أخر الأخبار

مؤتمر صحفي حاشد لسفير السودان بالهند

،،
تضييق الخنــاق على الجنجـويـد..

سرديات موثقة بالفيديوهات والصور لجرائم وانتهاكات الميليشيا..

أسئلة تفصيلية حول المسؤولية الدولية، ودور المتورطين في دعم المتمردين..

السفير التوم: على المجتمع الدولي تصنيف الجنجويد جماعة إرهابية..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

عقد رئيس البعثة السودانية بالهند، السفير محمد عبد الله علي التوم، امس الاثنين مؤتمراً صحفياً مهماً بمقر سفارة السودان بالعاصمة نيودلهي، وقدم السفير تنويراً لوسائل الإعلام الهندية والأجنبية حول تطورات الأوضاع في السودان والجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع المتمردة منذ اجتياحها مدينة الفاشر في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، وقد شارك في المؤتمر الحاشد مراسلو أكثر من 12مؤسسة إعلامية من كبريات القنوات والصحف الهندية، إلى جانب باحثين وأكاديميين من مراكز الفكر والدراسات الدولية المهتمة بالشأن الأفريقي والسياسة الخارجية للهند.

علاقات الخرطوم بدلهي:
المؤتمر الصحفي الذي انعقد لعكس تطورات الأوضاع بالسودان وفضح جرائم وانتهاكات ميليشيا الدعم السريع، لم يغفل تقديم إضاءات مهمة حول العلاقات السودانية الهندية، والتطورات التي شهدتها هذه العلاقات الثنائية، ذلك أن نيودلهي تمثل شريكاً استراتيجياً مهماً للخرطوم في العديد من المجالات ولاسيما سودان التعليم، والتكنولوجيا، والصحة، والطاقة، ومع اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، اتخذت الهند موقفاً متوازناً دعت إلى احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه، وضرورة حل النزاع عبر الحوار الوطني بعيداً عن التدخلات الخارجية، وينظر السودان إلى الهند كصوت عقلاني داخل المنظومة الدولية، قادر على التأثير في مواقف التكتلات الآسيوية والدولية تجاه الجرائم الإنسانية المرتكبة في دارفور.

سرد موثَّق:
ونعود إلى فعاليات المؤتمر الصحفي الذي سادت فضاءاته أجواءٌ مؤثرة طغت عليها الانفعالات الإنسانية لدى الحاضرين، إذ رافقت عرض السفير التنويري، مقاطع فيديو، وصور موثقة، تُظهر الفظائع التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر ضد المدنيين العزل، بما في ذلك عمليات قتل جماعي ونهب وحرق وانتهاك للأعراض، إلى جانب تعذيب الأسرى والعاملين في المجال الإنساني والصحفيين، واحتجاز مواطن هندي ظهر في فيديوهات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد لاقت هذه المواد المصوّرة اهتماماً واسعاً من وسائل الإعلام الهندية والأجنبية الحاضرة، التي بادرت بطرح أسئلة تفصيلية حول المسؤولية الدولية تجاه هذه الجرائم، ودور الدول الإقليمية المتورطة في دعم ميليشيا الجنجويد بالسلاح والتمويل وفي مقدمتها الإمارات، فيما أبدى عدد من الأكاديميين والباحثين الهنود اهتمامهم بدراسة أبعاد النزاع السوداني وانعكاساته على الأمن الإقليمي في القارة الأفريقية.

هدف جوهري:
ولما كان الهدف الجوهري من انعقاد المؤتمر الصحفي هو فضح جرائم ميليشيا الدعم السريع والداعمين الإقليميين والدوليين الذين يقفون وراءهم، فقد حرص سفير السودان بالهند محمد عبد الله التوم، إلى استعراض الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها هذه الميليشيا المتجبرة، ونوه السفير إلى أن السودان يطالب المجتمع الدولي بضرورة تصنيف ميليشيا الدعم السريع منظمةً إرهابية، وفقاً للمعايير الدولية لمكافحة الإرهاب، مبيناً أن الصمت الدولي تجاه جرائم الإبادة والقتل الممنهج، والاغتصاب يشجع الميليشيا على التمادي، وأكد سفير السودان بالهند أن حكومة السودان قدمت خلال العامين الماضيين للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تقارير وأدلة دامغة تثبت تورط الميليشيا في جرائم ضد الإنسانية، كما دعا إلى فرض عقوبات مستهدفة على الدول والأفراد الذين يموّلون أو يمدّون الميليشيا بالسلاح، مؤكداً أنه لو لا وجود هذا التمويل والدعم لما استمرت الحرب، ولما استطاعت الميليشيا الاستمرار في اعتداءاتها، وشدد السفير التوم على ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل حول المجازر التي ارتُكبت في مدينة الفاشر خلال الأيام الماضية، متناولاً الخطر الذي تمثله ميليشيا الدعم السريع على الأمن والسلم الإقليمي عطفاً على طبيعتها الإجرامية التي لا تعرف سقوفاً في ظل تعقد الأوضاع على حدود السودان الغربية وامتدادات البلاد التي تربط الساحل مع البحر الأحمر وشمال أفريقيا حتى البحر الأبيض المتوسط.

رسائل:
واغتنم السفير محمد علي التوم، منصة المؤتمر الصحفي ليضع عدة رسائل في بريد المجتمع الدولي خلال التنوير رسالة قوية للمجتمع الدولي، مفادها: أن ما يجري في السودان مأساة إنسانية منسية، وينبغي على العالم أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية تجاه المدنيين الأبرياء، موضحاً أن الحكومة السودانية ظلت منفتحة على التعاون مع المنظمات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات إلى المتضررين، رغم الحصار الذي تفرضه الميليشيا المتمردة على عدد من المدن السودانية، كما دعا السفير إلى تفعيل المنظومة الدولية بما يضمن فعالية القرارات الأممية، مطالباً بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ” 2736″ للعام 2024م، والقاضي بخروج الميليشيا من مدينة الفاشر، وتبني خارطة الطريق التي قدمتها الحكومة السودانية للأمم المتحدة، والتي تشمل وقفاً دائماً لإطلاق النار، ونزع السلاح، ودعم الحكومة الانتقالية، مؤكداً أنه لا مستقبل لميليشيا الدعم السريع، وحلفائها السياسيين في معادلة حكم السودان، وأن الشعب السوداني سيظل متمسكاً بجيشه وملتفاً حوله، ومحتفظاً بحقه في الحرية والكرامة والسلام والعدالة.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فقد عكس المؤتمر الصحفي الذي عقده سفير السودان بالهند محمد عبد الله التوم، مدى التحول النوعي الذي التزم الخطاب الدبلوماسي السوداني بالخارج، فقد كانت السردية مزيجاً ما بين المعلومات والحقائق الميدانية، والمرافعة القانونية والسياسية المدعومة بالوثائق المرئية والمسموعة، الأمر الذي جعل المؤتمر يحظى بتفاعل واسع من الإعلاميين والباحثين الحاضرين، الذين اقتنعوا أن الحكومة السودانية تعتمد نهجاً استباقياً جديداً في إدارة معركتها السياسية والدبلوماسية والإعلامية على الساحة الدولية، بهدف كسر العزلة وتوضيح الصورة الحقيقية لما يجري في دارفور والسودان عموماً، وقد عكس تجاوب الإعلام الهندي، والمهتمين بالشؤون الأفريقية، مدى تنامي الاهتمام الآسيوي بقضية السودان وتداعياتها الإنسانية والأمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى