اليمن …… التحديات واعادة الترتيب !!

لم تكد تمر أيام قليلة على تمكن الأمم المتحدة من تحقيق اختراق ملموس في جدار الأزمة اليمنية بإعلان وقف إطلاق النار الشامل المتزامن مع إجراءات إنسانية في البلاد، حتى بدأت أطراف يمنية زرع حقول الألغام أمام المساعي الأممية وحتى السعودية، الهادفة لإيجاد حل سياسيٍ للأزمة في اليمن، البلد الغارق في الحرب منذ ثمان سنوات، ويعيش في أسوأ أزمة إنسانية، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وفي إبريل الماضي، أعلنت الأمم المتحدة عن وقف شاملٍ لإطلاق النار في اليمن، والتوافق على فك الحصار الذي يفرضه الحوثيون على مدينة تعز منذ سبعة أعوام، وتشغيل رحلات تجارية من وإلى مطار صنعاء الدولي، ودخول سفن محملة بالمشتقات النفطية إلى موانئ مدينة الحديدة.

وشنت وسائل إعلامٍ تابعة لجماعة الحوثي المدعومة من إيران وحزب الإصلاح الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن هجومًا إعلاميًا مكثفا على المساعي الدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية، بما في ذلك، الهدنة الأممية والجهود الدولية والسعودية، ومجلس القيادة الرئاسي الذي أصدر الرئيس اليمني قرارًا بتشكيله في إبريل الماضي وأسند إليه صلاحيات رئيس الجمهورية.

ليبدو واضحا ان مقاصد وأهداف جماعة الحوثي وحزب الإصلاح تتعارض مع السلام في اليمن، وهما يسعيان إلى إطالة أمد الحرب… من أجل تحقيق ذلك عززا التنسيق والتفاهم بينهما”. ويتواجد حزب الإصلاح في معسكر الحكومة اليمنية التي يقاتلها الحوثيين لكنه اتجه إلى فتح خطوط اتصال من الجماعة المدعومة من إيران، وتطورت العلاقة بينهما إلى حد تسليم جبهات جبهة نهم الاستراتيجية الواقعة عند البوابة الشرقية للعاصمة اليمنية صنعاء للحوثيين وبعدها محافظة الجوف بالكامل، إلى جبهات محافظة البيضاء، وصولًا إلى تسليم مديريات بيحان وعين وعسيلان في محافظة شبوة الغنية بالنفط والتي انسحبت منها القوات التي يقودها حزب الاصلاح الاسلامي (إخوان) في سبتمبر الماضي، وسلمتها من دون قتال للحوثيين.
قبل أن تتمكن ما يعرف بـ”ألوية العمالقة الجنوبية” التي يقودها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي العميد ’’عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي‘‘ من استعادة المديريات الثلاث في محافظة شبوة في يناير الماضي، والسيطرة على بعض مديريات محافظة مأرب المجاورة والمهمة في معادلة الحرب والسلام في اليمن، وهي الضربة التي غيرت المعادلة واعتبرت صفعة قوية ليس فقط للحوثيين بل ايضا للأخوان المسلمين.

“العلاقة بين حزب الإصلاح والحوثيين ليست وليدة اللحظة.. جذورها ممتدة منذ سنوات تحديدًا منذ الحروب الست التي خاضتها جماعة الحوثي مع قوات الجيش اليمني في محافظة صعدة”. وذكر، أن حزب الإصلاح تبنى مهمة تقديم الجماعة المدعومة من إيران كجماعة تعاني من مظلومية.

و سهل شيوخ قبائل في محافظات صنعاء وعمران وذمار تسهيل مهمة اقتحام الحوثيين للعاصمة اليمنية صنعاء عام 2014، ولاحقًا، قام وفد رفيع المستوى من الحزب بزيارة زعيم جماعة الحوثي ’’عبدالملك الحوثي‘‘ في صعدة خلال العام ذاته لمباركة سيطرة الحركة المدعومة من ايران على السلطة بقوة السلاح ومحاولة عقد تحالف معها كأمر واقع ومن زاوية البراجماتية التي لطالما صبغت سياسات جماعة الإخوان.

واتهمت مصادر عسكرية، حزب الإصلاح بتدمير وزارة الدفاع اليمنية “بشكل ممنهج”، وقالت، إن كوادر الحزب تسيطر على كامل مفاصل وزارة الدفاع بدأ بالدوائر والهيئات العليا في الوزارة، مرورًا بقادة المناطق العسكرية إلى قيادة المحاور والألوية وصولًا إلى قيادة الجبهات. كما تسيطر كوادر الحزب ذاته على كامل مفاصل وزارة الداخلية وفق تأكيد مصدر أمني في الداخلية اليمنية.

الحزب الاسلامي المتطرف استغل هشاشة سلطات الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي وعزز نفوذه وأقصاء جميع القيادات العسكرية المناوئة لجماعة الإخوان المسلمين والقيادات الكفؤة. وكانت النتيجة سقوط جبهات عسكرية، وانتكاسات عابرة للمحافظات.. الشخصيات التي عينت في قيادة الألوية العسكرية والمحاور تنتمي للسلك التربوي ولا تمت للعمل العسكري بصلة”.

“عبر هذه القيادات عمل حزب الإصلاح على إيجاد حالة اللا حرب واللا سلم، ومعه انشأ شبكة واسعة من المصالح التي تصل تفرعاتها إلى جماعة الحوثي، من أجل تجارة الحرب، عبر نهب الإيرادات وافتعال الأزمات، وفرض الجبايات في المناطق التي يسيطرون عليها”. كما انشأ الحزب شبكات إعلامية تديرها القيادية في الجماعة ’’توكل كرمان‘‘ للدفاع عن مشروعه ومهاجمة جميع المساعي الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية وكذلك مهاجمة مجلس القيادة الرئاسي.

ومن هذه الشبكات الإعلامية، قنوات “يمن شباب، والمهرية، وبلقيس”، وعشرات المواقع الإخبارية، فضلًا عن نشطاء وصحفيين يتواجدون في الدول الأوروبية.

ويرى حزب الإصلاح تشكيل مجلس القيادة الرئاسي تهديدًا حقيقيًا لمشروعه ونفوذه الذي تواسع كثيرًا خلال فترة الرئيس اليمني السابق في مؤسسات الدولة الحكومية.

،حزب الإصلاح والحوثيون يعتبران نجاح مساعي السلام في اليمن خطوة عملية للقضاء على المكاسب التي حققها في فترة الحرب، من النفوذ ومناطق السيطرة، لذلك هما لا يوفران جهدًا لإحباط المساعي إعلاميًا بالهجوم عليها، وميدانيًا، بعرقلة الحوثيين تنفيذ بنود الهدنة الأممية التي تستمر لمدة شهرين.

Exit mobile version