أخر الأخبار

واقع زراعة وصناعة السكر في السودان قبل الحرب وبعدها

 

بقلم : دكتور باسم عباس الطيب
باحث وخبير زراعة في محاصيل السكر

الكلام عن قطاع السكر في السودان لبس كلام عن سلعة، وانما كلام عن حياة كاملة : مزارع، مصانع، عمال، قرى، مدارس، شفخانات، وشبكات رزق ممتدة لعشرات السنين .
عندما اندلعت الحرب كلن القطاع واحدا من أكتر القطاعات التي تضررت واثرت بصورة ظاهرة علي حياتنا و مجتمعاتنا .
هذا المقال محاولة لفتح نقاش جاد، وتلاقح أفكار للبحث عن بداية طريق لعودة الروح سواء بإحياء القطاع أو بإيجاد بدائل قريبة وقابلة للتنفيذ..

قبل الحرب كان القطاع متماسكا و كان يمثل نموذج تكاملي وحيد في البلد: ما بين الزراعة َ،الصناعة، و الخدمات. مزارع ضخمة تزرع القصب في كنانة، الجنيد ، سنار، عسلاية ، والنيل الابيض. ومصانع بتحوّل القصب لمنتجات: سكر خام، سكر مكرر، بقاس للطاقة، و مولاص للأعلاف والصناعات. تقوم علي ذلك خدمات مجتمع كاملة: مدارس، مراكز صحية، نقل، أسواق. و فرص عمل لآلاف الأسر، واستقرار اجتماعي واقتصادي. وهكذا لم يكن الامر مصنع فقط بل كان مدينة كاملة قائمة علي عود قصب السكر هذا .
تسببت الحرب: في ضياع سلسلة حياة كاملة فقد صربت الحرب قلب هذه المشاريع فتاثرت الأرض، القنوات، السكن العمالي، المصانع، وحتى الإدارات. فيما بشبه التوقف الكامل للإنتاج.هجره و نزوح للعمال وفقدان آلاف الأسر لدخلها و معيشتعا.وانهيار الخدمات المجتمعية المرتبطة بالمصانع.
وركود الأسواق المحلية وتراجع النشاط التجاري فيها ،.خسارة الصادر وصعود قيمة السكر كسلعة نادرة وبانهيار القطاع، ظهرت آثار اجتماعية عميقة:
تفكك أسري وارتفاع نسب الطلاق
وفقدان الدخل المستقر الضغط النفسي تسبب في مشاكل نفسيه وسلوكية عميقة فضلا عن بطالة واسعة وسط الطاقات الشابة
كان القطاع مشغّلا رئيسيا، وتوقّفه جعل قوي شابة عريضة شغل بلا مشغلة . وانتشرت فيها
المخدرات والسلوكيات السالبة ،الفراغ + الضغط .
فقدان الثروة الحيوانية
المولاص ومخلفات المصانع كانت عصب غذاء للمواشي. فكانما وقف الإنتاج اوقف معاها حياة الحيوان في مناطق واسعة. كما
تدهورت الخدمات المرتبطة بالمصانع كالمدارس والشفخانات حيث كانت تُدار بميزانيات من هذه الشركات. و توقفت مع الحرب. هناك ايضا زثار بيئية وزراعية تشمل
توقف المكافحة الزراعية مما أدى لظهور آفات جديدة واختفاء التوازن الحيوي القديم.
زيادة أمراض النبات نتيجة غياب المعامل وخدمات الإرشاد.
تراجع الغطاء النباتي في بعض المناطق وظهور أعشاب غريبة. كل ذلك يعني ان القطاع حتي ولو تم تشغيله الان سيحتاج لوقت طويل لاستعادة عافيته
من مشاكل القطاع ايضا ازدياد تهريب السكر عبر الحدود،
وزيادة سيطرة السوق الموازي، و تسريب
العملة و واصل
الجنيه انحداره،
انهيار النموذج التكاملي الزراعي الصناعي الخدمي
الوحيد الناجح في البلاد. ففقدنا
بانهياره موردا اقتصاديا كبيرا وفقدت عشرات
آلاف من الأسر فرص عملها،وخدماتها الاجتماعية الأساسية ،
وستختاح عملية استعادة سلسلة الإنتاج المتكاملة بين الزراعة والصناعة هذهلزمن طويل ورؤية.جديدة تماماً تحتاج فيها
البدائل وفرص العودة: لحلول واقعية وممكنة .
*إشارات علي طريق العودة :*

■ الذرة الحلوة(السكرية)
Sweet Sorghum) أمل ممكن
فهي محصول شديد التحمل، في الجفاف، ولا يحتاج لنفس احتياجات القصب. المائية. و من مميزاته ؛-
* ينمو في 90 – 120 يوم.
* ينتج عصير سكّري عالي.
* مناسب للإيثانول والأعلاف.
* يمكن زراعته في مساحات صغيرة بواسطة مزارعين صغار.
* لا يحتاج بنية ضخمة كمزارع و مصانع القصب.
* يصلح لإنشاء مصانع صغيرة قروية لإنتاج سكر خام أو إيثانول بسيط. بديل سريع ومجتمعي.
■ البطاطا الحلوة غذاء + طاقة + صناعة
محصول مستقر، بينجح في معظم ولايات السودان.
*ميزاته::-*
* غذاء عالي القيمة.
ممكن يتحوّل لإيثانول أو بيوغاز.
* مخلفاته تدخل في علف الحيوان.
* صالح للصناعات الريفية الصغيرة (رقائق، نشا، أعلاف).
* مشروع مناسب للأسر الريفية.
يقلل الكلفة وبزيد الأمان الغذائي.
■ المصانع الصغيرة بدل العملاقة
بدل اعتمادنا على مصنع كبير عرضة للتوقف الكامل، نعمل شبكة مصانع صغيرة ومتوسطة منتشرة، مع مزارعين صغار.
المنفعة:
* توزيع الفرص.
* تقليل المخاطر.
* خلق سوق محلي للطاقة الخضراء.
* تشغيل شباب المناطق.
■ دور البحث العلمي
مع الشُح في الموارد، مؤسسات البحث يجب انو تشتغل بـ روشتات علاجية سريعة:
* تحسين أصناف القصب والذرة الحلوة.
* مكافحة آفات منخفضة الكلفة.
* نماذج اقتصادية للمزارع الصغيرة.
تطوير منتجات ثانوية (طاقة – علف – سماد).
البحوث في مثل هكذا ظروف لا تتطلب ملايين الجنيهات وانما. تحتاج اتجاه واضح وإرادة.
■ توصيات مختصرة للانطلاق :-
* حصر حالة المشاريع المتوقفة وتحديد ما يمكن تشغيله فوراً.
بدء زراعة تجريبية لـSweet sorghum في ولايات الجزيرة النيل الأبيض سنار.
* إنشاء وحدات تحويل صغيرة للسكر الخام أو الإيثانول القروي.
* دعم إنتاج البطاطا الحلوة كمحصول غذائي وصناعي.
* إعادة ربط الجامعات بالمزارعين عبر برامج إرشاد ميدانية.
* حملات توعية عن مخاطر التهريب وأثره على الجنيه والاقتصاد.
* بناء شراكات بين القطاع الخاص والمجتمع لإحياء ما يمكن من المصانع.

لكل المسؤولين
ولكل أهل البلد. :
هذا القطاع كان شريانا للحياة. وعندما تعطل تعطلت معه الاف الاسر ومجتمعات وخدمات، وسوق كامل.
رجوعه ليسة مستحيلا. لكنه يحتاج تفكير مختلف، بدائل واقعية، وحلول من تحت لاعلي من المجتمع للحكومة و ليسالعكس.
البداية ممكنة.
وأقرب مما نظن.
*تمسكوا بالامل و دعونا نتحاور*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى