..
القرار استند إلى النيابة، والتحري في جرائم الحرب والانتهاكات..
طه عثمان، وفقيري، وتسابيح خاطر الأبرز في قائمة ال43 المحظورين..
الحظر يستهدف شل يد الميليشيا وداعميها وتقييد حركتهم..
مطالبات لوزارتي الداخلية والخارجية بالتحرك قانونياً ودبلوماسياً..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
أصدر بنك السودان المركزي الأربعاء قراراً قضى بحظر وتجميد أرصدة 43 شخصاً تم اتهامهم بالانتماء إلى ميليشيا الدعم المتمردة، واستند قرار البنك المركزي في حيثيات القرار إلى خطاب موجه من النيابة العامة لجمهورية السودان – لجنة التحقيق والتحري في جرائم الحرب والانتهاكات، ويأتي قرار البنك السودان المركزي بعد مرور شهر على قرار مماثل أصدره في نوفمبر الماضي، وجه بموجبه كافة المصارف السودانية بتجميد الحسابات الخاصة بقوات الدعم السريع المنحلة المتمردة، والشركات التابعة، لها كما وجه البنك المركزي المصارف بتجميد حسابات القادة وأفراد قوات الدعم السريع، مشدداً على ضرورة أن تقدم المصارف السودانية كافة تقارير يومية تتضمن، الأسماء والمستندات للأشخاص المرتبطين بهذه القوات عبر بريد إلكتروني محدد.
قرار سيادي:
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قد أصدر في الرابع عشر من مايو 2023م قراراً قضى بتجميد أرصدة وحسابات قوات الدعم السريع وشركاتها في بنوك السودان داخلياً وخارجياً، قرار البرهان الذي صدر بعد مرور ثلاثين يوماً على اندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع ضد القوات المسلحة، منع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات لمنسوبي الميليشيا المتمردة، ثم كانت الخطوة اللافتة هي صدور قرار آخر بعد سويعات من قرار تجميد أرصدة وحسابات قوات الدعم السريع وشركاتها في بنوك السودان داخلياً وخارجياً، وهو إعفاء البرهان لمحافظ البنك المركزي حسين يحيى جنقول، وعين نائبه برعي الصديق أحمد محافظاً جديداً للبنك المركزي.
إجراءات حكومية:
ولم تقف اللجنة الوطنية لجرائم الحرب وانتهاكات ميليشيا الدعم السريع مكتوفة الأيدي حيال جرائم ميليشيا آل دقلو الإرهابية فقد أعلنت اللجنة الوطنية في ديسمبر 2023م، حجزها عدداً من الأسهم المملوكة لأسماء الأعمال والشركات البالغة 36 ترليون و 258 مليون و 718 ألف جنيه التي تتبع لميليشيا الدعم السريع، يأتي ذلك في إطار الإجراءات الحكومية لمكافحة الأنشطة المالية المرتبطة بالجماعات المسلحة التي تشارك في النزاع الدائر في البلاد، وقد شرعت النيابة العامة لجمهورية السودان في تقيد دعاوى تصل عقوبتها إلى الإعدام ضد قادة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” ووجهت إليهم عدة تهم بينها إثارة الحرب ضد الدولة والتحريض والمعاونة والاتفاق وتقويض النظام الدستوري وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية.
طه عثمان الحسين:
والثلاثة والأربعون شخصاً الذين شملهم قرار بنك السودان المركزي اتهموا جميعهم بالانتماء إلى ميليشيا الدعم السريع التي كانت قد أشعلت فتيل الحرب في السودان عقب تمردها في الخامس عشر من أبريل 2023م بدعم وإسناد محاور إقليمية ودولية تتقدمهم دولة الإمارات العربية، ومن أبرز الأسماء الواردة في قرار الحظر والتجميد طه عثمان الحسين المدير السابق لمكاتب الرئيس المعزول عمر البشير، ويعتبر طه الحاصل على عدة جنسيات من بينها الجنسية السعودية، أحد اللاعبين الفاعلين في ميدان علاقة الإمارات بالدعم السريع، وتعرض طه في سبتمبر من العام 2023م إلى عقوبات بتجميد حسابه وأرصدته في البنوك الامريكية من قبل مكتب مراقبة الأصول التابع لوزارة الخزانة الأمريكية لتعامله مع قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، وتقدر ثروة طه عثمان الحسين في البنوك الإماراتية بما يقارب ال ”75″ مليون دولار، وأعلن وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية “بريان إي. نيلسون”، التزام وزارة الخزانة بمحاسبة المتعاونين مع قوات الدعم السريع، واعتبارهم جزءً فعالاً ومحركاً ومشاركاً في الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان في السودان.
فقيري، وآداب والبدوي:
ومن بين الأشخاص المعاقبين بقرار بنك السودان المركزي عدد من الدعاة الإسلاميين الملتزمين بالمنهج السلفي في السودان، أبرزهم مزمل فقيري، وأبوبكر آداب، وأحمد البدوي، ويُتهم ثلاثتهم بالانتماء إلى ميليشيا الدعم السريع المتمردة، وقد خروجوا من البلاد إلى دولة تشاد المتهمة هي الأخرى بدعم وإسناد ميليشيا آل دقلو، حيث وصلوا إلى الأراضي التشادية مروراً بالمناطق التي تقع تحت سيطرة ميليشيا الدعم السريع في دارفور، وقد تكفلت قوة من الميليشيا المتمردة بحراستهم وإيصالهم إلى تشاد، وانتشرت مقاطع فيديو لثلاثتهم وهم يتحدثون داخل مسجد جعفر الطيار بمدينة أبشي التشادية.
تسابيح خاطر:
قرار بنك السودان المركزي بتجميد وحظر أرصدة أشخاص متهمين بانتمائهم لميليشيا الدعم السريع شمل المذيعة السودانية بشبكة سكاي نيوز الإماراتية تسابيح مبارك خاطر، التي ظلت منذ أبريل الماضي 2024م في مرمى النيران عطفاً على تقرير قدمته في إحدى الفترات الإخبارية على شاشة “سكاي نيوز عربية” يزعم وجود عناصر من تنظيم داعش تقاتل الى جانب القوات المسلحة ضد مليشيا الدعم السريع، حيث سارعت الحكومة السودانية إلى نفي الأمر من خلال بيان كذبت فيه القناة واتهمتها بافتقاد أدنى أسس المهنية والموضوعية في تغطية أخبار السودان، وقررت إلغاء ترخيص “قناة سكاي نيوز عربية” الإماراتية، ومنذ ذلك الوقت ظلت صورة تسابيح مبارك خاطر مهزوزة وسط المجتمع السوداني الذي اتهمها بعدم الوطنية والارتهان إلى الإمارات التي تُتهم هي الأخيرة من قبل الحكومة السودانية بدعم ميليشيا الدعم السريع لوجستياً بالأسلحة والمعدات الحربية والمشاركة في قتل السودانيين وتشريدهم وإطالة أمد الحرب.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فإن قرار بنك السودان المركزي، بتجميد وحظر أرصدة أشخاص متهمين بانتمائهم لميليشيا الدعم السريع يأتي متسقاً مع توجه الدولة بمحاصرة ميليشيا الدعم السريع والمتعاونين، وشلِّ تحركاتهم، وهي خطوات ينبغي وبحسب مراقبين أن تُسند بخطوات مماثلة من قبل وزارتي الداخلية والخارجية، بحيث تقوم الأولى بتحريك منظمة الشرطة الجنائية الدولية ( الانتربول) لإصدار النشرات الحمراء في حق المطلوبين، فيما يقع العبء على وزارة الخارجية في تحريك ملف التهم الموجهة إلى دولة الإمارات في منضدة مجلس الأمن الدولي لإصدار عقوبات في حقها حتى ترعوي وتكف عن دعمها المستفز للميليشيا المتمردة بالأسلحة والعتاد الحربي إمعاناً في تقتيل السودانيين، وإثارة الفوضى، وإطالة أمد الحرب.