
تساءلتُ مثلما تساءل غيري عن الدوافع والأسباب التي فرضت بموجبها بريطانيا العظمى عقوبات على رجل الأعمال السّوداني ، وأحد الرموز الرياضية في بلادنا ، الدكتور أشرف سيد أحمد حسين ( الكاردينال ) ، ومنعته بموجب تلك القرارات من دخول أراضيها (!) وهو أمر يدعو للعجب مقترناً بالدهشة .
لماذا صمتت بريطانيا العظمى طوال السنوات الماضية التي شهدت نشاطاً مكثفاً للكاردينال ، في مجالات العمل الرياضي ، والمجتمعي ، والخيري ، والإقتصادي ولم توجّه نحوه سهام إتهاماتها المسمومة (؟) .
الإجابة ببساطة هي إن هذه الإتهامات جاءت في توقيت غريب ، إرتبط بالنشاط الحيوي والمكثف للكاردينال في دوائر السّياسةِ ورعايته الفعلية لكيان يشكّل ثقلاً حقيقياً بالبلاد ، إضافة إلى موقفه الواضح والصريح من إتفاقية جوبا ، وموقفه من الحاضنة السّياسيّة الحالية الذي يمثل موقف غالبية الناس منها ، وهو أمر لا يتفق مع ما هو مخطط للسودان ، لأنه يتعارض مع مصالح دول ترى أنها الوريث الشرعي للسّودان بعد غياب قسري إضّطرت له إضّطراراً خلال فترة حكم الإنقاذ ، فأرادت تعويض ذلك الإنقطاع بتواصل وإرتباط وثيق لا مكان فيه لغيرها .
بريطانيا العظمى تحارب شخصاً أو أشخاص لأنهم يعارضون سياستها وتتعارض توجهاتهم مع توجهاتهم حول السياسات التي من المفترض أن تُتبَع في بلادهم ، مع ملاحظة مهمة ، وهي إن بريطانيا هي الدولة التي تزعم أنها أم الديمقراطية في العالم ! .
أصدرت وزارة الخارجية البريطانية بياناً كشفت فيه أن المملكة المتحدة قد فرضت عقوبات على أشخاص من ست دول بتهم تتعلق بالفساد ، ومن بين أولئك وضعت إسم رجل الأعمال أشرف سيد أحمد حسين الكاردينال ؛ وقالت الخارجية البريطانية إن نظاماً جديداً في المملكة المتحدة سيسمح بمكافحة الفساد ، خاصةً الرشوة والإختلاس ، وسوف يعزّز من تطبيق مبدأ الحوكمة الرشيدة ، وإرساء قواعد ودعائم المؤسسات الديمقراطية القوية وسيادة القانون ، ويُظْهِر قوة المملكة المتحدة كقوّةٍ للخير في كل العالم .
ما حدث في تقديرنا هو محاولة لقطع الطريق على تحركات سياسية ومجتمعية للكاردينال تخشى منها بعض الدول التي تريد فرض وصايتها على السُّودان ، إضافة إلى خشية بعض مَنْ هم في الداخل ، ممن جاءت بهم الأقدار ليتحكموا في مصائر شعبنا ، وهم يمثلون الجهات التي جاءت بهم ودفعت بهم إلى الواجهة ، أكثر مما يمثلون هذا الشعب ، ولا يعبّرون عن القوى الثورية الحقيقية من الشباب ، وهي القوى التي هزّت الشجرة ليأتي هؤلاء لإلتقاط الثمار .
نحن نعرف ، نعم نعرف الكثير بحكم متابعتنا ومراقبتنا للمسرح السياسي في بلادنا ، وبحكم معرفتنا بالمشروعات الإستعمارية المؤجلة ، ونعرف من يقف خلفها ، ومن يقودها بالسر والعلن ، حتى موقف السفير البريطاني السّابق لدى السُّودان خلال الثورة الشعبية ، وما كان يقول به من آراء أمام ثلاثة سفراء منهم سفراء أشقاء ، وقد ألقمه سفير دولة عربية شقيقة حجراً لحظة تطاوله بضرورة التدخل حتى يكون مسار الثورة في الإتجاه الذي يريد .
الآن وردّا على العقوبات المفروضة زوراً وبهتاناً وإفكاً على الكاردينال ، الذي تتحدث إسهاماته المجتمعية عنه ، داخل وخارج السُّودان ، نجد أن أشقاءنا في دولة الإمارات العربية المتحدة ، قد أنصفوه بالأمس ، وهؤلاء هم الذين يهمّوننا لأنهم الأقرب إلينا من الغرب الذي لا يرى إلّا بعين مصالحه ، فقد أنصفه الأشقاء في دولة الإمارات من خلال الإحتفال بجائزة « وطني الإمارات » بمنحه وسام « بصمة أمل » ، تقديراً لجهوده الإنسانية المشهودة ، ولتجاوزه حدود المألوف في العطاء الإنساني ، وهي جائزة لا يتم منحها إلّا وفق معايير خاصة ، وقد تم منح الوسام للكاردينال في ختام الدورة الثامنة لأعمال ( مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ) ، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ، ولي عهد دبي ، وجاء التكريم من قِبل سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم ، رئيس المؤسسة ، من داخل مقر متحف الإتحاد في دُبَي ، بمشاركة عدد من الشخصيات المؤثرة على مستوى العالم العربي ودولة الإمارات العربية المتحدة ، في مجالات إنسانية متعدّدة .
مبروك للكاردينال هذا التكريم المستحق ، وأما بيان الخارجية البريطانية فإنه( غير مهم ) .