محمد سعد كامل يكتب : شكرا مصر

بينما اصوات الرصاص و القنابل تمزق صمت الليل في الخرطوم معلنة إنتهاء زمن السلم و الامن اللذين كانا رهاني علي السودان و حجتي لمن يدعوني للسفر خارج رحم السودان كانت الافكار تعصف برأسي شأني شأن باقي سكان الخرطوم و يلح علي سؤال واحد بطنيين مثل باعوضة إختارت أذني كملجأ لها ( عذرتها لاحقا ) و السؤال هو ماذا افعل !.
والاجابة واضحة أمامي منذ سنين في قصيدة الشيخ البرعي مصر المؤمنة بأهل الله و لكن كيف الطريق لها و كيف الوصول لها هو طنين السؤال في عقلي فالوضع كارثي و لايحتمل مع بدء إنعدام المواد الغذائية و إنعدام الكهرباء و الماء و العلاج و كل مستلزمات الحياة الاساسية فضلا عن انعدام الامن .
تتوالي الاخبار المفزعة من هنا و هناك تارة عبر الاتصال المباشر و اخري عبر الوسائط ولاشي يبشر بالخير فكلها أخبار فواجع و مآسي تتناوب مابين سقوط قذيفة هنا او هناك و مقتل كذا شخص و نهب كم سوق و خلافه من الاخبار التي قد تصيبنا بمتلازمة الثانتوفوبيا ( متلازمة الخوف من الموت ) .
حرفيا الجثث ملقاة علي قارعة الطريق و رائحتها تعبق المكان برائحة الموت السوداء .
و بينما أنا أكذب علي أطفالي بأن أصوات المدافع هي ألعاب نارية احتفالا بمناسبة ما بالقرب منا أيقنت بأن مصر المؤمنة هي خياري الاوحد بالرغم من مغامرة الوصول فالطريق لايخلو من مخاطر.
بحمد الله وصلنا لمدينة اسوان بعد عناء و رهق و حينها فقط أحسست باحساس الامن المفقود و ادركت تماما معني كلمة أمن و كلمة أمان بعد ان إستقبلنا اهلها بكل الكرم و الحب و المقولة السائدة بالعامية ( أن مصر دي عامله زي الأخ الكبير اللي شايل حمل أخواته وولاد أخواته، واى حد يحتاجه يلاقيه سداد ) رأيتها بأم عيني في شعب مصر .
وصلنا للقاهرة وسط إحتضان أهلها لنا في الطرقات و وسائل النقل و محلات البقالة أهلها اللذين لا اعرفهم و لكنهم يسألونني عن السودان في كل مكان و العبرة تخنقهم و الحزن يملاء اعينهم مع دعوات صادقة تحس بها تخرج مباشرة من قلوبهم لينعم السودان بالسلم مرة اخري مع التطمين بأن مصر هي بلدك و أنك اخي .
لم أشعر بالغربة او فكرة انني لاجئ في مصر فكل الشواهد تدل حرفيا علي انني في السودان فلا المواطنيين غرباء ولا اللغة غريبة و لا الارض غريبة و فعلا هي مصر المؤمنة بأهل الله .

Exit mobile version