الخرطوم الحاكم نيوز
هل أتاك ظهور البرهان! إذ فاجأ جنوده الأشاوس وهم صامدون، قبل أن يُلقِم ميليشيا الجنجويد حجراً ويقطع دابر صلفهم وغرورهم، ويعكس حقيقة التضليل والأكاذيب والأباطيل التي ظلوا ينشرونها ويروِّجون لها منذ أن أوقدوا نار حربهم التي أرادوا بها الوصول إلى سُدة الحكم، فكم صدعت ميليشيا الجنجويد رؤوسنا بوجود البرهان وهيئة القيادة العليا للقوات المسلحة محبوسين داخل سرداب (بيدروم ) بالقيادة العامة للقوات المسلحة، وأنهم غير قادرين على التحرك ولو لعدة أمتار خارج أسوار القيادة.
ليظهر البرهان بروح معنوية عالية وهو يتجول في مساحات واسعة شملت عدداً من الارتكازات في أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، هذا فضلاً عن لقاءات عفوية بالمواطنين في الأحياء والطرقات، وجلوسه مع بعضهم لشرب القهوة وتناول الزلابية مع شاي اللبن في مشاهد مؤثرة تبلور المفهوم الأعمق لتلاحم الجيش مع الشعب، بيد أن الأهمية الكبرى لظهور البرهان، تمثلت في تفقده للضباط وضباط الصف والجنود المرابطين داخل سلاح المدرعات، حيث بادلهم العناق، وقاسمهم الأشواق، وحكى وضحك معهم ملء الأشداق، ولم ينسَ البرهان أن ينقل لهم تحيات رفقاءهم الصامدين داخل أسوار القيادة العامة، متحفزين بثباتٍ وهمة، لاتمام المهمة.
لقد تصدر الظهور المفاجيء لقائد الجيش السوداني، العناوين وأصبح حديث المجالس، وسحب البساط من جوف أسئلة كثيرة كانت تدور خلال الساعات الماضية بشأن الوضع في سلاح المدرعات، لمن آلت مقاليد السيطرة والتحكم داخل هذه الوحدة العسكرية التي تصرُّ ميليشيا الدعم السريع على الاستيلاء عليها لسببين اثنين لا ثالث لهما: الأول لموقع سلاح المدرعات الاستراتيجي والذي يكشف ظهر القيادة العامة للقوات المسلحة، والسبب الثاني لحاجة في نفس ميليشيا الدعم السريع تحاول من خلالها ردَّ اعتبار قائدها محمد حمدان دقلو الذي كان قد طُرد من قِبَل قيادة منطقة الشجرة التي رفضت دخوله حرم سلاح المدرعات، قبل نحو عامين.
الحرية والثقة والاطمئنان التي ظهر بها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تؤكد أن القوات المسلحة قد نفذت خلال الأيام الماضية عمليات ميدانية نوعية كسرت بها شوكة ميليشيا الجنجويد التي كانت تتوزع في ارتكازات أمنية ثابتة ومتحركة في مساحات واسعة في قلب العاصمة الخرطوم، ما يعني أن انشغال ميليشيا الدعم السريع بدخول المدرعات، أتاح فرصاً واسعة للقوات المسلحة لتنفيذ ضربات مؤثرة في عمق الميليشيا المتمردة في مناطق أخرى بعيدة عن منطقة الشجرة، أتاحت للبرهان التحرك بهذه النفسية المتحررة من أي ضغوط، والواثقة ثقة الخبير، بقرب تحقيق النصر الكبير.
لقد ضرب البرهان بظهوره الباهي أكثر من عصفور، فقد رفع الروح المعنوية لجنوده، وحفَّزهم على الاستمرار والمضي قدماً إلى غايات استراتيجية الجيش الرامية إلى تدمير ميليشيا الجنجويد ومحوها من الوجود، وفي المقابل صدم الظهور المفاجيء للبرهان عنجهية ميليشيا الدعم السريع وأصاب مناصريها بالدوار ، وقد كانوا حتى قبيل سويعات قليلة يتراقصون على إيقاعات انتصار زائف، ويتوعدون الجيش بالاستيلاء على سلاح المدرعات بالكامل والانتقال إلى سلاح المهندسين والدخول إلى القيادة للعامة لإخراج البرهان من مخبئه، ولكن البرهان أبى إلا أن يخرج إليهم متبختراً هاشاً باشاً، تبدو بسمةٌ في شفتية، حاملاً صدقَ عهودٍ، وانتصاراً في يديه.
لم يشا القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان أن ينهي حفل شواء ظهوره اللافت دون أن يوجه رسالة إلى من يهمهم الأمر بأن الجيش السوداني لا يحارب من أجل فئة أو جهة وإنما يقاتل من أجل السودان، ضارباً بعرض الحائط الاتهامات التي ظلت تطال قيادة الجيش بتمليكهم رسن العمليات الحربية إلى الحركة الإسلامية وتواطؤهم مع المجاهدين من كتيبة البراء بن مالك لإدارة الحرب التي ستعيد الكيزان مرة أخرى إلى بلاط الحكم في السودان، فيما يؤكد لسان الواقع أن حرب الكرامة شهدت تدافعاً كبيراً من مختلف فئات الشعب بما فيهم الكيزان، فقد تسابق الجميع خفافاً وثقالا لردِّ عدوان وانتهاكات ميليشيا الجنجويد التي حوّلت حربها إلى المواطنين بقتلهم وتقتيلهم واغتصاب النساء واحتلال المنازل ونهبها وتشريد أصحابها.