وافق عليها مجلس النواب الأمريكي بالإجماع،،
..
القرار سيحال إلى مجلس الشيوخ، ومنه إلى البيت الأبيض ليصادق عليه الرئيس..
اتهامات للإمارات في إشعال الحرب، واستفهامات بشأن إفلاتها من العقوبات..
مجلس النواب: (15000) قتيلاََ حصيلة انتهاكات الميليشيا في دارفور خلال العام 2023م..
توقعات بقرارات حاسمة من ترامب ضد الميليشيا وأعوانها بعد يناير القادم..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
احتفت منصات التواصل الاجتماعي، والمواقع والصفحات الخاصة السودانيين في الداخل والخارج خلال اليومين الماضيين بالخطوة الجريئة والجادة التي اتخذها مجلس النواب الأمريكي بموافقته بالإجماع على قرار تصنيف ما قامت به ميليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة والمليشيات المتحالفة معها في دارفور ضد الإثنيات والقبائل غير العربية “بجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية”، واعتبروا موقف مجلس النواب الأمريكي بانتصار دبلوماسي آخر يضاف للانتصارات المتلاحقة التي ظلت تحققها الحكومة السودانية في ميدان الدبلوماسية، وكان آخرها نحو عشرة، عندما استخدمت روسيا حق النقض (الڤيتو) في جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتبني مشروع قرار طرحته بريطانيا وسيراليون يهدف إلى حماية المدنيين واستئناف الجهود التفاوضية لوقف الحرب وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين بالحرب في السودان.
صلاحيات مجلس النواب:
ومجلس النواب هو أحد أضلاع المثلث الذي تقوم عليه أركان الهيئة التشريعية الوطنية للولايات المتحدة الامريكية المكونة من الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ، ويتألف مجلس النواب من ممثلين يجلسون في دوائر الكونغرس المخصصة لكل ولاية على أساس عدد السكان، كما تم قياسه بواسطة التعداد السكاني في الولايات المتحدة الأمريكية، مع حق كل منطقة في الحصول على ممثل واحد كحد أدنى، ومنذ إنشاء الهيئة التشريعية في عام 1789م تم انتخاب جميع الممثلين بشكل مباشر، حيث تم تحديد عدد الممثلين المصوتين بموجب القانون 435 ممثلاً، ويُكلف مجلس النواب بإقرار التشريعات وبعد موافقة مجلس الشيوخ عليها يتم إرسالها إلى الرئيس للنظر فيها، ويتمتع مجلس النواب أيضاً بصلاحيات حصرية، فهو يباشر جميع مشروعات قوانين الإيرادات، ويعزل المسؤولين الفيدراليين، وينتخب الرئيس إذا لم يحصل أي من مرشحي الرئاسة على أغلبية الأصوات في الهيئة الانتخابية.
السودان بين يدي الجمهوريين:
وكان النائب الجمهوري جون جيمس، رئيس لجنة أفريقيا بمجلس النواب، قدّم خطاباً ضافياً قبيل التصويت على القرار، تناول فيه الأزمة الإنسانية في السودان بصفة عامة، ودارفور بصفة خاصة، وأورد النائب جيمس بالتفصيل أعداد المتأثرين بالحرب من النازحين واللاجئين وأعداد الذين يتهددهم شبح المجاعة، متناولاً انتهاكات ميليشيا الدعم السريع الإرهابية ووصفها بالإبادة الجماعية وفقاََ للمادة الثانية من اتفاقية باريس الخاصة بمنع الإبادة الجماعية التي تم إقرارها في ديسمبر من العام 1948م والتي تصف الإبادة الجماعية بأنها جريمة يعاقب عليها، وقال رئيس لجنة أفريقيا مجلس النواب إن عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم على أيدي أفراد ميليشيا الدعم السريع الإرهابية من هذه القبائل بلغ (15000) قتيلاََ خلال العام 2023م وحده، بجانب الانتهاكات الأخرى مثل الاغتصاب والتهجير القسري وتدمير المزارع والترويع، مؤكداً أن هذه الانتهاكات موثقة في تقارير لدى المنظمات الإنسانية و الحقوقية.
اتهام صريح للإمارات:
ولم يغفل النائب الجمهوري جون جيمس، رئيس لجنة أفريقيا بمجلس النواب في خطابه الشجاع أن يتطرق إلى دور دولة الإمارات ودول أخرى في إشعال فتيل الحرب في السودان دون أن تطالها يد العقوبات من قبل المجتمع الدولي، واصفاََ إدارة الرئيس بايدن بالفاشلة فيما يتعلق بوقف الحرب في السودان، ولمح النائب جيمس إلى دور جدي للإدارة الجمهورية برئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إزاء الحرب والمأساة الإنسانية في السودان وحماية المدنيين في دارفور وأكد على أن القرار سيقدم للإدارة الجديدة كبرنامج عمل يصنف بالمهم، ووعد بأنه سيكون داعماََ للشعب السوداني.
الخطوة التالية:
وستكون الخطوة التالية لإقرار القرار بالإجماع داخل مجلس النواب، هي إحالته إلى مجلس الشيوخ والذي بدوره سيصوت على القرار، وفي حال حصوله على الموافقة من مجلس الشيوخ يحال القرار إلى البيت الأبيض للمصادقة عليه من قبل الرئيس ويكون بعد ذلك قانوناََ نافذاََ، وأما في حالة امتناع الرئيس عن المصادقة عليه، يصبح القرار غير ملزم ويعتبر توصية أو بيان موقف سياسي، على أن تقوم المؤسسات والأجسام التنفيذية داخل الولايات المتحدة الأمريكية كوزارة الخارجية مثلاً، بتطبيق السياسات والتدابير التي يتضمنها القرار والعمل مع المجتمع الدولي لوضع هذه التدابير موضع التنفيذ مثل دعم المحاكمات الدولية وفرض العقوبات وإنشاء الممرات الإنسانية وفرض الحظر على تصدير الأسلحة وذلك بالتنسيق مع مجلس الأمن الدولي.
تطور نوعي:
ويرى الباحث والكاتب الصحفي الأستاذ الركابي حسن يعقوب أن موافقة مجلس النواب الأمريكي بالإجماع على قرار توصيف انتهاكات ميليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة والمليشيات المتحالفة معها في دارفور ضد الإثنيات والقبائل غير العربية ب”جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية” بمثابة تطور نوعي غاية في الأهمية، وخطوة متقدمة من جانب المؤسسة التشريعية في أمريكا بما لها من ثقل كبير في النظام الأمريكي ككل، وكشف الأستاذ الركابي في إفادته للكرامة عن تأثيرات كبيرة لهذا القرار على مسار الحرب والأزمة الإنسانية في السودان، مبيناً أن القرار فضلاً عن كونه صادر بالإجماع، فهو جمهوري الأصل والمولد مما سيتيح له الفرصة للنفاذ في ظل إدارة الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب الذي سيتم تنصيبه رسمياََ وفقاََ للدستور الأمريكي في يناير من العام القادم، ويتضمن القرار عدة بنود أبرزها وأكثرها أهمية توصيف الإبادة الجماعية، ودعم المحاكمات الجنائية الدولية، وإجراء تحقيقات لمحاسبة ميليشيا الدعم السريع الإرهابية، والميليشيات المتحالفة معها والمساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، كما يتضمن القرار تدابير وإجراءات إنسانية عاجلة، وإدانة الانتهاكات ضد النساء والأطفال والفتيات، ويشتمل على اتهامات لميليشيا الدعم السريع الإرهابية بتنفيذ اعتقالات خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والضرب، والابتزاز، والعنف الجنسي، والجسماني، والاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ من الواضح أن ميليشيا الدعم السريع والميليشيات المتعاونة معها والقوى والمحاور الداعمة لها، موعودون جميعاً بشتاء قارص عند وصول الرئيس دونالد ترامب إلى بلاط البيت الأبيض رئيساً منتخباً للولايات المتحدة في ولاية ثانية تنطلق في يناير 2025م، ولعل من المفارقات أن تتفق روسيا وأمريكا، وتوجهان خلال أسبوع واحد صفعة قوية في وجه الدعامة والقحاتة الذين باتوا يغرقون في غيابة جب الإحباط بعد أن بدا لهم أن طموحاتهم وتطلعاتهم ذاهبةٌ أدراج الرياح.