الدكتور جبريل إبراهيم يكتب عن الراحل الطاهر ماكن

إلى جنات الخلد مع الاطهار يا الطاهر
الطاهر ماكن فضل جماع لمحاسن قلما تتوافر في شخص. الطاهر طاقة جبارة و شعلة من النشاط لا تعرف الكلل، و لا يئن من ثقل الأحمال التي عليه و تشعبها. تراه هاشاً باشاً في كل أحواله. صبور حد الثمالة. شجاع في الحق و لو على نفسه و لا يخشى في الحق لومة لائم. واضح في رأيه لا يعرف المواربة. فارس عندما يحمى الوطيس. مقدام لا يعرف التردد. كتوم لا يبوح بسره و لا على نفسه. حريص على التسجيل رغم ذاكرته الفولاذية. أمين لا يمد يده لغير ماله. كريم النفس عفيف لا يسأل الناس إلحافًا حتى عندما تمس الحاجة. جواد يطلب الزيادة للناس على الدوام. نبيه لماح يعي المطلوب من غير إفصاح. كبير الهمة لا تشغله الصغائر و لا يحمل الحقد لأحد. قليل الكلام كثير العمل سريع الإنجاز. هو أول من يخطر بالبال عندما تكون الحاجة لمن يتصدى لمهمة صعبة. تجده أمامك وقتما تحتاج اليه و ينجز المطلوب في حينه بكفاءة مذهلة. الطاهر حلال عقد يألفه الناس من أول وهلة. كان الطاهر حقاً اسماً على مسمى.

ما ظننت يوماً أنني سأتألم و أحزن لفراق أحدٍ مثل حزني لفراق شقيقي و صديقي و مستشاري و طبيبي الدكتور خليل تقبله الله شهيدًا عنده، و لكن موت الطاهر أعادني إلى ذات محطة فراق الخليل و مواجعها. غادرني الطاهر على غير موعد، و ترك فراغاً في النفس و في العمل و في كل شيء يستعصي على السد. كان الطاهر أمين سري في الوزارة و في الحركة. فرض نفسه بايقاعه السريع و تفانيه في العمل. كان حلقة الوصل بيني و بين كافة المسئولين في الدولة و القوى السياسية و كان حلقة الوصل بيني و قيادات الحركة السياسية و قوات الحركة في مواقعها المختلفة. كان الطاهر رسولي إلى رجال الطرق الصوفية و الإدارة الأهلية و كل الفاعلين في المجتمع. يحتفظ بشبكة واسعة من العلاقات و الاتصالات. كان الطاهر رفيقي في السفر يرتب كل شيء بعناية و يحرص على دقائق التأمين و الراحة. عندي مثل الطاهر من حيث صلة الدم كثر، و لكن الذي يزيد حزني على فراقي له ان الطاهر كان اكثر من ابن و صديق و مرؤوس.
فراق الطاهر مؤلم بحق و لكني لا أقول إلا ما يرضي الخالق الذي استرد أمانته في ميقات و بطريقة يعلم وحده سرها. اللهم وافى إليك عبدك و ابن عبدك و ابن امتك الطاهر. اللهم طهره و نقه من الذنوب و الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم بفضلك و جودك و كرمك زد في إحسانه إحسانًا اضعافاً مضاعفه و تجاوز عن سيئاته فإنك انت الجواد الكريم الغفور الرحيم. اللهم أبدله دارا خيراً من داره و اهلاً خيراً من أهله و أكرم وفادته و انس وحشته و وسع له في مرقده و اجعل الفردوس الاعلى متقلبه و مثواه إنك ولي ذلك و القادر عليه. اللهم أحسن عزاء والدته و أشقائه و زوجه و أبنائه و أسرته الممتدة و أصحابه و أصدقائه و معارفه و بارك له في عقبه و أجمعنا به في دار كرامتك و عند حوض نبيك عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم. اللهم إني متألم لفراق الطاهر الماً لا يعلم مداه إلا أنت، و لا أشكو حزني إلا إليك. اللهم أجرني في مصيبتي و ابدلني خيرًا منها.

جبريل إبراهيم
٢٥ يوليو ٢٠٢٣

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى