ابراهيم عربي يكتب : خلية معالجة الأزمة السياسية .. !

فرض إعتصام القصر نفسه وقد خفت إليه أرجل المكونات من كل صوب وحدب وحدانا وزرافات بالأنفس والثمرات ، وأكد الناس أنهم ناغمون علي أداء حكومة الفترة الإنتقالية ويحملون رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك المسؤولية سويا مع الحرية والتغيير (قحت) والتي وصفها حاكم دارفور ب(4 طويلة) .
منصات ساحة الإعتصام تطالب حمدوك بإقالة حكومته وتكوين حكومة كفاءات وطنية واسعة غير حزبية لإدارة ماتبقي من المرحلة الإنتقالية ، غير أن حاكم دارفور إختزل كافة المطالب مؤكدا تمسكهم بتنفيذ الوثيقة الدستورية دون بقية المطالب في إتجاه يؤكد أن هناك تنازلات وربما تسويات في الطريق ..!.
إلا أن إستطلاعات قناة الجزيرة الفضائية كشفت أن الناس يعانون الجوع والغلاء والمسغبة ويعانون فراغا حكوميا ساعد علي تعاظم الأزمات ، وقد أثبت إعتصام القصر ذهاب السكرة وأن الفكرة حلت محلها ، فانتهت عندها مرحلة سواقة الناس بالخلا وماعادت هتافات الكيد السياسي (الجوع ولا الكيزان  – أي كوز ندوسو دوس) مبرئة للذمة ولذلك يطالب هؤلاء بحل حكومة حمدوك وتكوين حكومة كفاءات مع تفعيل الوثيقة الدستورية ، وما أدراك ما الوثيقة الدستورية التي قال عنها الجنرال كباشي (فرقلناها وكتبناها حرف حرف) .
المتابع يجد أن الأحداث بذاتها قد تسارعت وانتقلت نقطة الخلاف بين مكونات قحت لمرحلة الإحتشاد والإحتشاد المضاد وقد تعمقت الأزمة ، ولا أعتقد أن تعود ذات الحرية والتغيير (قحت) كما كانت قبل 16 إكتوبر وبالتالي ستصبح المهمة صعبة أمام الخلية السباعية التي شكلها رئيس الوزراء برئاسته من الأطراف الثلاثة (قحت 4 طويلة ، وقحت التوافق الوطني ، والمكون العسكري) خلية لمعالجة الأزمة السياسية .
المطلوب إنها تكون خلية تهز وترز بصلاحيات واسعة وتتخذ قرارات وليس مجرد خلية تسويات وطبطبة (خلية تلجين) كما ظلت تنتهج اللجان ويقولون إذا اردت قلتها كون لها لجنة ..! ولذلك لابد من مراعاة المصلحة العامة وليست الخاصة وبالتالي علي رئيس الوزراء إبعاد الأشخاص الذين تسببوا في الأزمة بعيدا من الخلية المعنية ، ويتطلب ذلك أن تتحصل الخلية نفسها علي تفويض كامل للوصول لتوافق وهنالك شواهد لمثل هذه التجارب مابين قحت وشركاء الكفاح المسلح ، ولكن أيضا لا أعتقد أن ذلك يتم دون جراحات عميقة تقود لإبعاد بعض الشخصيات الخلافية من المشهد تماما ، ولكن من الواضح أن الأزمة قد تعمقت أكثر ، فطالت حتي مجلس شركاء الفترة الانتقالية الذي جاء بالمادة (80) التي أضيفت بالوثيقة الدستورية ضمن تعديلات إتفاقية السلام بجوبا ، وكان منوط به حل مثل هذه الإشكاليات وليست اللجنة السباعية .
ولكن تلكم الخلافات ليست بالجديدة ، فكانت بذاتها سببا في تحول المشاورات بين الأطراف في داخل الحرية والتغيير (قحت) إلي مفاوضات مع حركات الكفاح المسلح بجوبا في صورة بينة إنتهت عندها الصداقة والعلاقة الحميمية ، ولكنها أيضا تسببت في فتنة بين شركاء الكفاح المسلح أنفسهم فكانت الجبهة الثورية (1) والجبهة الثورية (2) وقد أدت تقاطعات المصالح لخلط الكيمان من جديد ولذلك تباينت مواقف شركاء الكفاح المسلح مابين (قحت 4 طويلة وقحت التوافق الوطني) .
علي كل من الواضح أن مرحلة (بلع الأمواس) التي تواثقت عليها الجبهة الثورية قد إنتهت وربما ثقلت الأمواس علي المعدة التي تكلست ولم تستطع هضم المزيد ، وبالتالي تكون قد دخلت الخلافات مرحلة جديدة بتحالفات جديدة قد تحتاج لآليات جديدة يتم عندها (تصفير العداد) والتمسك بأضعف الإيمان بالوثيقة الدستورية المهترئة علي علاتها لتكملة فقط ما تبقي من المرحلة الإنتقالية لأجل حكومة ديمقراطية عبر إنتخابات حرة ونزيهة والحشاش يملأ شبكتو ..!.
تؤكد تلكم الخلافات أن الحرية والتغيير (قحت) لم تتعلم من أخطائها المتكررة في علاقتها البينية الماكرة التي تشوبها الريبة والشكوك والظنون مع شركائهم في الكفاح المسلح ، وربما تناست قحت ملابسات الساحة الخضراء عندما هتفت جماهير السلام في وجه الناطق بإسمها إبراهيم الشيخ (أطلع بره ما دايرنك .. كرهتونا .. جوعتونا) عندما إعتلى الرجل المنصة لمخاطبة الجماهير إنابة عن قحت ، ذلكم الموقف الذي زرف بشأنه النائب الأول لرئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الدمع سخيا ، وليست تلك ببعيدة أيضا عن ملابسات مثلها حدثت بولايات دارفور (السلام وينو ..؟!) ، لم تتعلم قحت من كل ذلك وبالتالي خسرت الرهان للمرة الثالثة وستخسرها أيضا مرات ومرات ، لذلك تآكلت شعبيتها ووضح إفلاسها وبان عوارها وانكمش رصيدها وسندها وقد هتف بذلك الثوار انفسهم بساحة إعتصام القصر ضدها .. لا (4 طويلة) بعد اليوم .
المعطيات أعلاها تؤكد أن الحرية والتغيير (قحت) ماعادت ولن تعود في 21 إكتوبر بذات تفويضها وبذات تماسكها وصلابتها وذات وحدتها وقوتها التي نجحت فيها بسواقة الناس بالخلا ولازالت تتشبث بموكب 21 إكتوبر ، وبالتالي يصعب علي رئيس الوزراء الدكتور حمدوك بطريقته العقيمة ومن خلفه مستشاروه لا سيما ياسر عرمان الذي أصبح نفسه شخصية  خلافية وجزء من الأزمة مثلما قالها الناظر ترك..! لن تجد الأوضاع في هذه الحالة حلا سريعا . 
وبالتالي للخروج من هذه الأزمة لابد أن يرتقي رئيس الوزراء لمستوي تطلعات الثوار بالحسم الجاد وتفعيل بنود الوثيقة الدستورية علي علاتها وهي بذاتها محل جدل وخلاف بسبب ضبابية تفسيراتها ، ولكنها بلا شك لحظات مهمة ومراجعات مهمة أيضا لأجل وحدة الصف الوطني للخروج بالبلاد إلي بر الأمان ، فالوطن عزيز وغالي لا يدرك قيمته وأهميته أكثر من الذين إفتقدوه ، فاسألوا الفلسطينيبن وأهل الشام واليمن والعراق وليبيا والصومال وغيرهم من بلاد المعمورة .
الرادار .. الثلاثاء 19 إكتوبر 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى