مجلس تشخيص .. مصلحة من ؟ – تحليل سياسي : محمد لطيف

الخرطوم الحاكم نيوز
في العام 1988 .. أي بعد نحو عشر سنوات تقريبا من نجاح الثورة الإيرانية .. وسيطرة الملالي على الدولة فى إيران .. وبتوجيه مباشر من آية الله الخميني .. تم إنشاء مؤسسة ذات صفة إستشارية .. كما كان تعريفها .. وبإسم مجلس تشخيص مصلحة النظام .. ولكن بالنسبة لمراقبي الشأن الإيراني فى الداخل و الخارج .. كان جليا أن الأمر لا يعدو أن يكون إلتفافا من الخميني على جهاز الدولة .. لتمرير ما يشاء من سياسات .. أي مجلس خارج المؤسسات ولكن فوقها .. لسبب ما تذكرت مجلس التشخيص هذا وأنا أطالع لائحة قيل أنها خاصة بمجلس شركاء الفترة الإنتقالية .. وتوضح اللائحة أنها .. أو أن المجلس قائم بموجب المادة 80 من الوثيقة الدستورية .. والمادة نفسها إنتاشها كثير من النقد .. ولكنا نتجاوز ذلك لقناعة نحسب أنها موضوعية .. هى أن المشرع حين ذهب الي إنشاء هذا المجلس .. ومنحه الصبغة الدستورية .. هدف لأمرين أساسيين .. اولهما تقنين ما كان قائما أصلا .. ثم أن المجلس يشكل هيئة إستشارية تتيح مساحة لتبادل الأفكار وتطوير الرؤى وتقريب وجهات النظر .. حال تباين المواقف .. بعيدا عن ضغوط المؤسسات الرسمية .. والمواجهات الحادة .. حال تقابل ممثلي هذه المؤسسات لا تكاملهم ..!
أما الأمر الأول .. فالكل يعلم أن إجتماعات عديدة إنعقدت وفى مناسبات مختلفة ضمت ممثلين للسيادى ومجلس الوزراء ومركزية الحرية والتغيير .. للتفاكر والتشاور و تقريب وجهات النظر .. في أيما أمر إستشكل شأنه على المؤسسات .. ولأن الرؤية الأولية أو الفكرة الأساسية التى طرحت فى تعريف هذه اللقاءات المشتركة .. كانت هي مسألة تقريب وجهات النظر هذه .. فقد إعتبر قيام هذا المجلس محض تقنين لشكل قائم أصلا .. وأن مهمة المجلس لن تتجاوز الدور التشاوري .. ولكن .. يبدو أن الأمر ليس بهذه البساطة التى يحاول أن يصورها البعض .. وإليكم الدليل ..!
فنظرة سريعة على لائحة مجلس شركاء الفترة الإنتقالية تقودك الى قراءات بعيدة كل البعد عن كون هذا المجلس .. محض مساحة للعصف الذهني .. ولكن المجلس هذا .. وحتى قبل النظر فى موضوعه يحمل ما يعيبه شكلا .. ففي بند الأحكام العامة نقرأ المادة التالية ( تسري احكام هذه اللائحة من تاريخ إجازتها فى إجتماع قانوني للمجلس ) .. أما تعريف المجلس بنص ذات اللائحة .. فقد ورد فى باب تعريفات ( المجلس يقصد به مجلس شركاء الفترة الإنتقالية المنشأ بموجب المادة 80 من الوثيقة الدستورية ) .. وهذا يعنى أن هذا المجلس هو الذى يشكل نفسه بنفسه .. وهو ما يعرف دستوريا بأنه سيد نفسه .. وهذه صفة لا تنالها إلا البرلمانات .. أي أن هذا المجلس لا مرجعية له يحتكم اليها .. !
أما من حيث الموضوع فصحيح أن مشروع اللائحة ينص على ( تنسيق الرؤى والمواقف بين أطراف الوثيقة الدستورية والسلطة الإنتقالية وحل التباينات التى تطرأ بينها ) .. وكان الظن أن هذا هو المطلوب من المجلس وكفى .. ولكن الصحيح ايضا .. أن من بين إختصاصات المجلس وسلطاته .. علما بأنه مجلس إستشاري لا سلطات له ولا سلطان .. ولكن يبدو أن للمشرع رأي آخر .. فقد اصبح للمجلس سلطات منها .. وبنص اللائحة .. ( متابعة القضايا الإستراتيجية ) ولئن سألت عن تعريف القضايا الإستراتيجية وماهية المتابعة ..؟ فاللائحة تصمت عن ذلك .. وتترك الأمر لإجتهاد المجلس بالطبع .. ثم تنص اللائحة على أن من سلطات المجلس .. (العمل على إنجاح المرحلة الإنتقالية وضمان تنفيذ الوثيقة الدستورية ) .. وكالعادة تصمت اللائحة عن تحديد الآليات والطرق والوسائل التى يعمل بها المجلس لإنجاح الفترة الإنتقالية .. أما الأخطر من ذلك .. فصمت اللائحة ايضا عن مدى السلطات والصلاحيات التي سيتمتع بها هذا المجلس لـ ( ضمان تنفيذ الوثيقة الدستورية ) ..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى