موقف الحزب الشيوعي السوداني من مبادرة العودة لمنصة التأسيس

الخرطوم الحاكم نيوز
تقديم
تقدمت مجموعة من المثقفين والمهنيين الوطنيين بدعوة الحزب الشيوعي السوداني وأحزاب ومنظمات أخرى لاجتماعات عامة عقدت بدار المهندس لمناقشة مبادرة أطلقت عليها “العودة لمنصة التأسيس” ولقد حضر ممثلون للحزب تلك الاجتماعات وأبدوا ملاحظات الحزب النقدية. ومن ثم تقدمت المجموعة بورقة عنونتها “ميثاق العودة الى منصة تأسيس ثورة ديسمبر” وقالت في مقدمتها أنها تعتبر تلك الورقة “البرنامج المتوافق عليه كأرضية لمنصة التأسيس” وقد ناقش المكتب السياسي للحزب الشيوعي المبادرة وما نتج منها من مشروع ميثاق او برنامج وقرر أن يصدر هذا الرأي التفصيلي.
منهج المبادرة:
لا بد من تسجيل موقفنا الواضح لمنهج المبادرة الذي يقفز لاقتراح حلول تنظيمية لمسألة أكثر تعقيدا تتعلق بمسار الثورة وبرنامجها في مقابل سياسة وقرارا وقوانين تتخذهم الحكومة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري مما نعتبره مخالف ومعارض لبرامج الثورة المتفق عليها قبل وبعد اندلاع الثورة، بل أننا نرى أنها سعيا ممنهج لتصفية الثورة واهدافها. إن محاولة لجنة المبادرة لتفادي هذه القضية كمحاولة تطبيب الجرح دون نظافته.
هل المشكلة تنظيمية؟
تتعامل المبادرة مع المشكلة وكأنها مشكلة تنظيمية وكيفية هيكلة قيادة الحرية والتغيير، وهذا تشخيص خاطئ للأزمة. ذلك أن جوهر الأزمة أن قوى في الحرية والتغيير لم تلتزم المواثيق والبرامج الموقعة بينها وانحازت للسلطة بشقيها المدني والعسكري الذين قررا تنفيذ برنامج مختلف عما توافقت عليه قوى الثورة قبل اندلاعها وبعد انتصارها.
هل هو تسويف وبطء في التنفيذ أم موقف سياسي واجتماعي
إن توصيف المبادرة لما يحدث من السلطة بأنه تسويف وبطء في الإجراءات فيه استهانة بطبيعة ما يجري تنفيذه كبرنامج واضح لقوى اجتماعية تريد أن تجعل من الفترة الانتقالية فترة تحول شكلي بينما تحافظ على الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية للنظام القديم عبر استمرار سيطرة الرأسمالية الطفيلية ومواصلة تصفية ما تبقى من قطاع العام فالحديث عن قضايا معيشة الناس ومعدل التضخم لا يمكن عزلها عن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها السلطة القائمة والمخالفة لكل مواثيق الثورة والبرنامج الاقتصادي الذي اقترحته اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير. وإن التأخير في تكوين المجلس الشعبي الانتقالي هو موقف مقصود حتى لا تخضع قرارات الحكومة وسياساتها والتشريعات التي تتخذها للرقابة الشعبية.
النقد الذاتي والالتزام ببرنامج الثورة
إن أي مبادرة جديدة للعودة لمنصة التأسيس لا تنطلق من نقد ما هو قائم وتقديم الفصائل المشتركة فيه نقدا ذاتيا علنيا امام الجماهير عن التخلي عن المواثيق والبرامج المتفق عليها ولا بد من الاتفاق بشكل واضح حول قضايا هامة تمثل جوهر اهداف الثورة:
1- السياسة الاقتصادية للفترة الانتقالية مرتكزة على اقتصاد مختلط تلعب فيه القطاعات العام والخاص المحلي والتعاوني والخاص الأجنبي والمشترك (القائم على مشاريع إنتاجية جديدة يحقق مصالح وطنية ومصالح للمشتركين) دورها وفقا لبرنامج ولخطة اقتصادية للدولة تعتمد حشد الموارد الذاتية ولا ترهن البلاد لرأس المال الأجنبي، بل تخلق علاقات واضحة لتبادل المصالح مع المجتمع الدولية ودون التحيز لمحور من المجتمع الدولي او الإقليمي. إن هذا ما يحل مشكلة المعيشة التي لا تحل خارج السياسة الاقتصادية المنحازة للجماهير.
2- السلام الشامل الذي يتحقق عبر اشراك كل الأطراف: كل الحركات المسلحة، اللاجئين والنازحين، المواطنين بمناطق الحروب والقوى السياسية والمدنية والذي يتوجه لحل القضايا الرئيسية المسئولة عن الحرب ومعالجات المظالم التاريخية ويمهد لعقد المؤتمر الدستوري الذي يقرر في مستقبل السودان، ونظام حكمه، وتقسيم السلطة، والثروة.
3- اصلاح الخدمة المدنية الذي يجتث دولة الشمولية والتمكين وينشأ خدمة مدنية مهنية تخدم الشعب ويصلح قوانينها ولوائحها ويختار كوادرها بمهنية عبر التنافس والمؤهلات ويضع نظام لتأهيلها المستمر
4- بناء الجيش الوطني ذو العقيدة الوطنية ويحل كافة الميلشيات والمجموعات العسكرية غير الرسمية ويستوعب ويدمج المؤهل منها ويسرح ويعيد تأهيل الاخرين لاستيعابهم في الحياة المدنية.
5- أن يهدف الإصلاح التشريعي لصيانة الحقوق الأساسية لمواطنين متساويين في دولة مدنية ديمقراطية ولإصلاح نظام الحكم وكفالة حقوق النقابات المستقلة وتحقيق شعار الثورة في العدل والحرية والسلام.
6- اصلاح المنظمة العدلية قانونيا وهيكليا وكوادرا.
7- تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية بالسرعة والحسم حتى يتعافى المجتمع وترد الحقوق لأهلها ويسود التسامح الاجتماعي بين الناس بعد تعافيهم من جراح ووطأة الظلم.
8- السياسة الخارجية المستقلة المتوازنة القائمة على المصلحة الوطنية والمصالح المشتركة بعيدا عن المحاور والاستقطاب الإقليمي والدولي
ولتحقيق كل ذلك لا بد:
1- من وثيقة دستورية جديدة تنشأ سلطة مدنية كاملة وتلغي العلاقة الشائهة التي أنشأتها الوثيقة الحلية وتعديلاتها.
2- تكوين حكومة تعبر عن الثورة وتلتزم ببرنامجها ولديها كامل السلطات التنفيذية التي تمتع بها رئيس الجمهورية في النظام السابق ومجلس سيادة مدني يقوم بمهام سيادية محدودة
3- قيام مجلس شعبي يراقب اعمال السلطة ويقوم بالتشريع الانتقالي.
4- تكوين المفوضيات الضرورية للفترة الانتقالية
5- الشروع الفوري في الاعداد للمؤتمر الدستوري.
6- اجراء الإحصاء القومي
7- الاعداد الفني للانتخابات العامة
اننا كحزب من اول من رفع شعار أوسع جبهة لاستعادة الديمقراطية وما زلنا حريصين على قيام أوسع جبهة لتحقق برنامج الثورة واكتمال الانتقال للديمقراطية وسنظل مستعدين دائما مستعدين للعمل المشترك الذي يتطور لتحالف جبهوي ولكن من خلال النضال الشعبي والجماهيري لتحقيق مطالبها. نحن لا نرفض الحوار مع قوى الثورة، ولكننا نرفض إعادة التجارب الفاشلة.

إن موقفنا من المبادرة المقدمة يتضح مما تقدم بأن حزبنا لن يوقع على الميثاق المقترح لأنه يعيدنا لتكرار التجربة التي أدت إلى ما نحن فيه الآن.
المكتب السياسي
الحزب الشيوعي السوداني
10 مايو 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى