إبراهيم عربي يكتب : (أيها السنابل) … العدالة لا تتجزأ ..!

الخرطوم – الحاكم نيوز
خرج علينا حزب المؤتمر السوداني (السنابل) ودونما مناسبة موضوعية ببيان يتحدث عن محاكمة رموز الإنقاذ المتهمين في بلاغ إنقلاب يونيو1989 ، بينهم الشيخ الزبير محمد الحسن الأمين العام للحركة الإسلامية والوزير الأسبق الذي توفي أمس الأول (ثالث ثلاثة) بعد أن ساءت حالته وهو داخل محبسه بكوبر في ظروف لازالت تثير تساؤلات وشكوك وتكهنات ، فيما قال السنابل في بيانه أن الحزب سعيد برؤية المتهمين في قفص الإتهام ، حاثا علي ضرورة إستعجال الفصل في البلاغ  بالسرعة المطلوبة ، ولكن يبدو أن هؤلاء قد تغافلوا أن للعدالة مطلوبات لابد من توفرها ، فالعدالة لا تتجزأ ..!
ربما كان البيان يستهدف جلب بعضا من التأييد لتلك الخطوة ولفت الأنظار إليها ، بإعتبار أن الإنقلابات هي التي أخرت تطور السودان ، وربما ذلك مسعى لتغطية عجز الحكومة وبل فشلها دون تلبية متطلبات وحاجيات المواطنين المعيشية والتي ظلت تتصاعد في كل المجالات بسبب سوء الإدارة والتدبير وإنعدام التخطيط الذي أصبح سمة ملازمة  لحكومة حمدوك ، والتي يشارك فيها السنابل بكامل قوتهم علي المستوي الإتحادي والولائي (سمبلة) .
وبالطبع كشفت الأيام أن السنابل كانوا موهومين تضخما للذات أكبر من ثقلهم سياسيا ، فكانت تلك النشاطات التي ملأت الشارع زعيقا مجرد عمليات (تعليف للقطيع وسواقتهم بالخلا) ، ولذلك عندما يأتي الحديث عن الإنتخابات تجدهم يفرون غير متحمسين لها لأنها تكشف حقيقتهم ، وقد فشل هؤلاء السنابل في كافة تجاربهم السابقة في الجامعات التي خاضوها أشتاتا ومتحالفين ضد الإتجاه الإسلامي بينما فشل رئيسه السابق إبراهيم الشيخ (المتماهي مع نظام الإنقاذ) في الفوز بدائرة إنتخابية للمجلس الوطني وسط أهله وبل فشل حتي في الحصول علي أصوات تؤهله لإسترداد تأمينه .
ربما البيان محاولة لتقديم الدعم لرفيقهم القيادي بالحزب مولانا الشيخ حسن فضل الله رئيس الجهاز القضائي بالخرطوم كأكبر جهاز قضائي بالسودان  ، رغم أنه لم يكن الأقدم بين قضاة المحكمة العليا مما يؤكد علو كعب المحاصصات السياسية حتي في منصب القضاء علي حساب الكفاءة والأهلية ، ورغم موقف الحزب المعلن أنه ضد المحاصصة السياسية خلال الفترة الإنتقالية ، فيما أعيد الرجل للخدمة ولازالت ملابسات إحالته للتقاعد تثير التساؤلات من قبل رؤساءه وزملاءه ، وكان نفسه مرشحا من قبل السنابل واليا للقضارف ولازالت الأسافير تضج بصورته وهو يتأبط ساعد القيادي بتجمع المهنيين مولانا إسماعيل التاج ناشطان يقودان التظاهرات ، وبالتالي فشل السنابل في مقاومة شهوة السلطة وإغراءاتها ليدخلوا المحاصصات من أوسع أبوابها بعد أن كانوا يدعون الزهد دون أحزاب (قحت) .
وليس ذلك فحسب بل لازالت مسرحية (إبراهيم الشيخ والبرهان) بساحة الإعتصام تثير لغطا ، فالسنابل من مهندسي الهبوط الناعم الذين أفسدوا التغيير وإختطفوا الثورة بشعارها (حرية ، سلام وعدالة) ، وبالتالي لا فرق بين ماتم في يونيو1989 وما تم في أبريل 2019 ، جميعها أحزاب إستقوت بالعسكر لتنال نصيبها من السلطة كاملة أو جزئية ولتلك تداعياتها ، ولذلك ما الفرق إذا بين من يحاكمون من قادة ورموز الإنقاذ والذين يحاكمونهم من جماعة الهبوط الناعم ..؟!.
مع الأسف أن بيان السنابل سعي لمناصرة كادره مولانا الشيخ لغمط رموز النظام السابق حقهم في تلقي العلاج ، لا سيما وقد تسربت معلومات تؤكد أنه قاد إتجاها مع إدارة سجن كوبر وأطباء السجن لوقف إحالة المعتقلين لأطبائهم ومشافيهم التي كانوا يتلقون العلاج بها ، وفيهم كبار سن وأصحاب أمراض مزمنة ، وبل ألزمهم بإحالة المرضي من كوبر لمستشفي الخرطوم أو الشرطة في مخالفة واضحة لقانون السجون ولائحته للعام 2013 والتي تكفل للنزلاء حق العلاج علي نفقتهم ، وقد ظل النائب العام مولانا الحبر يفتخر بذلك بمناسبة وبدون مناسبة ..!!
وأعتقد أن هذا التوجه الجديد سقط في أولي تطبيقاته علي الشهيد الزبير ،إذ أحيل الرجل منتصف ليلة الجمعة لمستشفي الشرطة وظل أطباء الطواري يجتهدون في التشخيص تارة إنه يعاني من إلتهاب سحائي وتارة أخرى يقولون إلتهاب فيروسي بالدماغ وثالثة جلطة ، وعندما إتجهوا لفحص القلب حيث كان يعاني مشكلة سلفا ، كان الأجل قد حان ، وللأطباء مقولة ذهبية (أن لحظة التدخل المناسبة والملائمة هي العتبة مابين موت المريض وحياته ..!) ، بالطبع نترك الحكم لفطنة القارئ والأيام كفيلة بكشف تلكم الملابسات ، ولابد من تحقيق حقيقي وشفاف يشارك فيه مندوب من أسرة الشهيد الزبير ..!.
ولكن ماذا يفسر حضور مولانا الشيخ بنفسه جلسات محاكمة رموز الإنقاذ ومتابعة الجلسات من داخل قاعة المحكمة ومن الكراسي الموجودة قرب القاضي المعني ، بصورة لم يعهدها القضاء من قبل عبر تاريخه ؟!، وبالطبع قد تكون مقبولة في مهنة التدريس ويقوم بها موجهي المواد المختلفة لمتابعة أداء المدرسين وتقييم أداءهم ولكنها (غير مقبولة) في أعمال القضاء ..!، أليست تعتبر تدخلا غير مباشرا في صميم إستقلال القضاء ؟!، وهل يعتبر ذلك تنفيذا لموجهات حزب السنابل  (إستعجال محاكمة رموز النظام السابق) ، أم ماذا هناك من سيناريوهات ؟!.
من الواضح أنما يدور بالساحة الآن لا يشبه الفترة الإنتقالية والتي لها سماتها ومطلوباتها وطريقتها وبرنامجها ، بل يشبه ذلك العمي المتعطش للسلطة الذي يقود صاحبه لذات المصير المجهول بكوبر ، أيها السنابل أهلنا يقولون (الدرب كتال) ، دم الشهيد ماراح وبالطبع لم يرح دم الزبير هدرا فالعدالة لا تتجزأ ..!.
الرادار .. الأحد الثاني من مايو 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى