مهدي مبارك يكتب :سد النهضة… الخوف من المجهول

الخرطوم الحاكم نيوز
لا شئ يشغل مصر والسودان هذه الأيام الا قرب موعد الملء الثاني لسد النهضة والتي لم يتبق لها سوي اثنين وستون يوما، فاي مصير ينتظر الدولتين ان قامت إثيوبيا بعملية الملء الثاني دون التوصل الي اتفاق مسبق مع مصر والسودان .
إثيوبيا التي تعيش اوضاعا سياسية بالغة التعقيد تتعامل مع موضوع سد النهضة باعتباره المخرج لحكومة ابي احمد من كل المشاكل التي تعاني منها حكومته وتحديدا الحرب التي يشنها الجيش الإثيوبي في إقليم تغراي المثخن بحراج عميقة من الحرب التي هي اشبه بحرب اباده لسكان الإقليم بيد ان نتيجة الحرب قد اتت بنتائج عكسية للحكومة الإثيوبية ولابي احمد شخصيا الذي تحولت صورته من رجل السلام الي امير للحرب ما أدى لفقده كثيرا من السند الإقليمي والدولي جراء العنف الشديد الذي مارسته حكومته ضد سكان الإقليم .
الضغوط على الحكومة الإثيوبية لم تأت من الداخل فقط وإنما من الخارج أيضا إذ يعتبر السودان هو المستفيد الأوحد من معاناة حكومة ابي احمد داخليا إذ استغل السودان حالة التشتت السياسي والعسكري في الداخل الإثيوبي الي استعادة اكثر من خمسة وتسعين بالمائة من اراضيه التي كانت تحتلها إثيوبيا لأكثر من نصف قرن حيث بدت إثيوبيا عاجزة تماما عن التصدي لزحف الجيش السوداني الذي أعاد تموضع قواته داخل اراضيه دون أي مقاومة تذكر من قبل الجيش الإثيوبي او المليشيات التي يقوم بدعمها لوجستيا وعسكريا لمهاجمة القرى والبلدات التي تقع في محاذاة حدوده مع السودان.
واذا كان السودان قد كسب معركة الحدود مع الجارة إثيوبيا بكل سهولة ودون اي خسائر تذكر فهل بإمكانه الان كسب المعركة الأهم معها والتي تتمثل في سد النهضة وهل يعتبر السودان بالفعل في حالة حرب تهدد وجوده كدولة بسبب نقص المياه التي ستحجزها إثيوبيا او اذا انهار السد كليا جراء قصور في عملية بنائه او بفعل ظروف طبيعة مثل الزلازل والبراكين لاقدر الله.
الان وقد أصبح السد أمرا واقعا فهل تعتبر مخاوف مصر والسودان من انهيار السد حقيقية ام انها مجرد مخاوف يتم الطرق عليها بشدة من قبل الدولتين وذلك للضغط على إثيوبيا للقبول بتوقيع اتفاق ملزم يحافظ على حصتي كل من مصر والسودان مع توالي عمليات ملء السد اي ان تتم إطالة أمد الملء لاكثر من سبع سنوات على أقل تقدير مما سيجنب الدولتين اي نقص محتمل في حصصهم خلال السنوات المقبلة .
اغلب الظن ان مخاوف مصر والسودان من مخاطر السد على وجود الدولتين في حالة انهياره غير حقيقية ذلك بالاستناد الي عدة حقائق لا يمكن تجاوزها، وعلى سبيل المثال فإن معظم تمويل عمليات بناء السد تقوم بها صناديق تمويل اقليمية ودولية وشركات تتبع لبعض الدول الخليجية وصناديق سيادية وهي أموالا لا يمكن أن يتم التضحية بها في مشروع تبدو فرص انهياره اكبر من فرص بقائه على قيد الحياة وهل كل هذه الدول قد تواثقت على انشاء السد فقط للأضرار بمصر والسودان وبعضها حليف لكلا الدولتين كالإمارات على سبيل المثال.
حقيقة أخرى لا يمكن اغفالها وهي هل ان الشركات التي وضعت التصميمات وكذا تلك التي تقوم بعملية البناء ستقوم بالتضحية بسمعتها بكل هذا البساطة عند انهيار السد وهي بالمناسبة شركات ضخمة جدا ولها العديد من المشاريع المماثلة في العديد من البلدان عليه يكون من غير المنطقي ان ينهار السد بسبب خلل في التصميم والبناء وهو الذي استخدم في بنائه احدث تكنولوجيا البناء في وقتنا الحالي واذا كان الشئ بالشئ يذكر فلماذا لم ينهار السد العالي الذي بني بتكنلوجيا الخمسينات من القرن الماضي وهو ما يزال محافظا على قوته وتماسكه بالرغم من مرور كل تلك السنوات.
اخيرا هل يمكن القول ان إثيوبيا التي وضعت كل عوامل نهضتها في بناء السد وصرفت الملايين من الدولارات من أجل محو مصر والسودان من الوجود هل يبدو ذلك منطقيا!؟
للأسف هنالك صورة زائفة وغير حقيقة ترسمها مصر لتخويفنا من السد واذا كنا قد فندنا تلك المخاوف فعلينا البحث عن مبررات أخرى مقنعة وواقعية وقابلة للتصديق !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 + سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى