محمدادريس يكتب : التهامي عبدالله سليمان.. تاريخ ومجد وسؤدد ..!!

بالأمس ودعت القضارف علما من اعلامها وصومعة من صوامعها وركنا من أركانها وومضة من ومضاتها ،ألا وهو الأستاذ التهامي عبدالله سليمان المؤرخ والتربوي والإعلامي والزعيم الإجتماعي والبرلماني والسياسي والشاعر، وهي بذلك الوداع تفقد عقد من المواهب والقدرات وموكب من المعارف والخبرات..ولانقول إلا مايرضي الله.. إنا لله وإنا إليه راجعون..!

والتهامي عبدالله آحد أعمدة القضارف الكبيرة وبرحيله تفقد المدينة ذاكرتها وألقها الجميل، تفقد أحد أضلاع القومية النبيلة والسلام الإجتماعي والاختلاف بمحبة، تفقد رمانة الوسطية وبوتقة أهل الوسط والشرق والغرب والجنوب.

الراحل ينحدر من ذرية الشيخ شرف الدين راجل انقاوي ومن أحفاد الشريف حمد ابودنانة، المدفون في العالياب.. درس القرآن في خلوة عمه الفكي عبدالقادر وتلقى تعليمه بالمعهد العلمي بالقضارف ودرس بمدرسة المؤتمر الثانوية وعمل بوزارة الاستعلامات والعمل.. كماعمل بالاذاعة السودانية أواخر الخمسينات وشغل منصب مفتش عام الإعلام.. وكمامثل مدينته في مجلس الشعب ١٩٧٦واصبح عضواً ببرلمان وادي النيل وشغل وظائف عديدة إلى أن تقاعد في عام ١٩٨١،لكنه لم يتقاعد عن منابر المعرفة والتنوير حيث ظل حاضراً وناشطا في المشهد الثقافي والاجتماعي والسياسي بكتاباته ومشاريعه حتى أنتقل إلى جوار ربه في موكب مهيب في يوم ماطر حيث بكته السماء قبل الأرض وهرع إلى تشييعه جمهرة الناس من جميع أصقاع وارياف القضارف وهكذا هم الصالحين.

دون الراحل التهامي عن تاريخ القضارف ونقب في ماضيها وحضرها في اصدارته الموسومة
(القضارف.. تاريخ ومجد وسؤدد)السفر الوثائقي الوحيد الذي طاف القضارف داراً داراً وربعا ربعا ورفد المكتبة السودانية بمرجع علمي وبحثي وادبي مهم ،وصاغ مقدمته البروفيسور إبراهيم القرشي الذي ألقى كلمة ضافية مساء أمس عند رفع العزاء بمنزل الراحل بحي المفرقعات وسط حشد كبير عبر عن المكانة الكبيرة التي يحظى به الراحل بين العوام والنخب بين البسطاء وعلية القوم بين تلاميذه وأصدقاءه وجيرانه.

لم تترك الكلمة المعبرة والانيقة لإبنه هشام التهامي في شكر المعزيين والحديث عن مناقب والده، شاردة ولاواردة إلا احصتها واوفتها حقها.. ولم يترك الأديب عبدالاله ابوسن وردة من بستان التهامي إلا وقطفها، ولم يتبق لنا إلا القول بأن فقده هو فقد للقضارف والوطن،خصوصاً وماتشهده البلاد الآن من تجاذبات ومعسكرات وتيارات، تحتاج إلى وجود العقلاء والحكماء الذين صقلتهم الأحداث الكبيرة وجمرتهم.. فاليعزرنا الراحل وأبناءه ومحبيه وأهله وعارفي فضله أن كانت كلماتنا دون المقام.. فعمنا التهامي هو الوحيد الذي كان يمتلك ناصية البيان في رثاء الافذاذ الراحلين من أهل القضارف شعرا ونثرا.. ومن نحن إلا تلاميذ وحيران..!

إخواني هشام /النور /عبدالرحمن /هيثم.. البركة فيكم فأنت ذرية بعضها من بعض وستبقى القيم والمعاني التي صاغها التهامي خالدة فيكم ابدا..
وانا لله وانا اليه راجعون..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى