بروفيسور إبراهيم محمد آدم يكتب : معرض القاهرة الدولي للكتاب تظاهرة ثقافية تستحق الحضور (1-3)

 
ظلت مصر مركزاً لحضارة وادي النيل التي تجمعها بالسودان كما يقول بذلك حاضرها الذي يعتمد إلى حد كبير اليوم على ماضيها التليد، وهي تخطط للمستقبل بنظرة إلى كل تاريخ  قديم أو حديث أو معاصر، فالسياحة قبل جائحة كورونا كانت تورد لخزينة الدولة 9،9 مليار  وذاك يفوق دخل قناة السويس ذلك الممر المائي العالمي الفريد  والذي بلغ دخله للعام 2021م حوالي 6،3 مليار دولار   ولعل في هذا توظيف للماضي لحياة الحاضر .
أما المعارض والمهرجانات الدولية المرتبطة بالسياحة وتطوير المداخيل الثقافية فيقف على رأسها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ومهرجان الإعلام العربي ومعرض القاهرة الدولي للكتاب ومهرجان القاهرة الدولي للإنشاد بالإضافة إلى مهرجانات أخرى عديدة ومؤتمرات متخصصة تعقد في الجامعات والمعاهد العليا أو في مراكز مثل مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات أو أرض المعارض القديمة أو الجديدة أو في مدينة شرم الشيخ تلك المدينة التي خصصت للسياحة والمؤتمرات الدولية.
هذه المهرجانات وضعت مصر في مصاف الدول المهتمة بالتواصل الحضاري والثقافي فكل البلاد المتحضرة تسعى لعقد مهرجانات ثقافية تعرفها بالعالم ففي فرنسا نجد مهرجان كان السينمائي الدولي، وفي تونس مهرجان قرطاج السينمائي، وفي الأردن مهرجان جرش الثقافي، وفي السعودية مهرجان الجنادرية الثقافي، وللأسف مثل تلك الفعاليات لا تعقد بانتظام في السودان مثل مهرجان الخرطوم الدولي للموسيقى الذي عقد قبل نحو عقد من الزمان لآخر مرة، وكان يمكن أن تكون سنار التاريخ والحضارة موئلا لتلك المهرجانات ولكنها عندما اختيرت عاصمة للثقافة العربية في العام 2017م تم إنشاء العديد من المرافق بها  والآن فإن تلك المباني حالها يغني عن السؤال ففي إحدى أنشطة تلك الفعالية قلت للأخ صلاح قلاديمه مدير الثقافة بالولاية حينها، أخشى أن تعجزكم فاتورة صيانة تلك المباني أو كهربتها، وفعلاً حدث ما توقعت ، فالزائر لمدينة سنار اليوم سيرى عجباً.
 وعلى الصعيد الشعبي  حاول الفنان علي مهدي حمل عبء ثقافي كبير هو مهرجان البقعة المسرحي لكنه توقف نسبة لضغوط وإلتزامات باع عقاراً في موقع متميز وسط الخرطوم  لأجل أن يسددها والآن يريد أن يخصص قطعة أرض من حر ماله ليكون مقراً لمركز مهدي للفنون، أما معرض الخرطوم الدولي فهو منذ أيام الراحل المقيم جعفر نميري لم تطاله يد التطوير وإن مثل إستمراراً  للنشاط من خلال البرامج  التي تقام فيه ومن بينها معرض الخرطوم الدولي للكتاب .
أقول ذلك ونحن لدينا من الحضارة والأنشطة ما يكفي لقيام مهرجان ثقافي في كل مدينة يساهم كثيراً في تحريك الاقتصاد المحلي والقومي والعالمي،بدلاً عن إضاعة وقتنا في صراعات سياسية أقعدتنا طويلاً فتقدمت كل البلاد من حولنا وظل ماضينا أفضل من حاضرنا، ولكن ذلك يحتاج منا إلى تشجيع الناس أولا على ثقافة السياحة وترسيخها في أفئدتهم، فكثيراً ما أسال طلابي القاطنين في شرق النيل هل وقفتم يوماً على آثار سوبا فتكون إجابتهم بالنفي وعندما أعيد ذات السؤال على طلابنا من شندي وكبوشية عن البجراوية تجري على ألسنتهم ذات الإجابة المسبوقة بأداة النفي، وهذا ينطبق طبعاً على الكثير من السودانيين في مناطق أخرى من هذا الوطن الفسيح ،فعندما تكون أنت عاجزاً عن تقديم مميزاتك للآخرين لا تتوقع أن يهتموا بك، عفواً صغت تلك الشواهد الطويلة لتكون مدخلاً لنا للحديث عن حضور مهرجان القاهرة الدولي للكتاب الدورة الثالثة والخمسون في الفترة 26 يناير إلى 6 فبراير 2022م والذي استضافته  أرض المعارض بالعاصمة الإدارية الجديدة بشرق القاهرة بعد أن تلقينا دعوة لذلك أنا وزميلي بروفيسور عمر محمد التوم  رئيس مجلس أمناء  كلية دار العلوم والتكنولوجيا  من الدار العربية الحديثة للنشر – دربالة.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى