ابراهيم عربي يكتب : (سلام جوبا) … القرد في عين أمه غزال (1)

من المواقف المعلومة أن الأم دائما أكثر إعجابا بأبنائها وتدافع عنهم مهما كانوا ولا تقبل فيهم أي لومة لائم ، ويقال أن سبب المثل القرد في عين أمه غزال ..!، يعود لخرافات قديمة في مسابقة للجمال أقامها الإله الرومانى (جوبيتر) ، وقد جلس على كرسيه والحيوانات الجميلة تمر من أمامه واحداً بعد الآخر مختالة بجمالها ، فمر الطاؤوس وكتكوته ثم الزرافة وصغيرها والأسد وشبله وغيرهم .
غير أن (جوبيتر) فوجئ قبل أن يحكم بجائزة الجمال لأي من الحيوانات ، فوجئ بقردة تجرى أمامه مستعرضة صغيرها ، فانفجر الجميع في الضحك وحاولوا إقناع القردة بالإنسحاب من المسابقة ولكنها رفضت وأصرت على أن صغيرها أجمل هذه الحيوانات فقال (جوبيتر) ضاحكاً صحيح القرد في عين أمه غزال ..!. وبذلك أصبح نموذجا لضرب الأمثال في مثل هذه المواقف ..!.
وبالتالي فإن شركاء إتفاقية جوبا لسلام السودان يعتبرونها أجمل الإتفاقيات وأفضلها في الساحة مثلما ذهبت تلك القردة تمجد صغيرها ، ونحن بلاشك ننتظر ما تسفر عنه الورشة الفنية التي إنطلقت فعالياتها أمس بجوبا وتستمر لمدة (ستة) أيام ، ماذا يقول لنا أهلها بعد (15) شهر من التوقيع عليها في الثالث من إكتوبر 2021 تقييما حقيقيا لتنفيذاتها ، وبالطبع سيقولون لنا أنها الأجمل والأفضل ، فالقرد في عين أمه غزال ..!.
يقود الوفد الكبير إلي جوبا الذي يتجاوز عددهم (مائة) مشارك معظمهم من شركاء السلام موقعين على الإتفاق ، يقود الوفد الفريق أول ركن ياسر العطا عضو مجلس السيادة ، بعد إعتذار زميله الجنرال كباشي الذي وصل الخرطوم قادما من جنوب كردفان بعد إسبوع حافل باللقاءات الجماهيرية متشبعا بنفحات الجبال ..!.
المعلومات تؤكد أن الورشة إنطلقت فعالياتها الفنية أمس لتقييم تنفيذ إتفاقية جوبا للسلام لمدة (ثلاثة) أيام وستصدر تقريرها لجلسة يشارك فيها كبار المفاوضين وأعضاء السكرتارية واللجان الفنية المختلفة ورؤساء التنظيمات والحركات المسلحة والحكومة لمدة (يومين) وتختتم أعمالها بمشاركة رئيسا البلدين في الثامن عشر من هذا الشهر وتعلن مسودة تقييم تنفيذ إتفاقية جوبا للسلام .
ويتوقع أن تخرج الورشة بتوصيات لعلها تساعد في إتخاذ القرارات المناسبة لتفعيل الآليات وتمكين المسؤولين من القيام بالمهام الموكلة إليهم بموجب إتفاق السلام بجوبا ولكن ..!.
ولكن دعونا نفند إدعاءات هذه القردة التي إنطبق عليها المثل ، وفي البدء نستعرض إتفاق ما يسمي بمسار المنطقتين ..!، فالمنطقتين تعنيان (النيل الأزرق وجنوب كردفان وغرب كردفان) وهذا بذاته تدليس كبير ..!، حيث أن ولايتي جنوب وغرب كردفان ولايتين متفصلتين عن بعضهما البعض ويسود فيهما قانون الولايات وليس الأقاليم وفق إتفاقية جوبا للسلام التي يريد الوزير كرتكيلا تمريرها سمبلة مثلما في ورقه بالخرطوم ، وليس لدي مالك عقار بحزبه حظوظ تجعله يستحوذ علي حكم جنوب كردفان أو غرب كردفان ليصبح محمد كرتكيلا وزيرا للحكم الإتحادي (عمدة للولاة) عقب إستقالة بثينة دينار التي ذهبت خطأ في الإتجاه الخطأ مع عرمان الذي ليس له أي وجود في جنوب أو غرب كردفان .
إذا كان يريد مالك عقار أن يملأ يديه بحظوظ كرشوم الذي عينه سمبلة نائبا للحاكم ورئيسا لحزبه في غرب كردفان، وزميلنا محمد علي نائبا للحاكم ورئيسا لحزبه في جنوب كردفان بعد الرشيد جبلين صاحب الملف المتسخ في هذه الولاية المأزومة (خلوها مستورة) ، مع الأسف ليس لديه رصيد أو أرضية أو قواعد يتفوق بها علي الحلو صديق الأمس عدو اليوم أو دانيال كودي (تيار السلام) أو تلفون كوكو أبو جلحة أو حتي خميس جلاب أو مبارك أردول الذين أقصاهما عرمان لشيئ في نفس يعقوب ،فكيف تصبح جنوب وغرب كردفان ياعقار (أرنب كوع ..!) .
أعتقد ما يفعله مالك عقار وياسر عرمان أكبر عملية تزوير سياسي في تاريخ المنطقتين ، نعم لمالك عقار حظوظ معتبرة في النيل الأزرق بجانب جوزيف توكا نائب الحلو وعبد الله أوجلان والمك أبو شوتال رئيس حركة الحلو في النيل الأزرق وآخرين .
في إعتقادي أن ياسر عرمان هذا مجرد إنتهازي فقد ظل يمارس (البلطجة السياسية ..) يتودد لدانيال كودي الذي يرأس تيار السلام وله عضوية معتبرة بجنوب كردفان والخرطوم وكوستي ونهر النيل والشمالية للتحالف معه ليلحق بإتفاق جوبا بعد أن تنكر لهم وقال أنهم فلول ..!، وقد شارك عرمان نفسه الفلول رئيسا لكتلة الحركة الشعبية بالبرلمان وكان مرشحا من قبلها منافسا للبشير لحكم السودان قبل أن ينسحب في أكبر عملية (خداع ومساومة وإستهبال سياسي) وبالتالي ينطبق عليه وصف كبير الفلول مثله ورفاقه كمال عمر ومحمد الحسن الميرغني ومحمد أبو زيد وإبراهيم الميرغني وآخرين .
ولذلك اعتقد أول خطوة لتصحيح إتفاق سلام جوبا إخراج جنوب وغرب كردفان خارج مسار المنطقتين ضمن كتلة الجبهة الثورية ، وبالتالي يتم تعديل المسار الي مسار النيل الأزرق ليتنافس عليه مالك عقار مع ياسر عرمان وبثينة دينار وإسماعيل جلاب وثلاثتهم الأخيرين ليس لديهم أي رصيد أو حظوظ في النيل الازرق .
وبالتالي تصبح تهديدات كرتكيلا (عمدة الولاة) لوالي جنوب كردفان موسي جبر ليست في مكانها الصحيح فجنوب كردفان لازالت ولاية ويحكمها قانون الولايات وليست إقليم ، ولذلك ظل كرتكيلا تائها في الجبال (عمدة بلا أطيان) في رحلته مرافقا للجنرال كباشي ، فاليبحث له أولا عن أطيان بدلا عن هذه البلطجة السياسية التي جاءت بها إتفاقية جوبا ويعتبرونها جيدة وجميلة ونحن نقول (القرد في عين أمه غزال ..!) .
الرادار .. الثلاثاء 14 فبراير 2023 .

Exit mobile version