
كشف تمرد مليشيات الدعم السريع على الدولة خَللاً جوهرياً في ملف السياسة الخارجية للحكومة السودانية، وإتضح ذلك جلياً في المواقف الضبابية لكثير من الدول التي كانت على وِفاق مع الحكومة وما أن حدث التمرد تغيّرت وأصبحت داعمة ومُشاركة وأُخرى ما برحت أن تتحدث عن وقف إطلاق النار وإدانات على إستحياء إن وجدت، لأنّ الدويلة أفلحت في شراء الذِمم، وبدأت بالسودانيين العُملاء ثم بعض رؤساء دول جوارنا القريب بإستثناء الرئيس الإرتري الذي سطّر موقفاً للتأريخ، وإمتد الأمر للدول الغربية والمنظمات الدولية وتدخّلت في الإتحاد الإفريقي والإيقاد والجامعة العربية وهيئات الأمم المتحدة، مما ساهم في إطالة أمد الحرب،وجعل البلاد في مواجهة لوبيهات دويلة الشر في جميع المحافل الدولية والإقليمية (وما أكثر المرتشين في السياسه)
تحتاج حكومتنا إلى إنتهاج سياسة خارجية فاعلة، ولقد بيّنت في عٌدة مقالاتٍ سابقة قبل عامين تقريباً عن أهمية السياسة الخارجية المبنية على المصالح المُشتركة مع إبرام إتفاقات تحفظ وجود الدولة ومؤسساتها الرسمية، فألحرب تحتاج لمعينات مستمرة عسكرياً في توفير( السلاح – الذخائر ) وسياسياً في تحييد الدول الداعمة للتمرد وتوجيهها لصالح الحكومة الرسمية، وفي ميزان العلاقات الدولية “كٌل بثمنه” وهو الشيء الذي لم تُفلح فيه وزارة الخارجية ورئاسة الدولة لسببين: أولهما خشية الدولة من المحور الغربي وثانيهما التردد في المحور الشرقي. هذه الأسباب واضحة لكل ذي بصيرة، ويظل السبب الأول محور حديث الرأي العام ويُطرح سؤالاً جوهرياً لماذا تقف السياسة الخارجية للحكومة السودانية عاجزة عن تبني رؤية واضحة تضمن لها مواجهة الهجمة الشرسة من دويلة الشر التي تُمثّل المحور الغربي؟ ولعلّي أتساءل كغيري إلى متى تتخوّف الحكومة من الإتجاه شرقاً؟ ولماذا لا تبني الدولة شراكات سياسية وعسكرية مع حليف يوفّر الإمداد العسكري المفتوح والمواقف الدبلوماسية داخل أروقة مجلس الأمن؟.
ملف السياسة الخارجية يحتاج لقيادة رشيدة ليس على مستوى وزارة الخارجية فحسب وإنما على المستوى الأعلى في مجلس السيادة، الواقع يؤكّد هنالك أخطاء في هذا الملف أو بالأحرى تردُد في إتخاذ أراء واضحة، ويقودنا ذلك إلى معرفة الأسباب الرئيسة التي أدت لغياب حُلفاء الأمس، وما الذي يمنع من بناء علاقات متوازنة تضمن بقاء الدولة في حد ذاتها فالذي يسير الآن هو عدوان متكامل الأدوار تشترك فيه بعض دول جوارنا ومنظمات ومرتزقة عابري الحدود والقارات، وما كان هذا ليتمدد حميدتي ومرتزقته لو كانت هنالك سياسة خارجية فاعلة وحُلفاء يوفّرون ما توفّره دويلة الشر.
سأتناول في مقال الغد بمشيئة الله تعالى عن القاعدة الروسية وما لم يُكتب من قبل عن هذا الأمر.


