر ميدان المعركة، أوعبر طاولة ترتيبات الإستسلام، ولكن هناك واقعاً جديداً لا يمكن تجاهله بات مفروضاً، ولا يمكن غض الطرف عنه، وهو ما آلت إليه الأوضاع الإنسانية من سوء، حيث أجبر التدهور الأمني الملايين من المواطنين على الفرار، لجأ بعضهم إلى دول الجوار، ونزح آخرون إلى الولايات المختلفة. فالمشهد الماثل يتطلب وضع ترتيبات مهمة منها :
1/ معالجة أوضاع النازحين واللاجئين بتوفير الحد الأدني من ضروريات الحياة من مسكن ومأكل ومشرب وعلاج, وتقديم المساعدات اللازمة لهم عبر الولايات، وبالتنسيق مع دول اللجوء، والقيام بمسوحات ميدانية لتعويض المتضررين بشكل عالج، وتوفير بيئة صالحة للعمل للنازحين في مناطقهم الجديدة. ومن ثم الشروع في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتسهيل إجراءات العودة للراغبين. مع الوضع في الإعتبار أوضاع الولايات الآمنة، التي شهدت نقصاً في إيراداتها، والضغط على الخدمات الموجودة فيها أو نقصها أو إنعدامها أحياناً. والتضخم وإنفلات الدولار الذي ظل في تصاعد مستمر مقابل الجنيه. عوضاً عن تأخر أجور العاملين في الدولة.
2/ ضمان وصول إمداد الأدوية للمستشفيات والمساعدات الصحية بتأمين مساراتها، وتوفير الأدوية المنقذه للحياة، وأدوية الأمراض المزمنة ( السرطان الفشل الكلوي السكري…. إلخ) ، ومواجهة مشاكل النازحين بتأمين الغذاء بضمان إيصال الإعانات والإغاثات لمستحقيها، وحل مشاكل ترحيلها، مع وضع آليات رقابة لضمان عدم تسربها للسوق.
3/ إلزام القوات المتمردة بتفيذ بنود إتفاق جدة ونصوصه الواضحة (لا سيما الشق الإنساني) التي تلزم (الكل) بقواعد القانون الدولي الإنساني ، والبرتكول الإضافي الذي حدد قواعد الإشتباك في مناطق المدنيين، وحظر الإحتماء بهم، وإتخاذهم دروعاً بشرية، وإلزام المتمردين بمغادرة بيوت المواطنين، والخروج من الأعيان المدنية كالمستشفيات والمرافق الخدمية، وإيقاف عمليات السلب والنهب والإسترقاق.
4/ توحيد الصف الوطني وإجراء حوار سياسي (سوداني / سوداني) شامل، يستوعب المتغيرات الداخلية والخارجية، كأساس لمعالجة جذور المشكلة بمعالجة أسبابها لا عرضها .
5/ تسريع مسار الترتيبات الأمنية الخاص بحركات الكفاح المسلح. ووضع جداول زمنية لدمج ما تبقى من قوات الدعم السريع في الجيش القومي الواحد بإعتباره الطريق الوحيد الذي يؤدي لإنهاء الحرب, وضمان عدم تكرارها مستقبلاً، مع محاسبة مرتكبي الإنتهاكات والجرائم, من قتل ونهب وإغتصاب، لاسيما وأن كل الجرائم أو أغلبها موثق .
6/ أن تكون الأولوية لتكوين حكومة قومية, من كفاءات وطنية غير حزبية، لفترة زمنية لا تطول, أو يتم الإتفاق على مدتها، مهمتها معالجة آثار الحرب, والتأسيس لعملية التحول الديمقراطي، والإعداد لقيام الإنتخابات، يكون الجيش فيها حارساً وحامياً للدستور، وتعمل القوى السياسية والمدنية للإستعداد للإنتخابات.
المراجع :
1/ إسكاي نيوز العربية ( ما هو الإتفاق الإطاري ومن الداعمون والرافضون) .
2/ صحيفة النيويوك تايمز مقال بعنوان (مقاتلو حميدتي يستخدمون صواريخ كورنيت الروسية المضادة التي تزودهم بها الإمارات) بتاريخ 29 سبتمبر 2023م .
3/ دكتور عبد الرحمن علي الحسن مقال بعنوان ( قطع ذنب الحية لا يعني موتها) ومقال بعنوان (من أمن العقاب أساء الأدب) في مواقع التواصل الإجتماعي.
4/ الأستاذ محمد وداعة في عموده ما وراء الخبر، مقال بعنوان (التفاوض مع المتمردين قلة حيلة)v.
5/ لواء أمن (م) مازن محمد إسماعيل مقال بعنوان (البقلة في الأبريق) في وسائل التواصل الإجتماعي .