أخر الأخبار

خبر وتحليل – عمار العركي – انسحاب تشاد والسنغال من التحالفات الفرنسية: ماذا يعني للسودان والمنطقة ؟

مقدمة
تشهد افريقيا تحولات كبيرة، لا سيما في مناطق الساحل والصحراء وجنوب الصحراء ، مع تراجع النفوذ الفرنسي في مستعمراتها السابقة. يأتي هذا في ظل انسحاب فرنسا القسري من دول مثل مالي، بوركينا فاسو، والنيجر، إضافة إلى التحركات الأخيرة من تشاد والسنغال لإنهاء اتفاقيات التعاون الدفاعي والمطالبة بإجلاء قواتها.
_السودان، بموقعه_ الاستراتيجي الذي يربط شرق القارة بغربها وشمالها بجنوبها، يعد لاعبًا رئيسيًا في هذه التحولات. بحدوده الطويلة مع دول مؤثرة مثل تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى، وبكونه حلقة وصل جيوسياسية، ويتمتع بعمق استراتيجي ومزايا تؤهله لتشكيل مسار هذه التحولات. ومع الحرب المستعرة داخليًا، تشكل هذه الديناميكيات الإقليمية فرصة وتهديدًا لأمن السودان واستقراره.

ملخــــص
انسحاب بعض الدول مثل تشاد والسنغال من التحالفات الدفاعية مع فرنسا ، فتح أمام الباب فرص وتحديات خاصة للسودان.
*_في هذا المقال_* ،نناقش تأثير هذه التحولات على السودان والمنطقة، مع التركيز على الأبعاد الأمنية والدبلوماسية. وسنعرض السيناريوهات المستقبلية، ونبحث كيف يمكن للسودان استثمار هذه التغيرات لبناء تحالفات جديدة وتعزيز أمنه، في وقت حساس تتداخل فيه الأزمات الداخلية والخارجية.
▪️ *قرار تشاد: الأسباب و الدلالات :-*
1) *_الأسباب المباشرة_ :_*
•الحرب السودانية وتأثيرها الإقليمي: أدى النزوح المكثف عبر الحدود والتدفق غير المنضبط للأسلحة والمليشيات إلى تهديد أمن تشاد بشكل مباشر. كما أن باريس أظهرت عجزًا عن مواجهة هذه التحديات المتفاقمة.
•تغيرات منطقة الساحل: مع تراجع نفوذ فرنسا، تسعى تشاد لتنويع شراكاتها الأمنية، بما في ذلك التقارب مع قوى مثل روسيا.
• *_الـدوافــع الداخلـية_* : الحكومة التشادية تحاول تعزيز مكانتها الداخلية عبر قرارات تؤكد استقلالية السيادة الوطنية.
*2) دلالات الاستراتيجية_ :*
*•* يعكس هذا القرار تحولًا في سياسة تشاد نحو الاعتماد على نفسها في مواجهة التحديات الأمنية.
•الانسحاب الفرنسي قد يدفع تشاد لبناء تحالفات إقليمية أو دولية جديدة مع روسيا أو الصين.
▪️ *السنغال* :سيناريو مشابه برؤية مختلفة :
1) تصريحات الرئيس السنغالي: حديث الرئيس السنغالي عن إخراج القوات الفرنسية يعكس تحولًا تدريجيًا في السياسة الأمنية، ويدل على تزايد المعارضة الشعبية للوجود الفرنسي.
2) تسعى السنغال إلى تعزيز سيادتها الأمنية والانفتاح على شراكات دولية جديدة مع امريكا و الصين وتركيا.
3) تبني سياسة الحياد يمنح السنغال فرصة إعادة صياغة علاقتها مع القوى الدولية الكبرى.
▪️ _*تداعيات التحولات على السودان*_:
1). *الحدود السودانية:*
•الحدود مع ليبيا تمثل مصدرًا دائمًا للتهديد الأمني، حيث تدعم أطراف ليبية المليشيات المسلحة التي تنشط عبرها.
•الفراغ الأمني المحتمل في تشاد قد يؤدي إلى تسلل الجماعات المسلحة نحو السودان، مما يفاقم الأوضاع الأمنية.
*_2) _الأثر الإقليمي للحرب السودانية:__*
•الحرب السودانية أضعفت التحالفات الإقليمية التقليدية، وأجبرت الدول المجاورة على إعادة النظر في أولوياتها الأمنية.
•زيادة تهريب الأسلحة وتصاعد النشاط المسلح عبر الحدود يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة.
3) الأزمـــات الإنسانيـــة
•تصاعد النزوح الإنساني عبر الحدود السودانية يزيد من الضغط على موارد البلاد ويعقّد الاستجابة للأزمات.
▪️ *_الفرص والتحديات في مواجهة التحولات وإنهاء الاتفاقيات الدفاعية مع فرنسا*_
•في ظل التغيرات الإقليمية ، يواجه السودان فرصًا وتحديات هامة. من جهة، يمكن للسودان استثمار الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ الفرنسي مع فرنسا، وهو ما قد يتيح له بناء تحالفات مع دول أخرى في المنطقة. كما أن هناك فرصة لتعزيز التعاون مع دول الجوار لضبط الحدود.
• من جهة أخرى، يتعين على السودان أن يتعامل بحذر مع هذا التغيير، حيث إن إنهاء الاتفاقيات مع فرنسا قد يفتح المجال لدخول قوى دولية جديدة، لكن هذا يتطلب أيضًا استراتيجية دبلوماسية استباقية، و الانفتاح على شركاء جدد مثل روسيا والصين، مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع الدول الغربية.
• هذه التحولات قد تسهم في تعزيز السيادة الوطنية للسودان، ولكنها أيضًا تشكل تحديًا في ظل الوضع الأمني الداخلي المتقلب.

▪️ *_السيناريوهات المستقبلية المفترضة وتأثيراتها على السودان_*

مع تراجع النفوذ الفرنسي في بعض الدول الأفريقية، تظهر ثلاث سيناريوهات رئيسية قد تؤثر على الوضع الإقليمي والسوداني :

• *السيناريو الأول* : يتمثل في تعزيز التحالفات الإقليمية بين السودان ودول الجوار مثل تشاد وأفريقيا الوسطى. تراجع النفوذ الفرنسي قد يتيح للسودان بناء شراكات مع قوى مثل روسيا والصين. هذا السيناريو يعتمد على استقرار الوضع الداخلي السوداني وإعادة تفعيل الاتفاقات الأمنية.
• *السيناريو الثاني:* يشمل زيادة التوترات الإقليمية نتيجة للفراغ الأمني الناجم عن الانسحاب الفرنسي. هذا الفراغ قد يستغل من قبل الجماعات المسلحة التي قد تتسلل عبر الحدود ، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في السودان.
• *السيناريو الثالث:* يعتمد على تعزيز الدعم الدولي للسودان من القوى الغربية لتعويض الفراغ الأمني، مع فتح قنوات تعاون جديدة مع الولايات المتحدة وأوروبا. يمكن للسودان أن يحسن موقفه الاستراتيجي عبر دبلوماسية متوازنة مع القوى الكبرى.
(يُعتبر السيناريو الأول الأكثر ترجيحًا حال تمكن السودان من استقرار داخلي وتحقيق شراكات استراتيجية قوية مع دول الجوار. هذا السيناريو يقدم للسودان فرصة لتعزيز سيادته وأمنه).

▪️ *_خلاصة القول ومنتهاه:_*
*√* تتيح التحولات الإقليمية التي تشهدها القارة، بما في ذلك انسحاب فرنسا من بعض الدول الأفريقية، فرصًا للسودان لتعزيز أمنه الوطني من خلال بناء تحالفات إقليمية قوية. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر في استقرار الوضع الداخلي، إذ يتطلب استثمار الفراغ الأمني لتقوية سيادة السودان وحماية حدوده.
*√* يشكل تراجع النفوذ الفرنسي في المنطقة فرصة لبناء تحالفات جديدة بين دول الساحل والصحراء، مما قد يسهم في تعديل موازين القوى الإقليمية. كما أن السودان يمكنه الاستفادة من هذه التحولات لتعزيز علاقاته مع القوى الكبرى في المنطقة، مع التركيز على استقرار أمنه ومواجهة التحديات المشتركة مع جيرانه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى