الدكتور محمد عبد الله كوكو يكتب خطبة الجمعة غدا تحت عنوان : لا مخرج للسودان من ازماته إلا بجمع الصف ووحدة الكلمة

 

 

خطبة الجمعة
٢٣ من ذي الحجة ١٤٣٣ه
الموفق ٢٢ يوليو ٢٠٢٢م

لا مخرج للسودان من ازماته إلا بجمع الصف ووحدة الكلمة

 

الحمد لله القائل :

(وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَٱصْبِرُوٓاْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ)

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

القائل:
(الجماعة رحمة والفرقة عذاب )

إخوة الإيمان والاسلام:

ليس أشدّ خطراً على الأمة وعلى استِقرار المجتمعات من اختِلافِ الكلمة، وتنافُر القلوبِ، وتنازُع الآراء. لذلك كانت وحدةُ الكلمة سبب كلِّ خيرٍ، والفُرقةُ والخلاف سبب كل شرٍّ. وليس مخرجًا من الفتن إذا استحكمَت، والبلايا إذا ادلهمَّت إلا لُزومُ الجماعة، والتزامُ الطاعة، قال صلى الله عليه وآله وسلم لحُذيفة رضي الله عنه: تلزمُ جماعةَ المُسلمين وإمامَهم. ومن أرادَ بَحبُوحَة الجنة فليلزَم الجماعة. وقال: «عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة. من سرته حسنته، وساءته سيئته، فذلك المؤمن». وقد أمر الله تبارك وتعالى بالاجتماع والاعتصام بالكتاب والسنة فقال: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»، وأخبر أن الذين اعتصموا به سيدخلهم في رحمته فقال: «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً» وَقَالَ تَعَالَى: «وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ الله أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»، وقال تعالى: «وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الجماعة رحمة، والفُرقة عذاب). ففي الاتفاق ١رحمة، وفي الافتراق عذاب. والفرقة هَلَكَة، والجماعة نجاة. وقال صلى الله عليه وسلم: (يد الله مع الجماعة).

عباد الله

ان المجتمعات والأمم كلما وجد بين أفرادها تماسك وتمازج قوي، وكلما وجد تلازم وتماسك بين الحاكم وبين الرعية، كان المجتمع قوياً صامداً ضد مخططات الأعداء، وكلما ضعف ذلك الترابط سهل على الأعداء تمزيق ذلك المجتمع وتحويله إلى أحزاب وشيع يسفه بعضها بعضاً ويقاتل بعضها بعضاً.

مخاطر التفرق
إِنَّ وَحْدَةَ الامة رِبَاطٌ وَثِيقٌ؛ لاَ تَنْفَصِمُ عُرَاهُ وَلاَ تَنْفَكُّ عُقْدَتُهُ، لذلك حض عليه الاسلام، قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا.
وَقَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ. وقال صلى الله عليه وسلم:

(عليكم بالجماعة والتزموا الطاعة)

عباد الله:

من قْرَأِ التَّارِيخَ عَلِمَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ سُقُوطِ الدُّوَلِ عَلَى اخْتِلاَفِ عَقَائِدِهَا وَمِلَلِهَا: التَّفَرُّقَ وَالاخْتِلاَفَ. واذا كان النزاع سببا للفشل، وذهاب الريح، وتسلط الأعداء، فإن من أهم أسباب النصر: الاجتماع، ووحدة الصف، والاختلاف والتنازع عاقبته الفشل والخسران، والتعاون والوفاق سبب للفوز والنجاح في الدنيا والآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال». ولقد شرع الاسلام كل ما يعين على هذه الوحدة؛ فهذه الصلاة التي نجتمع لها كل يوم خمس مرات، إنما من أهدافها تثبيت الألفة بين الناس. قال صلى الله عليه وسلم: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية» وترسيخا لمبدأ الوحدة، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقيم الصلاة حتى تتراص الصفوف ويقول: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوْفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوْهِكُمْ». ولله در القائل:
«كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى
خطب ولا تتفرقوا آحاداً
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً
وإذا افترقن تكسرت أفراداً».

اقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه

الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الامين فما من خير إلا ودلنا إليه وما من شر إلا ونهانا عنه اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
عباد الله:
ان السودان يعيش اليوم في فرقة وشتات
أحزاب متنافرة وقبائل متقاتلة واقتصاد منهار وانفلات أمني

فالازمات تزداد تعقيدا يوما بعد يوم

وكلما مر الزمن أزدات تعقيدا

وإذا استمر الحال هكذا فلن نجد ارضا نعيش عليها ولا وطنا نستظل بسمائه ونصبح لاجئين مشردين في بلاد الله الواسعة كل هذا بسبب التنازع وتنافر القلوب وشتات الأمر وعدم قبول الاخر

ولذلك أصبح الحوار السوداني/السوداني أمرا لا يحتمل التأخير

وفي هذا الجو المكفهر والظلمات المدلهمة انبرى احد حكماء السودان وهو الشيخ الخليفة فضيلة مولانا الطيب الجد خليفة الطريقة القادرية البدرية بأم ضوا بان و رئيس المجلس الأعلى للتصوف وقدم نداء لكل أهل السودان للتوافق الوطني قال فيه:

(إن الواجب الشرعي والوطني والانساني والاخلاقي يحتم على كل أبناء الوطن التداعي العاجل للاخذ بيد بلادهم من المصائر السيئة المحتملة وذلك دون ابطاء أو تردد أو حساب لمصالح ضيقة حزبية أو قبلية أو عصبية أو مهنية .فالواجب الأولى والاوحد الان هو الأخذ بيد الوطن من وهدته وبعدها فالوطن يتسع لكل ابنائه مهما تنوعت افكارهم واحزابهم وقبائلهم وجهاتهم)

كما اكد فضيلة مولانا الخليفة أن الخلافات مهما كانت كبيرة فينبغي الا تخرج من البيت السوداني الكبير ذلك لأن للاجنبي اجندته واطماعه ..

وقد استجابت القوى الوطنية لنداء الخليفة وتم عقد مؤتمر تشاوري كبير بأم ضوا بان يوم الثلاثاء ٥/٧/٢٠٢٢
وبعد التشاور خرج المؤتمر ب(اعلان ام ضوا بان )
ومن أبرز ما جاء في الاعلان:
الدعوة لمؤتمر المائدة المستديرة لتحقيق الإجماع الوطني بعد العيد مباشرة
كما أكد المجتمعون كامل دعمهم للقوات المسلحة وهى تواجه حربا ظالمة في الفشقة وفي غيرها، ورفع اللقاء خالص التعازي والمواساة والتحية لشهداء الجيش الذين تمت تصفيتهم بصورة تتجاوز كل الأعراف والقوانين وأخلاق الحروب .
وأجمع اللقاء على أن النصرة والمؤازرة والسند للقوات المسلحة وهى تؤدي واجبها المقدس في حماية الوطن ليس محل مزايدة ولا مساومة أو صراعات سياسية ، فجيش السودان منصور ومسنود من بنيه قاطبة .
كما ترحم النداء وقدم خالص التعازي القلبية وصادق المواساة لأسر ضحايا النزاع الذي أفضى إلى سيل دماء غزيرة وغالية على السودانيين جميعا من كل الأطراف ويدعو الجميع لنبذ العنف وحقن الدماء واعمال العدالة
وأخيرا:
يناشد اعلان ام ضوا بان بني الوطن كافة استدعاء ميراثهم في التسامح وحب الوطن والاقبال على بعضهم بقلوب سليمة من الكراهية والبغضاء ، والفرصة أمامهم لصناعة موقف يخلده التأريخ، يأخذون فيه بيد وطنهم الذي يستغيث بنيه ، عبر إجماع يرفعون فيه مصالح الوطن فوق كل مصلحة ، بتجرد ونكران ذات .
فعلى الجميع مواصلة الجهود لتنفيذ ما جاء في اعلان ام ضوا بان قبل أن نعض أصابع الندم
الهم وفق الخليفة الطيب الجد في مسماه وانفعه به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
اللهم كل من ارد بالاسلام والمسلمين خيرا فاجر الخير على يديه وكل من اراد بهم شرا فاجعل الدائرة عليه
اللهم احفظ هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

Exit mobile version