شــــــــوكــة حـــــــــوت- ياسر محمد محمود إحـســـاس الـغــــربــة

قمة إحساس الغربة عندما تكون داخل وطنك وتحاصرك الهموم وتسرق المنام من العيون ويتمثل إحساس الغربة عندما يتحول الأمل إلى ألم وتتلاشى الأمنيات فى الفضاء العريض وتتناثر الأحلام كما تتناثر حبات الرمل من بين الأصابع وتتباعد الخطى يوماً بعد يومٍ فى ظل الظروف القاهرة التى تحول بين المرء والقيام بأبسط الواجبات الإجتماعية وتتقاصر الخطى حتى عن صلة الأرحام ليس من فرط الجفاء إنما بدواعى الأوضاع الحياتية المعقدة من دون أن تكون هناك حلول تلوح فى الأفق القريب

قمة إحساس الغربة عندما تجد نفسك فى مركبة عامة وأنت تخفض بصرك عن الناس حتى لا تضطرك الظروف أن تدفع إلى أحد معارفك أو أحد زملائك الذين تربطهم بك علاقة إجتماعية ليس لأنك شحيح لكنك لا تملك ما تدفعه لهم أصلا وهم يشاركونك نفس الإحساس فى ذات الوقت وتكون اليد مغلولة من دون أن يكون لك فى ذلك سبب ، قمة إحساس الغربة أن تمد يدك إلى أخ أو صديق لتبحث عنده حاجة من حوائج الدنيا فيكون الإعتذار هو الحاضر الذى يتدثر بثوب الحياء ويكون لسان الحال أن ألزم الصبر والحال يغنى عن السؤال

قمة إحساس الغربة أن يمد طفلك يده لك من أجل الحصول على فتات مال يبعث فيه الفرح وتفشل فى ذلك وهو لا يعلم أنك تعانى أيما معاناة فى توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة اليومية وهو لا يعلم أنك تتنازل عن وجبتك لتوفر له وجبة لم يسهل الحصول عليها إلا إذا ما تركت أنت تناول هذه الوجبة قمة إحساس الغربة أن يصعب عليك الحصول على جرعة لبن حليب يزرع الإبتسامة فى شفاه أطفالنا الذين فارقهم الإبتسام وأصبحوا يتقاسمون الهم معنا فى كل اللحظات قمة إحساس الألم أن تر طفلك يتلوى من الألم وأنت لا تملك مصاريف علاجه أو تملك ما تأخذه به إلى عيادة الطبيب

قمة إحساس الغربة أن تغلق عليك غرفتك وتذرف الدموع كما الأطفال ليس من ضعفك إنما لقهر الظروف التى جعلتك تقف موقف الغريب فى قلب وطنك قمة إحساس الغربة أن يكون جسدك مع أهل بيتك وروحك وقلبك تحاصرهما الهموم والأوجاع وقمة إحساس الغربة أن تضطرك الظروف أن تقصر فى عملية مد بِيِض أياديك التى كنت تمدها فى سود ليالى إخوانك وأهلك وعشيرتك ومعارفك والغربة ليست أن تهاجر عن وطنك إنما الغربة الحقيقية أن تشعر بهذا الإحساس داخل وطنك الذى ولدت فيه وتحمل جنسيته ويتحول وطنك إلى منفى وسجن

نــــــــــص شــــــــوكة

رد الله غربة الوطن التى يعيشها ورد الله غربتنا التى نعيشها وما أقسى إحساس الغربة المعطونة بماء الوجع الأليم ورددنا جميعا ضاقت وأستحكمت حلقاتها وتانى ضاقت

ربــــــــع شــــــــوكــة

(الدنيا تكتل أبوك وتحضرك عرس أمك)

yassir.mahmoud71@gmail.com

Exit mobile version