أخر الأخبار

هل تكفي ال(50%) من مقاعد السلطة؟ وكيف نجيب على اسئلة اليوم التالي بوضوح وشفافية ودون تهرب؟

هل تكفي ال(50%) من مقاعد السلطة؟ وكيف نجيب على اسئلة اليوم التالي بوضوح وشفافية ودون تهرب؟

مبارك أردول

من أين يبدأ النقاش؟ ومع من يجب أن يكون؟ ومتى؟

مسالة النقاش حول كيفية حكم البلاد المستدامة وطريقة إبتدار هذا النقاش ظلت هي الفريضة الغائبة أو التابوه الذي يتحاشى الناس فتحه لفترة طويلة من تاريخنا السياسي، فتسبب في كثير من الكوارث والأزمات التي لم ننفك منها حتى يومنا هذا، فإستعاض النقاش حولها بصورة ملتوية أخذت طابع التأمر تارة والتذاكي تارة أخرى وفي كل الأحوال ظلت التسوية التي تتم محدودة وغير مستدامة، وهذه ظلت معضلة الدولة السودانية الحديثة (1956م)، لذلك أيما نقاش حولها الأن فهو نقاش جيد ولكن تظل الاسئلة المحورية أعلاه عن مكان وزمان وكيفيته محددة ومأطرة لمخرجات ونتيجة الحوارات هذه وتترتب عليها إلزامية تنفيذه واستدامتها .

ظللت لفترة طويلة وفي دوائر مختلفة أطرح سؤال واتحسس حوار الحوجة لإبتدار نقاش غير تقليدي للإجابة حول شكل اليوم التالي للحرب ( The Day After War) وهذه أعتبرها أسئلة مشروعة والإجابة عليها مطلوبة وتشكل في حدها وثيقة مهمة سيدافع عنها المقاتلين والساسة وتكون هي وستفيليا جديدة التي أسست حقبة جديدة في تاريخ الشعوب الأوروبية وكذلك وثيقة فلادلفيا أسست للولايات المتحدة الأمريكية، فطريق الشعوب لم يكن مرصوفا جاهزاً بل عبدته شاكلة الحوارات هذه.

تسريب الإجتماع الذي عقد مناسبة على الاقل ليبتدر النقاش العلني حول هذا القضية ( وإن كان القصد غير ذلك)، ولكن على أي حال نقاش هذه القضايا ليس عيباً على الإطلاق، وإنما فرض سيؤسس لقوائم الدولة الجديدة بعد ما جرى في الجمهورية الاولى التي إمتدت من العام (1956م حتى 2023م)، فلو افتكر شخص او جهة غير هذا السبيل لطرح ومعالجة القضية هذه فاعتقد هنالك قصور يلازمه، فالهواجس ترتاب الجميع والسبيل الوحيد هو الحوار الشفاف الحقيقي.

نحن نبحث عن مثل هذه المنابر لنطرح مطالبنا العادلة في السلطة والحكم وتقسيم الموارد ولربما نطرح نسب وتصورات مماثلة او مختلفة ونتطلع للنقاش مع الآخرين حولها صعودا وهبوطا عشما في التوصل لإتفاق نهائي بين كل السودانيين في كل أقاليمه ليكون عقداً اجتماعياً جديداً يحكمنا ونؤسس به نظاماً سياسياً نتراضى حوله.

الأصوات التي تقول السلطة سبيلها الانتخابات فقط لربما تقول كلمة حق أريد بها باطل فالوصول الى الإنتخابات يحتاج لرصف الطريق، لان الانتخابات آلية لاختيار الأفراد والأحزاب ولكن النقاش مثل هذا يضع الإطار السياسي العام الذي سيقوم عليه الانتخابات لاحقاً، فدولة بهذا التنوع مثل السودان سيكون هنالك سبيلين للحكم فيه ! إما بوضع اليد والغلبة المسلحة أو بالإتفاق عبر طرح المطالب التي حدثت في إطار محدود في بورتسودان.

من جانبي أرى أنه يجب أن لا نهدر الوقت في البحث عن من سرب محضر الإجتماع أو سجله أو الحديث عن مكان وزمان الاجتماع وحاضريه وهكذا من جوانب إجرائية فيه، ولكن مجرد التفكير حول هذه القضايا هو المهم، وأعتقد على الدولة في مجلسها السيادي أن تتولى إدارة مثل هذه المناقشات وجعلها رسمية، فلا حديث مقنع سيقال ان هذا ليس وقته او ننتظر نهاية الحرب وكاّن القرار بيد من يقول ذلك، فلو تم النقاش الان سيكون احد ممسكات الجبهة الداخلية وترياق للاستقرار السياسي أمام اطماع الانقلابات العسكرية والثورات وغيرها مما مر بها شعبنا سابقاً.

يجب تبني هذا النقاش بشكل مؤسسي لأنه فريضة واجبة القيام بها عبر لجنة وطنية غايتها التوصل لإتفاق عقد إجتماعي بين جميع المكونات السودانية، اذا أردناها بشكل جهوي -قومي مثلما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية حيث جاءت كل ولاية بطرحها وكونوا حكومة الاتحاد بقيادة الجنرال جورج واشنطن (1776) او عن طريق مكونات سياسية مثلما حدث في اتفاقية وستفيليا في اوروبا عام (1648).

هذا الحوار يجب أن يتم حالا وفي جوء بعيد عن طريقة المسلسل الأمريكي الشهير بيت الكروت (House of cards) التي كان يقوم فيها احد المسؤولين باستغلال صحفية لتمرير اجندته للسيطرة على السلطة.

إدارة هذا الحوار القومي وهو الحوار السوداني السوداني نفسه ويعتبر ضمن مهام القيادة بحيث واجبها بحث الحلول الممكنة لرفاه المواطنين، ولا يجب أن يقتصر الحوار على جهات محددة وفي غرف وصوالين معينة، بل في مؤسسات الدولة، وأعتقد الاتفاق ممكن ومتوقع .

لدينا نحن ايضا مطالبنا وتصورنا للحكم وإلا لما تقدمنا الصفوف ننافح عن القضايا السياسية وقضايا الحكم وندافع عن البلاد ونقدم الأرواح والشهداء ، ولا يجب أن يعتقد اننا نختلف عن من اجتمعوا في ان هنالك تصور لشكل الحكم نمتلكه، وهذا حق مشروع لا تثريب عليه، ولا يجب ان يقال انه ابتزاز أو خروج عن الوطنية، فالابتزاز يتم لصاحب حق لينزع منه بطريقة غير مشروعة ودون رضاه فهنا الجميع أصحاب لهذا الحق فلا حوجة ليبتزوا بعضهم بعضا والكل وطني دون استثناء.

لقد أجرى النظام السابق أفضل حوار وطني في تاريخ البلاد رغم كل شي وهذه كانت أفضل ممارسة سياسية منذ الاستقلال ولكن تراجع البشير من تنفيذ مخرجاته عجلت بذهابه وجعلته يفقد فرصة تاريخيّة ليكون مؤسسا للدولة الجديدة بعد تلك التي مزقها الحروب والصراعات الغير منتهية، فاعتقد الان أمام القيادة الحالية للدولة والأحزاب الفرصة التي يجب أن لا تضيعها في أن تقود السودانيين للاتفاق والتراضي فيما بينهم لنظامهم الذي يجب ان يقوم عليه الحكم ويبني عليه الدستور والقانون والمؤسسات لاحقاً.

20 اكتوبر2024م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى