
تظل مآسي ومعاناة السودانيين ممتدة ومتواصلة من لدن نازحي الفاشر بسبب الجرائم وحتي المواطنين في الولايات والمدن التي سبق احتلالها والخروج منها بعد ان تم تدمير بنيتها التحتية في المؤسسات العامة حكومية كانت ام قطاع خاص…والأسوأ بالطبع تدمير منازل المواطنين والتي ظل اصحابها يؤسسونها علي مدي سنوات طويلة سواء اكان ذلك عبر الاغتراب لعشرات السنين او التجارة او الوظيفة عبر المساكن الشعبية بالأقساط…فكل تلك المنازل الآن تم تدميرها تماما ولم تعد صالحة للسكن الآن..لم يهتم المواطن كثيرا بما فقد علي المستوي الشخصي بقدر ما كان الهم هو هم الوطن يكون أو لا يكون…
معاناة المواطن السوداني في ظل هذه الظروف يصعب وصفها لأن اللجوء الي عدة دول والنزوح الي الولايات الآمنة قد أرهق جيب المواطن الأصلا خالي بعد فقدان ما يملك وفقدان الوظيفة والعمل الشريف للغالبية من اهل السودان…ضرر المواطن كان أيضا كبيرا بحجم ضرر البلد ولكن لأنه لا حول له ولاقوة كان يجب علي الحكومة ان تتفرغ تماما له ولإحتياجاته الضرورية والعاجلة وتترك الجيش بكل مكوناته لمسيرة معركة الكرامة والذي وجد فيها الدعم المطلق من المواطن رغم ظروفه سواء اكان في الميدان او علي مستوي الدعم المعنوي…لذلك فالتترك الحكومة الشأن العسكري لأهله وتتفرغ هي لخدمة المواطن وتوفير احتياجاته..بالقطع ان هناك جهد مبذول ولكنه لا يتناسب وحاجة المواطن الحقيقية في ظل هذه الظروف الأمر الذي يتطلب دعم المواطن وفي كل شؤونه بعد ان ضاقت به السبل ولكنه صابر فقط لأن الهم الوطني طغي علي ما عداه من هموم…
الآن معظم موظفي الدولة يعملون بمرتبات لا تغطي تكلفة الخبز وحليب الأطفال.. وآخرون فقدوا وظائفهم لاسباب مختلفة وحتي الذين احيلوا للمعاش في هذه الظروف لم يتمكنوا من تسوية معاشاتهم..المعلمين الذين يعملون في ظروف قاسية لا تكفي مرتباتهم المواصلات ووجبة الفطور…الاستاذ الجامعي الذي هو الآخر كرس كل حياته للعلم والتحصيل وظل يعمل طيلة سنوات الحرب في التدريس للطلاب والامتحانات لا يكاد راتبه يكفي الاسبوع الاول من الشهر فضلا عن فقدانه للسكن والمأوي بعد التدمير الذي لحق حتي بالسكن الجامعي الذي كان يأواهم..والحال كذلك ينطبق علي كل موظفي الدولة بعد الارتفاع الكبير لفاتورة الاكل والشرب والمواصلات والعلاج وحتي الإيجار…الأمر في تقديري يحتاج لتفكير خارج الصندوق لدعم المواطن والنظر اليه وحاله في ظل هذه الحرب…
ذكر وزير الرعاية الاجتماعية في مؤتمره الصحفي ان 71% من السودانيين هم الآن تحت حد الفقر بما يعادل 23 مليون مواطن بعد ان كانت النسبة قبل الحرب 21% ..ارتفاع غير مسبوق وتأثير كبير علي المواطن بسبب هذه الحرب المفروضة علي البلاد..فإن كان الدفاع عن الوطن حق مقدس وحماية الأرض والعرض مقدمة علي ما سواها فإن الإهتمام بالمواطن أيضا حق وواجب بوصفه عنصر اساسي في مسيرة الحياة..فقد فقد المواطن روحه في هذه الحرب باغتيال الآلاف دون ذنب ومازال يقدم روحه رخيصة في سبيل الوطن فالاهتمام به الآن ليس ترفا أو امرا جانبيا إنما هو واجب مستحق ولا يحتمل التأجيل او التأخير
فعلي كل المؤسسات المجتمعية والقطاع الخاص واهل البر والاحسان والمنظمات العالمية المهتمة بالشأن الإنساني وعبر شراكات السودان ووجوده فيها أن تلتفت لحال المواطن السوداني في ظل هذه الظروف التي تساوي فيها الجميع الا من رحب ربي..فهل من مجيب؟؟



