دكتور صلاح الدعاك يكتب : الحرب و جبر الخواطر

الخرطوم الحاكم نيوز

ذهبت قبل يومين الي محل اثاث بمدينة بورسودان ،،(نايس) ،،لنشتري بعض قطع الأثاث المكتبيه،،و قابلنا صاحب المحل ببشاشه منقطعة النظير ، فقد كان صاحب المحل مبتسما طيلة الفتره دون تكلف ،،و أثناء تطوافنا بين قطع الأثاث اذا بشاب نحيف أقرب للقصر منه الي الطول ،،دخل المحل وبصوت جهور عرف عن نفسه، لا تكاد تدرك ان هذا الصوت يخرج من هذا الجسم النحيل،، و انا أمد النظر خلفه لعل هناك شخص اخر يتكلم من جهة باب المحل ،، و قال مباشرة (السلام عليكم ،، أنا يا جماعه جيت عايز شغل ،، و استطرد قائلا ،،انا كنت بركب الاثاث و شغال في محل اثاث لكن الحرب جابتني هنا ،،،و صمت برهة و نظر للجميع لعله يريد أن يعرف من فينا صاحب المحل ،،)،،،
فرد عليه صاحب المحل المبتسم ،،(اتفضل و امشي عثمان القاعد هناك داك خليه ياخد رقمك و لو في شغل بناديك) . و انا انظر لهذا المشهد حسبته يريد أن يفوته او يعتذر له بطريقة مقبولة ،،و عندما هم الرجل بالانصراف اصر عليه صاحب المحل ان يبقي ليتناول معهم وجبة الفطور (بوش مصلح) الذي كان قد اعد له المكان و اديرت حوله الكراسي استعدادا لتناوله فاعتذر الرجل بشدة و انصرف خارج المحل،، ،، و انا كنت اراغب كل هذا المشهد و دارت في ذهني كل ما فعلته الحرب بكرامة الناس و افلاس الناس و تركهم بيوتهم و هم يهيمون في الطرقات هكذا بحثا عن لقمة كريمة و عمل شريف يقيه المسغبة ،، ،
أتممت شراء الأثاث، ،و طلبت من صاحب المحل أن يرحل و يركب العفش اليوم التالي مباشرة ،،
و في اليوم التالي حضر عدد من العمال لتركيب العفش ،،و كان ذاك الرجل النحيل صاحب الصوت الجهور حضورا معهم و كان اكثرهم نشاطا و دقة في العمل ، ،
فاتصلت علي صاحب المحل شاكرا له علي مساعدة هذا الرجل و اعطاءه فرصة عمل في هذه الظروف الصعبة،،،
و هذا نموذج وحيد من مجموعة نماذج تمثل اهل بورتسودان و شرق السودان الذين فتحوا بيوتهم و مؤسساتهم لاستقبال المتضررين من الحرب و استقبال المؤسسات و المنظمات الدولية التي تخدم كل السودان الان و هذا ليس بغريب علي احفاد عثمان دقنة،، فأتنينا لهم جميعا و نسال الله ان يحفظهم من الشرور،

و بدأت اتأمل اذا استجاب كل منا حسب استطاعته و امكانيانه لمساعدة إخوتنا الذين هاجروا و اخرجوا من ديارهم و ساعدناهم بفرص العمل و الإنتاج، ،لخففنا عليهم و ساعدناهم و استفدنا من خبراتهم وشغلناهم و روحنا عليهم ،،
و اذا تحركت الجمعيات و المنظمات لإيجاد فرص عمل مناسبة للذين هم في دور الإيواء الان لكانت فرصة كبيرة لتقديم يد المساعدة لهم و الاستفادة من خبراتهم و فرصة للترويح عنهم بدل الانتظار الممل لحرب لا يعرف نهايتها و مداها الا الله ،،

نسأل الله ان يخفف علينا ،،و يفرج علينا جميعا ،،،

و التحية لصاحب المحل المبتسم الأخ محمد عبد المنعم في بورتسودان ،،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى