صالح الريمي يكتب : بالحب نربي أبناءنا

الخرطوم الحاكم نيوز

أكدت المجتمعات الحديثة والمعاصرة على أهمية مرحلة الطفولة وأثرها على التنشئة السليمة، ومرحلة مهمة في حياة الإنسان، وأطفالنا أمل الحياة وهبة الله وأمانة ومسئولية وفجرها الضاحك وحلم المستقبل، والبذور إذا عُني بها خرج الزرع طيباً، وجيلاً صالحاً.

أنقل لكم قصة تربوية من كتاب ممتع ومفيد اسمه “بالحب نربي أبناءنا”.. كتاب جميل وخفيف ومليء بالقصص المؤثرة، كتاب رائع يوصل الفكرة بطريقه ممتعه عن طريق قصص وتجارب الاطفال والأهل والمعلمين، كيفية تربية الأبناء ومعالجة أخطائهم بالحب والرفق والرحمة ودون الحاجة إلى استخدام الضرب.

يقول أحد الآباء: كنا نجتمع دوماً في بيت والدي كل يوم جمعة، وكنت أذهب مع زوجتي وأبنائي وكذلك يفعل إخوتي، وفي اللقاء العائلي الجميل لابد وأن تحدث من الأطفال بعض الأخطاء وكنت حريصاً أن يظهر أبنائي بالمظهر اللائق !!

لكن ابني ذو العشر سنوات كان كثير المشكلات، وكنت أعاتبه أمام الجميع إذا أخطأ وأحياناً أضربه أمام الجميع، فكان عناده يزداد كل مرة عن التي قبلها، وتكررت المشكلات بسبب ابني لدرجة أن والدي “جده” قال لي أمامه عندما تأتي لزيارتنا لا تحضر ولدك معك !! هذه الكلمة كانت سبباً لحزني وغضبي وفجرت البركان في داخلي فضربته فور عودتنا إلى البيت.

في اليوم التالي جلست أفكر: الأولاد كلهم هناك يلعبون ويخطئون فلماذا يبدو للجميع أن ابني هو أسوء الحضور؟ وما الذي يزيد أخطاءه ويظهرها بتلك الطريقة الغير لائقة؟ وبعد تفكير ومراجعة للأحداث اكتشفت أنني السبب حيث ارتكبت معه خطأين.

الأول: عندما نكون هناك أحرص دوماً أن يظهر بلا أخطاء فتكون عيني عليه دوماً ترصد تحركاته وتصحح تصرفاته وأنصحه أمام الجميع أولاً بأول !! وأصرخ في وجهه وقد اضربه ليكون مؤدباً هادئاً !! وهذا ما لا يفعله باقي إخوتي مع أبنائهم.. وتلك الطريقة هي التي جعلت عيوب ابني تظهر أكثر من غيره وجعلته يعاندني أكثر فأكثر !!

الثاني: أنني أشعر دوماُ أنه سيء وكلما اشتكى منه أحدهم أصدقه وأعاقب ابني دون أن أترك له فرصة ليدافع عن نفسه.. طبعا فهو المشاغب والمزعج دائماً !! فقررت أن أصحح ما أفسدت يداي فناديت على ابني وقلت له: إنني لا أريد الذهاب إلى بيت جدك وحدي فلن يكون للزيارة طعم من دونك وأنا متأكد أنك ولد جيد وستكون هناك أفضل فتعال نفكر معاً كيف يعرف الآخرون مافيك من خير.

فرح ابني المسكين لكلماتي ولمعت عيناه وبدأ يفكر معي، ووصلنا للأفكار التالية: نذهب في الزيارة القادمة لفترة خمس دقائق فقط يقدم فيها هدية لجده ولجدته ويعتذر عما فعله في الزيارات السابقة، والزيارة الثانية يقوم فيها بمساعدة جدته في المطبخ وتنظيف المكان وحمل اطباق إلى المطبخ بعد الفراغ من الطعام، وأنا أثني عليه أمام الجميع.

الزيارة التي تليها يأخذ حلوى بسيطة ويوزعها على الأطفال أبناء عمومته، واتفقنا على إشارة سرية بيني وبينه أقوم بها لينتبه إلى ما وقع فيه من خطأ أو أنادي عليه وأهمس في أذنه بما أريد ولا أحرجه أمام أحد بتوبيخ أو تعنيف !! طبعاً كنت أكافئه في طريق عودتنا على كل فعل جيد يفعله هناك وبعد تطبيق الخطة وتكرار بعض بنودها تغيرت الأحوال وأصبح ابني خلال الزيارات الاسبوعية بشهادة الجميع أفضل أبناء العائلة أدباً وطاعة.

ترويقة:
يقول علماء التربية: إن تربية الأبناء عمل فاضل وشاق وجهدٍ يحتاج إلى وقت وتفاني لتنشئة الفرد وإعداده على نحو متكامل أخلاقياً وسلوكياً وعاطفياً، فإذا نظرنا إلى واقعنا المؤلم في أخلاق وسلوك أطفالنا يتبين لنا مدى أهمية التربية في تنشئة جيل صالح يعمل لخدمة الأمة.

ومضة:
فالمربي راع «وكل راع مسؤول عن رعيته».. قال الله تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً).

كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى