
.
٢٨ يوليو ٢٠٢٣
اطلعت علي المعلومات المشار اليها بعاليه، وتعليقي علي ما جاء فيها كالآتي:
ما أشير اليه بأنه سيناريو أمريكي، يطرح علي مائدة المتفاوضين في جدة؛ دون تفاوض فعلي بين الطرفين، وذلك علي طريقة الأمريكان (This is a deal take it or leave it)
يعضد منحي ما قاله السفير الأمريكي، جون غودفري، لدي السودان في تغريدتين اليوم ٢٨ يوليو الجاري و جاءت كالآتي:
“We commend the collaborative, inclusive effort of over 75 civilian organizations and initiatives to declare a set of agreed principles to end the war and achieve civil democratic transition. At a time when the combatants are fixed on destruction, we welcome civilian actors coming together to plan for a free and peaceful Sudan”
U.S. Embassy Khartoum.
“Pleased to have been back in Saudi Arabia to consult with partners on efforts related to Sudan. I was gratified to meet during my visit with a group of locally engaged staff (LES) from Embassy Khartoum – thank you again to Saudi Arabia for all its efforts in the evacuation from Port Sudan, and for hosting our LES.” Ambassador Godfrey
أقول، وبحكم متابعتي لما اعتري سياسة واشنطن، تجاه الأزمة في السودان من تغير، مر عبر خطوات تأرجحت بين دبلوماسية ناعمة، انتهجتها وزارة الخارجية الأمريكية منذ تفجر الحرب، ودبلوماسية تتسم بممارسة الضغوط السياسية؛ والأخيرة جاءت في أعقاب جلستي الاستماع ناقدتين للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لوزارة الخارجية، وتشديد اللجنة علي أنه وبفعل تلك السياسية، والدبلوماسية غير المجدية، فإن الادارة ستنتهي الي جر الأوضاع في السودان نحو وضع أسوأ من سوريا وليبيا؛ وتجدر الاشارة، الي أن موقف الكونغرس الأمريكي بغرفتيه، ظل في خط تواز مع الإدارة الأمريكية؛ وما قاد الي التغير في سياسة الادارة الأمريكية في منهجها في التعاطي مع أزمة السودان، مبعثه في تقديري، موقف الجهاز التشريعي، مما أفضي مؤخراً، الي ذلك التحول الجذري في سياسة واشنطن تجاه طرفي الحرب، ونتج عنه فرض عقوبات، كانت أصلاً معدة ومدروسة بعناية، (وهناك عقوبات أخري أكثر دقة وتحديداً علي أفراد بعينهم جاهزة للتطبيق)، علي طرفي الحرب، وبعض الشركات المرتبطة بهما، أقرب الي الواقع؛ برغم أنني أعتقد أن سلاح العقوبات غير مجد علي المدي القريب، وخاصة فيما يتصل بالمسار الذي تمضي فيه الحرب في السودان.
وما جاء من نقاط فيما تم نقله علي اعتبار أنه (معلومات من جدة) تمثلت في الآتي:
* مسألة الزام الجيش والدعم السريع، بالتوقيع علي شروط أمريكية،
* وقف دائم لاطلاق النار، وحل السياسي يقضي بتكوين حكومه مدنيه، وابعاد العسكر عن الحكم،
* تكوين جيش وطني واحد يضم الدعم السريع، وجميع الحركات المسلحه، والاشارة، الي أنه تجري الان مفاوضات مع هذه الحركات المسلحة في هذا السياق.
* الزام الجيش، بالابتعاد عن الحكم والسياسه؛
* وتسليم السلطة لحكومه مدنيه بقيادة حمدوك؛ تبدو في تقديري، ووفق شكلها العام، أكثر عملية.
* أما الاشارة الي أن حمدوك اشترط تمتعه بسلطات واسعه، بوجود مجلس وزراء، ومجلس سيادي، ومجلس تشريعي، فإنني أعتقد، بأنها علي قضايا غير وثيقة الصلة بأصل موضوع التفاوض، وما يستتبع من استراتيجية تفاوضية، ولا علاقة له البته بالطرح التفاوضي المطروق؛ ولربما، يجيء ويتأتى انتقاء حمدوك، وإعادته لرئاسة الحكومة المدنية إستناداً علي (اعتبار أنه كان آخر رئيس وزراء وفق شرعية الوثيقة الدستورية التي كانت أساساً لإدارة البلاد)؛ وإن حدث مثل هذا الطرح، ففي تقديري الشخصي، سيمثل أفضل الخيارات في الوقت والظروف الراهنة التي تكتنف وتكتسي الوضع المأزومين في بلادنا؛ وذلك بغية تجاوز مرحلة وفضاء واسع من الأخذ والرد وعدم التوافق بين المكون المدني؛ وذلك بالنظر الي أن ماتتحدو عنه، هو استكمال مرحلة انتقالية، بحكومة انتقالية، حتي وصولنا لمرحلة عقد الانتخابات.
* ولعله، لا خلاف بيننا، بأن الحالة الراهنة غير المسبوقة في تاريخنا الحديث، والتي نعيشها ويعيشها وطننا، يتجلي بأن الوضع في السودان، تشير الي ان بلادنا تقبع الان، فوق رمال متحركة، نغوص فيها حتي أخمص أرجلنا وعلي مدار الساعة، وأفق الحل كذلك.
* وفي تقديري، أن عروتنا الوثقي، تكمن في توسيع قاعدة المشاركة المدنية، ولكن، بمعايير وأسس يرتضيها القطاع الاعرض والأوسع من الحراك الثوري، والجبهة الوطنية الواسعة التي سبق أن أشرنا اليها في عدة مواقع.
* وكلنا يدرك، أن التاريخ علمنا أن لا صراع أو نزاع أو حرب تدوم للأبد، والتفاوض سمة علاقات البشر، وحاكمة لسلوكهم؛ مهما اختلفوا وتباينوا، وتباعدت وتصلبت مواقفهم.
* الآن، نحن بحاجة لتغليب المصلحة العليا للوطن والمواطن، وتواثقنا علي عروة وثقي تجمع شملنا هي عين العقل والحكمة قبل فوات الأوان، وقبل مزيد من الانزلاق نحو انعدام كامل للأمن والسلم، وتفتت وتمزق بلادنا ووطننا.
والله من وراء القصد.