من أعلي المنصة – ياسر الفادني – يا الطالع الشجرة…الملعقة إنكسرت !

أتدرون ماالفاقة ؟ الفاقة لغة تعني الفقر والجوع وقديما أنشد أبو منصور الثعالبي بيتا من الشعر قال فيه :
بي فاقة ٌ غطَّيتُها بتجملٍ
وتحمُّلٍ وتَخَمُّلٍ وتَسَتُّرِ
والفاقة هي( الفقر المجلد) بفتح الميم وتشديد اللام و فتحها كما نقول بعاميتنا السمحة، إذن الفقر والجوع والمرض مثلث ظلننا نسكن فيه سنتين ونيف في ظل هذا العهد الغريب، وصل بنا الحال إلي اكتظاظ النساء والأطفال أمام الكافتريات الراقية وهم يحملون أكياسا لايريدون مالا … ! لكنهم يريدون فتات ما تبقي من طعام (الكرتة) يتسابقون عليه وسط زجر وصراخ و طرد صاحب الكافتيريا لهم و الذي يدعوهم بالابتعاد من أمام محله ، مشاهد ومناظر يندي لها الجبين، ويتحسر عليها القلب وجعا ،ومشاهد أخري تجدها أمام أماكن القمامة ينظرون من أعلاها وياخذون ما تبقي من طعام ،إنها الحقيقة التي لابد أن يعلمها حمدوك ورفاقه الذين يعيشون في البرج العاجي ويستمتعون بحياة الدعة والترف…

إن الزمان قد استدار …..ورجعت الشوارع مرة أخري للغليان وماحدث قبل يومين من حراك في بعض الولايات والخرطوم يدل علي ذلك ،نفس( الملامح والشبه) فيما حدث قديما قبل سنتين خلت ، ونفس الأسلوب ونفس الطريقة في قمع المسيرات السلمية بالبمبان وتفريقها ، الحراك الذي حدث هو حراك الجوعي وهو حراك المظلومين الذين شردوا من وظائفهم ظلما وهو حراك ذوي الشهداء الذين ذهب دمهم هدرا من لجنة لم تنجز بما كلفت به ، ما حدث من حراك يبدو أنه عملية احماء وتسخين لخوض مباراةالقمة التي سوف تكون في نهاية هذا الشهر،

لم يذهب الظمأ ولم تبتل العروق بل ثبت ذنبكم عند الله سبحانه وتعالي ياهؤلاء الذين تمتطون( الإنفينتي) وتجلسون في المكاتب الفخمة الباردة وتسكنون القصور الوارفة وتصرفون فيها المليارات لصيانتها ، بئر الوطن معطلة… وقصوركم مشيدة …… ولا يجد المواطن ثمن الدواء ، لم يتبق لنا إلا أن نربط أحجارا علي بطوننا الخاوية ، التي فقدت حتي القرقرة التي كانت من قبل جراء الأكل الذي ليس فيه قيمة غذائية انما هو (أملي كرشك فقط) ،الثورة القادمة هي حقيقة ثورة جوعي ،ثورة مسامير الأرض التي تخرج قبل الفجر لعملها المضني وتعود في ( انصاص اليالي) وهم يحملون تكلفة وجبة عدس واحدة بخبزها وربما لا يجدون ، مسامير الأرض الذين يأكلون في يومهم وأثناء عملهم وجبة واحدة ،الأسر السودانية كادت أكل وجبة لحم لها… أمنية يتمنونها عند ليلة القدر !…. وجبة اللحم صار المواطن لا يتذوقها…. إلا عبر أنفه فقط عندما يمر علي( اولاد امدرمان) للمشويات ،

فيا الذي فوق الشجرة العاجية ،أنزل من الشجرة لانريد منك ثمرا ….يحلب يعشينا بملعق الصيني لأن الملعقة قد إنكسرت……و لايصلحها إلا الحداد …و(الحداد عاوز فلوس) سوف يطلبها نظير إصلاحها…. ولا يوجد لدينا مال ….حتي ولو كثر ليس فيه فائدة ، المال يرزقنا الله به… وربنا … يا ربنا ……. تجيب البديل….. وتقلع هؤلاء وتأتي بغيرهم عاجلا غير آجل…. إنك سميع مجيب الدعوات…آمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى