تأملات – جمال عنقرة – الشهادات الأمريكية .. ومؤامرة تحطيم السودان (4-4)

الخرطوم الحاكم نيوز
تحدثت في حلقة الأمس عن بعض الوسائل التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية لتحطيم السودان بعزل الجيش عن الشعب، والعمل علي تدمير المقدرات الإنتاجية للمؤسسة العسكرية، وذكرت أنه علي مدار تاريخ السودان الحديث، لم يحدث أي فصام بين الشعب والجيش، وأن الجيش لم يتعد مطلقا علي أي حرية من حريات الشعب، ولم يحدث له أن سلب الشعب حقا من حقوقه، وأقول أيضا أن الجيش السوداني لم يحدث له أن حكم السودان إلا في مراحل انتقالية استجابة لرغبات ونداءات الشعب، وحدث هذا في أبريل 1985م، وفي أبريل 2019م، وفي نوفمبر 1958م حكم الجيش بطلب من رئيس الوزراء المنتخب، عندما احتدم الصراع بين الحزبين الكبيرين الأمة والاتحادي، وظهرت إرهاصات تدخلات خارجية، أما في مايو عام 1969م، فلقد حكم الشيوعيون والقوميون العرب باسم الجيش، ولم يحكم الجيش، ولم تنقلب مؤسسته علي السلطة، وفي يونيو عام 1989م، حكمت الجبهة الإسلامية القومية باسم الجيش، ولم يحكم الجيش، ولم تنقلب مؤسسته علي النظام الديمقراطي في البلاد، وحتى مذكرة الجيش الشهيرة في فبراير عام 1989م، والتي تذرعت بها الجبهة الإسلامية للإنقلاب علي السلطة كانت صنيعة حزبية.
المعركة الأوضح والأشرس لتحطيم السودان، من خلال تحطيم المؤسسة العسكرية السودانية، هي المعركة التي صارت مكشوفة، ضد منظومة الصناعات الدفاعية، وهي معركة لم يجد ولاتها ورقة توت يسترون بها عوراتهم، فهي معركة لا يسندها أي منطق أو قانون، ومن عجب أن حاولت أمريكا تغطيتها بما أسمته قانون التحول الديمقراطي والشفافية المالية، والشفافية المالية التي وصفوها بوضع استثمارات الجيش تحت تصرف إدارة مدنية، ودعونا نتحدث في هذا الأمر بصراحة ووضوح شديدين، وأنا دائما ما اتخذ من مصر وإثيوبيا مثالين لدور المؤسسة العسكرية التنموي في كل جوانب التنمية والبناء، ولنكتفي في هذا المقال بالتجربة المصرية، وهي تجربة أكثر رسوخا وشموخا، وفضلا عن أن مثال مصر قريب للسودان، فمصر دولة صلتها مع أمريكا ليست محل جدال، فلا يوجد مجال في مصر تتفوق فيه أي مؤسسة علي المؤسسات العسكرية، سواء في مجال الصناعة بكل أنواعها وأشكالها، فلا يوجد شئ لا تنتجه المصانع الحربية في مصر، ابتداء من ملاعق الطعام وحتى الطائرات، ولا توجد شركات بناء وتشييد أكبر من الشركات الحربية، ولا توجد في مصر مشافي أحدث وأكبر من المشافي العسكرية سواء التي تتبع للجيش أو المخابرات، أو الشرطة، ولا توجد الآن مؤسسة زراعية في مصر أحدث من مؤسسة الصناعات الدفاعية الزراعية، وكنت قد شهدت قبل نحو عامين أو ثلاثة افتتاح مزرعة أنشأتها في الصحراء بمساحة مائتي ألف فدان علي أحدث تقنية زراعية، يخصص إنتاجها كله للصادر، ولعل الناس في السودان قد عرفوا أن المخابز العشرة الضخمة التي تبرعت بها مصر للسودان أخيرا، هي من إنتاج المصانع الحربية المصرية، فلماذا لا يتحدثون عن ذلك سلبا، ويستميتون بلا حياء لتدمير الصناعات الدفاعية في السودان؟
إن الحديث عن تحويل شركات منظومة الصناعات الدفاعية إلى شركات مساهمة عامة، أو وضعها تحت إدارات مدنية هي مجرد محاولة للقتل البطئ، فالسودان أصلا دولة وشعب ثقافة الشراكة عندهم، لا أقول ضعيفة، ولكنها معدومة تماما، فعلي مدار تاريخ السودان لا توجد شركة مساهمة عامة أو حتى خاصة ناجحة، علي عكس كل دول العالم، ولعل طرفة محمد صالح الحلفاوي تفسر ذلك، وتقول الطرفة أن محمد صالح أسس شركة مع ثلاثة من أصدقائه، وكتب علي باب الشركة (محمد صالح وشركاؤه) فاختلف مع واحد منهم وأخرجه، وغير اليافطة إلى (محمد صالح وشريكاه) فاختلف مع أحد الشريكين وأخرجه، وكتب (محمد صالح وشريكه) فلما اختلف مع هذا وأخرجه كتب (محمد صالح وحده لا شريك معه) فالأعمال الكبيرة في السودان كانت كلها استثمارات فردية، الشيخ مصطفى الأمين، ابو العلا، أبو رجيلة، ساتي، وغيرهم، وحتى اليوم الأعمال الكبيرة كلها فردية أو اسرية، أسامة داود، البرير، وجدي محجوب، ابراهيم مالك، وغيرهم، فلا توجد في السودان قديما أو حديثا شركة مساهمة واحدة عامة أو خاصة ناجحة، والمؤسسات العسكرية التي يسعون إلى تحطيمها، يفعلون ذلك لتحطيم مقدرات السودان الإنتاجية، وهي المؤسسات الوحيدة الناجحة في كل المجالات، ولم تنجح لأنها تمتلك رأس مال أكثر من غيرها، أو أنها تمتاز باعفاءات وامتيازات خاصة، ولكنها ناجحة لأنها تدار بطريقة الضبط والربط العسكرية، ولأنها ليس فيها محسوبيات، ولا مجاملات، وليس فيها اختلاسات ولا سرقات، ولأن العاملين فيها يعتبرون العمل في هذه الشركات مثل القتال في ميادين العراك، لا تراجع ولا استسلام، ولهذا نجحوا وفشل غيرهم الذين شعارهم (جلد ما جلدك جر فيهو الشوك) ولكن جند الوطن، الذين يفدون الوطن بأرواحهم، يتفانون في خدمة شركات الوطن، والذين يتحدثون عن الإمكانات، نقول لهم أي إمكانات أكبر التي في مشروع الجزيرة أكبر مشروع زراعي تحت إدارة واحدة في العالم، أم شركة زادنا التي يمكن أن تكون مثل الصفر علي شمال مشروع الجزيرة، ولكنها استطاعت برؤية العاملين فيها والقائمين عليها من بعد توفيق الله تعالي، أن تضع بصمة علي الخارطة الزراعية في السودان، ولا أود أن أذكر الأمثلة التي أشعت وأضاءت وحدها، مثل جياد، والصافات، وغيرها من شوامخ الصناعات الدفاعية، ولكن دعونا نذكر أمثلة قد لا يلتفت لها كثيرون المشافي العسكرية مثلا، مثل علياء والسلاح الطبي، وساهرون، والأمل، ومثلها في كل ولايات السودان، والجامعات مثل كرري والرباط، وأكاديمية الأمن العليا، وغيرها.
إن المعركة ضد الجيش، وضد المؤسسات الإنتاجية العسكرية، هي معركة من أجل تحطيم السودان، وعلينا أن نفهمها هكذا، مهما تدثرت بشعارات، وتزينت، ونحمد للقوي السياسية الوطنية أنها كلها تقف مع الجيش في خندق واحد لصد الهجمة التي تستهدف الوطن عبر جيش الوطن، والرحمة والمغفرة للزعيم الوطني الراحل المقيم السيد الإمام الصادق المهدي الذي كان أول من فطن إلى ذلك، ونبه له، ومليار تعظيم سلام لمولانا السيد محمد عثمان الميرغني آخر من أرسل رسالة نصرة ومؤازرة لجيش الوطن، والتحية والتقدير لكل قادة حركات الكفاح المسلح، الذين يعرفون قيمة الجيش، وقيمة أن يكون للوطن جيش قوي وصامد، وتحية خااااااااصة لصديقي وأستاذي وصاحبي، ورفيقي لسنوات طوال، الفنان الشامل، أبي العباس حبيب الناس الأستاذ الكبير السر أحمد قدور، الذي اتصل بي مساء الأمس وتحدث بحسرة ومرارة عن المؤامرات التي تحاك ضد جيش الوطن، وبعث لي بصوته أغنية كتبها، ولحنها باسم (جيش الوطن) تحية لجيش الوطن حامي البلاد المؤتمن .. حامي الديار ركازة في وقت المحن ..صفحات فخارك يلمعن .. واقفين معاك دايما معا .. جيش الوطن يفدي الديار يحمي الحدود .. يعطي ويجود من غير من .. مجدك جديد فوق القديم .. ماسك طريقك مستقيم .. لا ضعف لا خوف لا وهن … جيش الوطن.

Exit mobile version