أخر الأخبار

ندى عثمان عمر الشريف تكتب : “السلام المستحيل: لماذا لا يمكن التعايش مع الجنجويد؟”

في عالمٍ يحاول فيه البعض فرض التعايش مع القتلة كمخرجٍ للأزمات، يرفض الشعب السوداني بإصرار أي محاولة لتلميع صورة مليشيا الجنجويد أو دمجها في مستقبل الدولة اوالمجتمع. فالمشكلة هنا ليست سياسية يمكن التفاوض حولها، بل أخلاقية وإنسانية تتعلق بجوهر العدالة والكرامة.
الجنجويد لم يكونوا يوماً قوةً سياسية ذات مطالب قابلة للنقاش، بل وُلدوا من رحم العنف والفوضى، ونشأوا على ثقافة النهب والاغتصاب والحرق والقتل، وما مارسوه من فظائع منذ بداية الحرب لم يكن سلوكاً فردياً، بل عقيدة ممنهجة، تستهدف الإنسان السوداني في وجوده وشرفه وتاريخه.
إن الدعوات لوقف إطلاق النار أو عقد هدنة دائمة مع هذه الجماعة لا تعني السلام، بل تعني فقط هدنة لالتقاط الأنفاس قبل جولة جديدة من الدماء. فكيف يُطلب من الضحية أن ينسى، ومن المغتصبة أن تغفر، ومن الطفل المشرد أن يبتسم للمجرم؟ هذه ليست مصالحة، بل صفعة على وجه العدالة.
السلام لا يعني الركوع، ولا يُبنى على مساواة المجرم بالضحية. ومن يتحدث عن دمج الجنجويد في الجيش أو في الحياة العامة، يتحدث عن إعادة تدوير الجريمة وشرعنتها، وعن إعطاء القاتل سلاحاً جديداً باسم الشرعية.
ولذلك، لا هدنة، لا تفاوض، لا تسوية على حساب الكرامة.
السلام الحقيقي يبدأ بعد تفكيك المليشيا، محاسبة قياداتها، وتعويض الضحايا.
أما غير ذلك، فهو مجرد “تأجيل لجريمة قادمة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى