تحليل سياسي : محمد لطيف-الطيران المدني أو .. قتل الأم لسلامة الجنين !

الخرطوم الحاكم نيوز
كنت اعيب دائما على بعض شباب الصحفيين عدم إجتهادهم فى التسلح بالمعلومات قبل خوض غمار أي حوار صحفي أو مقابلة مع مسئول .. ولكن وجدان طلحة فى السوداني .. وعبر حوارها مع المدير العام لسلطة الطيران المدني إبراهيم عدلان قدمت لنا نموذجا مختلفا ومشرفا .. دقة الأسئلة وحدها وإحاطة السائلة بموضوعها .. كشفت فى الواقع ضعف موقف ضيفها .. إن لم نقل ضعفه هو شخصيا .. ورغم قناعتى بأن الرجل فوق الشبهات .. إلا أن موقفه من بعض القضايا التى أثارتها وجدان .. دفعنى لما وصلت اليه أعلاه .. فهل يعقل أن يكون الحل لدى مدير سلطة الطيران المدنى .. فى أمر بناية مخالفة وبالتالى مهددة للسلامة الجوية .. هو إغلاق المطار ..؟ هذا نموذج واحد لجملة إفادات غريبة وردت في حوار السودانى بالأمس ..!

من الإفادات المثيرة التى ادلى بها مدير سلطة الطيران المدنى ما ورد على لسانه (النظام السابق اخذ (750) مليون دولار للمشروع ولا احد يعرف اين ذهبت ) .. ولكن على بعد سطر واحد يكشف المدير العام بنفسه أنه يعرف اين ذهبت .. حين يقول (تم بناء عمارات في المجاهدين ) .. وذلك فى إجابة على إستفهام إستنكاري من المحررة حين تسأله ..( كيف لا تعرفون أين ذهب هذا المبلغ الضخم ؟ ) .. فتسأله المحررة مرة أخرى .. لصالح من بنيت هذه العمارت ..؟ وهنا يروغ المدير عن الإجابة الصحيحة .. بإجابة يمكن أن تكون آخر ما يتوقعها أي صحفى .. فقد كان رد سيادته (أبحثوا أنتم عن المعلومة ) .. ولا شك ان المحررة قد صعقت من هذه الإجابة .. فالصحافة ليست سلطة تحري أو تحقيق بأي حال من الأحوال .. الصحافة مهمتها تسليط الأضواء الكاشفة على مواقع الخلل .. في أي مرفق عام .. و قد بذلت المحررة غاية جهدها لتمليك الرأي العام الحقائق حول مصير مبلغ يقارب المليار دولار .. لذا يكون محيرا .. أن يطلب منها السيد المدير المزيد .. عوضا عن أن تكون إجابته أنه قد وضع كل المعلومات ذات الصلة أمام النيابة لتقوم بدورها الطبيعى .. إن كان حريصا على أخذ الأمانة التى تولاها بحقها .. ولكن يبدو أن المدير لم يفعل ذلك .. وإلا لكان قد اعلن عنه ..!

وما ينطبق على مصير مبلغ السبعمائة وخمسون مليون دولار .. ينسحب كذلك على ..التجاوزات التى قال إن منسوبوا النظام البائد قد إرتكبوها .. معترفا أن نتائج تلك التجاوزات لم تكن محض نزهة عابرة .. بل كانت كوارث راح ضحيتها مئات السودانيين .. كما اعترف المدير بنفسه .. ولكن المدير العام لسلطة الطيران المدنى .. في هذه ايضا .. قد اكتفي بمجرد الحكي .. مثله مثل أي مواطن .. ولم يقدم دليلا واحدا .. يعكس جديته فى التعاطى مع تلك التجاوزات التى جاءت على حساب سلامة الطيران .. فكانت نتيجته مئات الضحايا ..!

ونعود الى ما بدأنا به .. فقد أفاد المدير العام لسلطة الطيران المدنى .. أن بنايات بناحية كوبر تهدد سلامة الطيران قرب المطار .. وبسؤال المحررة عن ما اتخذت من إجراءات لمعالجة الوضع .. قدم المدير قصصا أخرى عن تعنت من الشرطة الخ .. أما حله العبقري فقد كان إنه سيغلق المطار .. إنها نظرية قتل الأم لسلامة الجنين .. وليس العكس ..!

الخلاصة ان نقاطا كثيرة في حوار السيد مدير عام سلطة الطيران المدنى مع السودانى جاءت مثيرة .. ولكنى اكتفيت بالأكثر إثارة ..!

السوداني الأربعاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى