ابراهيم عربي يكتب : (طلاب شرق الجبل) … من المسؤول ..؟!

الخرطوم : الحاكم نيوز
نرفع القبعات تحية وإجلالا لكل الطلاب والطالبات في ولايات دارفور عامة ومحلية شرق الجبل (دربات) بولاية جنوب دارفور بصفة خاصة ، وقد ظل جميعهم يعانون رهق التعليم ومأساة الحرب (20) عاما تقريبا ظلت خلالها دارفور أرضا لميدان المعارك العسكرية بين قوات الحكومة والحركات المسلحة وقد ظلت تحصد الأرواح تباعا ، ولكنها رغم ذلك لم تحصد أرواحا للطلاب مثلما حدثت الإسبوع الماضي جراء إنقلاب شاحنة (zy) في منطقة (دوبو) كانت تقل طلاب مدرستي (كورني وجاوة) بشرق الجبل الجالسين لامتحان الشهادة السودانية في طريقهم إلي محلية ميرشنج ، أودت بحياة (8) منهم وجرح أكثر من (100) آخرين نسأل الله للشهداء الرحمة والمغفرة  وعاجل الشفاء للجرحي والمصابين (إنا لله وإنا إليه راجعون) .
وبالطبع إن جلس هؤلاء الطلاب لإمتحانات الشهادة السودانية أمس بهذه الهيئة فإنها وجهة نظر وتقدير تحتاج لمراجعة !، هل يعقل أن يجلس هؤلاء الطلاب للإمتحان هكذا في ظل هذه الظروف الإنسانية السيئة ؟، أعتقد علي أقل تقدير أن هؤلاء الطلاب يحتاجون لتهيئة نفسية وبدنية وعقلية ليتجاوزوا تلكم المأساة جراء الحادث الأليم ، وبلاشك أن العملية تحتاج لقرار دولة حكيم يعالج ذلكم العجز النسبي وكيفية تعويضهم أكاديميا بدلا عن تركهم يجلسون للإمتحان في ظل هذه الحادثة والظروف كفاية ظلم ! ، قطعا إنها مأساة ألقت بظلال سالب علي نفسيات هؤلاء الطلاب وأسرهم .
ولكن لماذا وكيف حدث ماحدث في ظل هذه الظروف في عهد الثورة ؟! ولذلك حق لنا أن نهتف (مقتل طالب مقتل أمة) وندعو لمسيرة مليونية نحمل من خلالها الحكومة الإنتقالية بمدنييها وعسكرييها وكفاحها المسلح وحكومة الولاية معا المسؤولية كاملة لما لحقت من مأساة في حق هؤلاء الطلاب ، وبالطبع نحن تساءل من المسؤول عما حدث ؟! وتزداد عندنا الشكوك والإتهامات للحكومة بمؤسساتها المختلفة طبقا لملابسات الحادثة !، لا سيما وأن منطقة شرق الجبل (دربات) أصبحت آمنة منذ العام 2016 حيث ظل يجلس طلابها لإمتحانات شهادة الأساس منذ وقتها في حاضرة المحلية دربات ، فلماذا إذا ترحيل هؤلاء الطلاب إلي ميرشنج في عهد الثورة وعقب توقيع السلام في جوبا؟! ، وبالتالي من المسؤول من ذلك ؟!.
في السابق كانت منطقة شرق الجبل حضنا آمنا لكافة حركات دارفور المسلحة واتذكر جيدا أننا وصلناها 2015 بصعوبة بكل ما تحمله الكلمة من معني ، مرافقين لنائب رئيس الجمهورية وقتها حسبو محمد عبد الرحمن كأول مسؤول مركزي رفيع يصل المنطقة وسط حراسة أمنية مشددة وكان من بين الوفد والي جنوب دارفور آدم الفكي المعتقل بسجن كوبر (فك الله أسره) ويرافقه أركان سلمه وبحضور بحر إدريس أبو قردة وزير الصحة وقتها القادم للوزارة بحق إتفاقية سلام الدوحة ، فخاطب أبو قردة اللقاء الجماهيري في دربات معترفا بأن المنطقة كانت حضنا آمنا لقواته مناشدا عبد الشافع أحد أبناء المنطقة الذي لازال يحمل السلاح بالإنضمام إلي ركب السلام لأجل أهله ومنذ وقتها شهدت المنطقة إستقرارا أمنيا نسبيا . 
لم يكن الوصول إلي دربات في شرق الجبل المشهورة بخيراتها الزراعية والبستانية والتي تشتهر ب(صلصة وطماطم دربات – ذيذة الطعم وحلوة لمذاق) ، لم يكن الوصول إليها سهلا بل كان محفوفا بالمخاطر وعالم المجهول ، فالطريق إليها يمر عبر مدينة الملم في محلية الوحدة وهي (مسقط رأس الزميلين لقمان أحمد وحافظ المصري) ، وهي ذات المنطقة (شرق الجبل والملم وسوني) التي تغني لها وبل تغزل فيها الفنان خليل إسماعيل (تغمده الله برحمته).
وليس ذلك فحسب بل هي ذات المنطقة التي ظلت تحتضن علي أرضها وجبالها وسهولها قوات كافة حركات دارفور المسلحة القديمة والحديثة في (دربات ، سوني ، جاوا، كدنير ، دلو ، ليبا ، بلي السريف وغيرها) ، فكانت ملاذا آمنا لقوات جبريل إبراهيم وقوات مناوي والهادي إدريس والطاهر حجر ومصطفي طمبور وخميس أبكر وهم قيادات الدولة الحالية ، فضلا عن قوات عبد الواحد نور وآخرين لازالت تتواجد في بعض مناطقها البعيدة ، إذا لماذا لازال التعامل يتم مع منطقة شرق الجبل بإعتبارها منطقة حرب وغير آمنة ومن المسؤول عن ذلك ولماذا ؟!.
بلاشك أن الأمر يحتاج لتحقيق شفاف وعاجل وربما يحتاج فقط لتوجيه إتهام مباشرة للسلطات المركزية والولائية معا ، فالواقع أن منطقة شرق الجبل (دربات) آمنة منذ 2015 مما هيأ لطلابها الجلوس لإمتحانات مرحلة الأساس في دربات في الأعوام الأربعة الماضية بدءا من 2017 بدلا عن ميرشنج بعد (عشرة) أعوام من التنقل للجلوس للإمتحانات هناك ، ولذلك حق لنا أن نتساءل ماهي الأسباب والمبررات التي حالت دون جلوس طلاب وطالبات إمتحان الشهادة السودانية في دربات العام 2021 في حاضرة المحلية بدلا عن تكبد المشاق ووعورة الطريق والمخاطر والمهددات في ظل الأمطار وغيرها للوصول هكذا إلي محلية ميرشنج ؟!.
وبالتالي من الذي إتخذ قرار الترحيل ولماذا ؟! وبالطبع من المسؤول عن قرار جلوس هؤلاء الطلاب للإمتحان من المستشفي وهم في ظروف نفسية وإنسانية وعقلية وجسدية ليست جيدة ولماذا ومن المسؤول ؟! ولماذا شهدت جنوب دارفور غياب أكثر من (500) طالب وطالبة عن إمتحانات العام الجاري وبالطبع من المسؤول ؟!.
الرادار .. الأحد 20 يونيو 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى