بُعْدٌ .. و .. مسَافَة – مصطفى أبوالعزائم – برنامج وطني للخروج من الأزمة

الخرطوم الحاكم نيوز
ظُهر السّبت بداية هذا الأسبوع كُنّا على موعدٍ مع طرحٍ جديد في السّاحة السّياسيّة ، تصدّر الموقف وقادته مجموعة لا نشُك أو نُشكّك في ولائها الوطني ، حتى وإن إختلفنا مع بعض أفرادها ، وقد قدّمت هذه المجموعة طرحها تحت مسمّى ” مشروع البرنامج الوطني ” من داخل القاعة الرئاسية في قاعة الصداقة بالخرطوم ، وكنت من ضمن الحضور الصحفي والإعلامي الذي تلقّى الدعوة ليكون شاهداً على الحدث ، ولم أكن أتوقّع حضوراً كبيراً ولافتاً خاصةً وإن الدعوة كانت قبل أيام قليلة من الحدث نفسه ، لكنني وللأمانة والتاريخ فوجئت بحشد جماهيري كبير داخل القاعة الرئاسية وخارجها ، حشدٌ رأينا فيه الشّمال والشّرق والغرب والجنوب الجديد ، ورأينا فيه أنفسنا نعيش في سودان الغد الذي نحلم به ، ونتمناه لأبنائنا وبناتنا وأحفادنا .
المجموعة التي أطلقت مشروع البرنامج الوطني تسمّتْ به وأعلنت عن إسم مكوّنها السياسي وهو قوى إعلان البرنامج الوطني ، وهي تضُمّ مجموعة من التكتلات والتنظيمات والأحزاب السياسية حيث تضم عضويتها كُلّ من تحالف نهضة السّوُدَان ، وتيار الطريق الثالث ، والمؤتمر الشّعبي ، إلى جانب كتلة المستقلين ، والحزب الإتحادي الديمقراطي ، وحزب العدالة ، إضافة إلى كتلة المشروع القومي الجامع ، وحزب حركة المستقلين .
خاطب الجلسة المحضورة والتي نقلها الإعلام المرئي المحلي والخارجي ، خاطبها الدكتور التجاني السيسي الذي قدّم خطاباً ضافياً ، أشار فيه إلى مآلات الصراع السياسي الذي أوصل بلادنا إلى ماهي فيه الآن من أزمات بسبب القيادات السياسية والنخب المجتمعية التي لم تجتمع أو تجمع على مشروع وطني يؤسس لبناء الدولة السًودانية الحديثة ، وهو ما شكّل مدخلاً للإختلاف والتنازع والحرب بين مكونات المجتمع المختلفة خاصةً في المجالين السياسي والمجتمعي .
خطاب الدكتور السيسي تضمّن إنتقادات لاذعة للحكومة الإنتقالية وحاضنتها قوى إعلان الحرية والتغيير التي بدأت مسيرتها بعد توليها السلطة في أعقاب سقوط النظام السابق ، بإقصاء القوى السياسية الأخرى الفاعلة في المجتمع .
خطاب قوى إعلان البرنامج الوطني حذّر من أن السودان الآن في مفترق طريق بحيث يكون أو لا يكون ، وهو ما يستدعي إعمال الحكمة في التعاطي مع ترتيبات الفترة الإنتقالية ، إذ تسيّدت قوى إعلان الحرية والتغيير المشهد منذ تكوين حكومةٍ الفترة الإنتقالية ، لكنها فشلت في إدارة البلاد فشلاً ذريعاً ، وأوصلت البلاد إلى طريق مسدود نتيجة التخبّط الإداري والسياسي وانعدام الخبرة مع غياب البرنامج والرؤية الثاقبة لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد .
ما حدث بالسبت في تقديرات كثير من المراقبين لن يقف عند ذلك الحد الذي وقف عنده ، بل هو بداية لتغيير حقيقي في خارطة الحكم والسلطة التنفيذية وفي عمر الحكومة الإنتقالية الحالية ، مع ظهور قوىً سياسية جديدة كانت مغيّبة عن المشهد السياسي ، إما بفعل الحرب وحمل السلاح وإما بالتضييف والإقصاء المقصود .. أمامنا الآن أيام لنرى ردة الفعل الشعبية ، وأمام القوى السياسية إمتحان كبير في الحادي والعشرين من أكتوبر الجاري ، وينتظر من ينتظر أكتوبر الأخضر ، وينتظر من ينتظر ليقول في وجه من أضاع فرصة الخروج من هذه الورطة : أكتوبر الحزين يا طفلنا الذي ضيّعه العدا .. والشعب يحلم بوطن يسع الجميع يأكل فيه الناس ويشربون ويتنفسون هواء الحرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى