هشام الكندي يكتب : الخبز : للمرطبين فقط

الخرطوم الحاكم نيوز
العم (بدوي) رجل جميل المحيا أنيق المظهر بجلابيته البيضاء يلاطفه كبار وصغار الحي لكنه مبتلى بشرب الخمر يخرج للحصول على زجاجة الشراب من طرف الحله يغطي الزجاجة باحترافية (بكم الجلابية) وحين يمر بركن يجلس به الشباب يداعبونه (يومك كارب الليلة …من ياتو طرمبة الشغل دا) يبتسم ويسرع الخطى ، مل عم (بدوي) من الحديث حوله ففكر أن يحمل الزجاجة داخل كيس أسود اللون غاشيا عمك (يوسف) بتاع الخضار يضع كمية من الخدرة عليها وعند مروره بالشباب يداعبونه (الليلة حلتك خدرة انشالله بالرز) يرد عليهم ضاحكا (اتفضلو معانا غداء مناجيا نفسه خدرة ياوهم) …شخصي يلمح أحد أطفال الحي بين مطبات الطرق يقود دراجته يحمل كيس عيش ليكون سؤال الفضول(من وين العيش)يرد الطفل من فرن المصباح (تجاري ولا مدعوم) (مدعوم ياعمك) (بكم العيشة) (بخمسة وعشرين)(دا ماغالي)(غالي وين ياعمك دا للناس المرطبيين).

فقضية الخبز كانت واحدة من أهم القضايا التي ارقت مركز الحكومات وأجبرت المواطن لملاحقة صفوفها ، حكومة جعفر النميري رغم قلة سكان العاصمة واعتماد الأقاليم على غير الخبز لم تستطيع كبحها كذلك حكومة سوار الذهب الإنتقالية وحكومة الأحزاب بقيادة الإمام الصادق وبروز شبح مجاعة 1986 زادت الطين بله مع موجات النزوح وحكومة العهد البائد أيضا لم تفلح في معالجتها مع تحسن نسبي في بعض السنوات وانحسار الصفوف حتي أصبح المواطن يختار الفرن البعجبو ويشوف العيش الساخن والمحمر حينها كان الجنية علية الرحمه يساوي أربع قطع من الخبز و الى زمن قريب كان الجنية يساوي قطعتين من الخبز وحتى ساعة قيام الثورة المدنيه كان سعر الجنية يساوي قطعة خبز واحدة واﻵن خمسة جنيهات تساوي قطعة خبز واحدة (المشترك غير متوفر) الوزير مدني عباس فشل في كيفية إدارة الأزمة وأن الصفوف فقط في مخيلة المواطن فله العتبى فلم تهدأ أنفاسه من جري القيادة الذي مزق ثوب يوسف أو ربما كان تظليل العربه (دوكو) فلم يرى ، وحديث حارقي بخور السلطان للعهد البائد يرفعون التمام للرئيس بأن لاصفوف بعد اليوم إلا صفوف الصلاة ، واليوم مفردة جديدة تضاف لكتاب العامية السودانية لعون الشريف (أخر الصف منو) .

سادتي حكومة الفترة الإنتقالية هل هي (إنتقالية أم إنتقامية) على قول وزيرة المالية ، فالمواطن قد أنتهكت آدميته وهو يكافح ويجابد فى الصفوف منذ الفجر أمهاتنا وأبائنا وأطفالنا بالصفوف زمهرير ضربات الشمس على رؤسهم وساعات يقطع للعجن و التخمير والناس تنتظر صفي وصفك مات الناس نتيجة المشاجرة من أجل قطعة الخبز وياليتها كانت مكتملة النمو أحياناً تكون أقل من (جنى سته) صغيرة وناشفه حطب مرورا بمرحلة الزلابية و زرارة الجلابية و لايعرف إن كان الدقيق مخلوط بموية الدميره أو حتى نوع الدقيق المستخدم و خبز الوزن عبارة عن عجين لبه (العيشه أم كرش) لكي ترفع الوزن ، وسمعنا (جعجعه عن الأفران المصرية ولم نرى طحينا) فحرام عليكم أن يحصل المواطن بعد طول المعاناه على خبز لا يمت للإنسانية بشيئ وحال الفحص بالخارج ربما يكون التقرير لايصلح للإستخدام الآدمي .

سادتي حكومة الفترة الإنتقالية أنزلوا من علياء قصوركم ومكاتبكم الوثيرة والكروزرات المظللة الى الشارع فصوف الخبز لاتخون لتروا (أسراب الضحايا الكادحون من الصباح فى الصفوف) بالله عليكم هل تعلموا أن المواطن أصبح همه الحصول على كيس الخبز وحال وصوله لبوابة المنزل ترتسم الفرحة على أهل البيت بالله عليكم الم يكن عيبا أن تتغزم آمال الشعب لتكون في قطعة الخبز وحينما خرج شهداء الثورة ضد النظام البائد لم يخرجوا للخبز خرجوا لآمال وأحلام (إتلاشت الأحلام) وقطعة الخبز الحطب أم خمس جنيهات لم تستطيع الثبات مع موجة إرتفاع الدولار وزيادة وقود السيد (جبريل) الجديدة (ترحيل ومدخلات وعمالة) وحال التفكير فى شراء الخبز التجاري بلغ سعر القطعة ثلاثون جنيها أي أصبح فقط للناس المرطبيين ميسوري الحال أو وزراء الغفلة الذين يصرفون بالدولار ، لافته بجانب المخبز كتب عليها (إشتري لك ولغيرك)أصبحت لا كيس معلق بها(من وين نجيب ليهم الكيس) سادتي هذا هو واقع الحال المر الذي أهان إنسان الشرف الباذخ ونكث جباه حرائر بلادي فيا حكام وطني إن لم تستطيعوا توفير الخبز فاذهبوا قبل الغد غير مأسوفا عليكم وضعوا المفتاح تحت الفرشة ، رحم الله أهل السودان شعبا وحكومة ورحم الله العم (بدوي) الذي تاب عن ماضيه فحسن إسلامه حيمنا كان يسأل من اي طرمبة يأتي بزجاجة الخمر والناس اليوم يسالون من يحمل كيس خبز(من وين العيش) (ياتو فرن شغال) بينما طرمبات الخمر مشرعة الأبواب لاتحتاج الى السؤال .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى